تفاصيل «البنيان المرصوص»: إغلاق «بوّابة صنعاء» موثّقاً بالصوت والصورة
توّجت صنعاء عملية «البنيان المرصوص»، بعد أيام من التقدّم العسكري شرق العاصمة، ببثّ مشاهد توثّق الإنجازات الجديدة. إنجازاتٌ قطعت طريق صنعاء نهائياً، وقلبت المراوحة العسكرية لسنوات في تلك الجغرافيا الوعرة لتصبح المعادلة وقوف الجيش اليمني و«اللجان الشعبية» على أبواب مدينة مأرب، العاصمة العسكرية لحلفاء الرياض وعاصمة اليمن الاقتصادية
صنعاء |
بعدما واجهت حكومة الرئيس المنتهية ولايته، عبد ربه منصور هادي، نكسة قواتها («الجيش الوطني» أو «جيش الشرعية» وميليشياته) في نهم (شرق صنعاء) بالتشكيك الإعلامي لتخفيف سخط الموالين في المحافظات الخارجة عن سيطرة حركة «أنصار الله» وحلفائها، انتقلت صنعاء إلى الكشف عن تفاصيل المعركة موثّقة بالصوت والصورة من قِبَل «الإعلام الحربي». توثيق الإنجازات يأتي بعد أيام على الإعلان عن التقدّم مسافة 2500 كلم حول «مثلّث النصر» كما بات يُعرف، والمقصود به المحاور الممتدّة من البوابة الشرقية للعاصمة صنعاء، إلى البوابة الغربية لمدينة مأرب، فالبوابة الشرقية لمركز محافظة الجوف.
أكثر من صورة كشفها المتحدث الرسمي باسم القوات المسلحة، العميد يحيى سريع، في مؤتمر صحافي عقده أمس حول مجريات عملية «البنيان المرصوص»، أكدت مدى نجاعة واحترافية التخطيط العملياتي والتكتيك العسكري الذي تغلّب على وعورة المنطقة المكوّنة من سلسلة جبلية وتباب معقّدة على امتداد مئات الكيلومترات، ومع فارق في التسليح. السخرية والروايات المضادة التي روّجت لها وسائل الإعلام الموالية للتحالف السعودي، جاء الردّ عليها من العميد سريع بما يُنهي الشكوك، ويكشف حجم الانتكاسة التي مُنيت بها قوات هادي التي أسندها طيران «التحالف» بالغارات الجوية. كما فضحت الصور الاستعدادات الضخمة المبيّتة لـ«التحالف» والقوات الموالية له في جبهة نهم وعدد من الجبهات الواقعة في نطاق محافظتَي مأرب والجوف، تجاه الهدف الأساسي من التصعيد العسكري شرقي صنعاء، وهو التقدم إلى أقرب نقطة من العاصمة كمقدّمة للهجوم عليها.
ووفقاً للعميد سريع، فإن من بين الألوية التي شاركت في العملية الهجومية في نهم (جرت منتصف الشهر الماضي واستمرّت أكثر من 12 ساعة، وتمّ التصدي لها وتحويلها إلى هجوم عكسي): «اللواء 125»، «اللواء 172»، «اللواء 133»، «اللواء 29 ميكا»، «لواء الحسم»، «اللواء الأول مشاة»، و«اللواء 81»، وألوية أخرى. كما شاركت في العملية 20 كتيبة منها «كتيبة المجد» و«كتائب المهام» و«كتائب الشدادي»، وهي تتبع حزب «التجمّع اليمني للإصلاح» («الإخوان المسلمون» في اليمن). وخلال الأيام الثلاثة الأولى من المعركة، تمكّنت قوات الجيش و«اللجان الشعبية» من الانتقال من وضع الدفاع إلى الهجوم، لتشنّ عملية هجومية من أربعة مسارات استطاعت خلالها من ضرب الخطوط الأمامية للعدو، وتقدّمت في المناطق الجبلية لتحسم المعركة وتسيطر على جبهة نهم بالكامل.
قدّر سريع عدد القتلى والمصابين بأكثر من 3500 بينهم 1000 قتيل
وعلى وقع انهيار قوات «الشرعية» ومعها ميليشيات «الإصلاح» في نهم، تقدّمت قوات صنعاء إلى ما بعد نهم. وكانت النتيجة الأولى لـ«البنيان المرصوص» انهياراً كبيراً في القوات المدافعة، وفرار الآلاف منها، بعدما تمّ السماح لهذه العناصر بالمغادرة. ووفقاً للعميد سريع، فقد قُدّر عدد قتلى ومصابي تلك القوات وميليشياتها بأكثر من 3500 بينهم 1000 قتيل، يضافون إلى عدد كبير من الأسرى. المشاهد التي وثّقها «الإعلام الحربي» التابع لقوات صنعاء كشفت جانباً مهماً من المعركة على جبل المنارة الاستراتيجي في نهم، حيث استهدف فيها مقاتلو الجيش و«اللجان» الثكنات، وتمكّنوا من اقتحام القمم العالية، ليبسطوا من خلال ذلك سيطرتهم النارية على فرضة نهم ومناطق واسعة، ويبدأوا من ثمّ التقدّم ميدانياً نحو السيطرة على تبة الحمرة، فمعسكرات في وادي ملح الذي كان يُعدّ بمثابة مركز عسكري لتزويد الجبهات بالسلاح والغذاء. وبعد ذلك، جرت السيطرة على منطقة المشجع بالكامل بعد تطهيرها واغتنام عدد من المدرّعات والآليات العسكرية.
نجحت التكتيكات المستخدمة فيها الأسلحةُ الخفيفة والمتوسطة في تغيير المشهد العسكري وحسم المعركة بأقلّ تكلفة. فوفق المشاهد، تمكّنت قوات الجيش و«اللجان» في منطقة فرضة نهم من محاصرة معسكر الفرضة (يُعدّ من أهم المعسكرات في جبهة نهم)، ليتمّ إحكام الحصار عليه من كلّ الجهات، ومن ثم التحمت قوات صنعاء لساعات، منهيةً المعركة بإحكام السيطرة على المعسكر. عقب ذلك، انطلقت نحو نقيل الفرضة، وفيه سيطرت على معسكر مستحدث آخر كان يحوي عدداً كبيراً من العتاد والسلاح الثقيل والمتوسط. ولم تتوقف تحت ضربات الطيران، بل استمرّت في التقدم لتسيطر نحو مفرق الجوف، ومن بعده مديرية مجزر في مأرب. ووفقاً للمصادر، فإن قوات الجيش و«اللجان» تقدمت خلال اليومين الماضيين نحو مديرية مدغل التي تُعدّ ثالث مديرية من مديريات محافظة مأرب وتقع على مقربة من المدينة.
بالعودة إلى المشاهد التي عرضها المؤتمر الصحافي، فقد ظهرت مشاركة قوات سعودية في هجوم نهم، تولّت هي عملية القصف المدفعي مستخدمةً مدافع طويلة المدى كمدفع «جهنم» (كان يُستخدم في القصف على مناطق سكّانية)، الذي ظهر وعليه شعار «القوات البرية السعودية». وقدّر العميد سريع الآليات والمدرّعات السعودية والإماراتية التي تمّ اغتنامها في العملية بما بين 300 و400 آلية ومدرعة حديثة، تضاف إلى كميات كبيرة من الأسلحة المتوسطة. كما تمّ إحراق عدد كبير من الآليات العسكرية بضربات القوات المشتركة. وفي مفرق الجوف، حيث مركز السيطرة والقيادة التابع لقوات «الشرعية، والذي رُفع فيه العلم السعودي، تمّت السيطرة على المعسكر الذي يضمّ المركز، واغتنمت قوات الجيش و«اللجان» كميات كبيرة من الأسلحة الحديثة والمدرّعات الأميركية. وبحسب العميد سريع، فإن «القوة الصاروخية» و«وحدة الطيران المسيّر» شاركتا في العمليات الأخيرة، إذ نفّذ الطيران المسيّر 41 عملية جوية، فيما شنّت القوة الصاروخية 21 ضربة. ومن هذه الهجمات 26 عملية طاولت «هدفاً اقتصادياً مهماً وهدفين حسّاسين» في السعودية ما بين 20 و25 كانون الثاني/ يناير الماضي. كما نجحت طائرة «فاطر» في تنفيذ أكثر من 25 عملية، وأجبرت طيران العدو على شنّ غارات من علوّ مرتفع.
سريع بعث بعدة رسائل إلى دول «التحالف» وإلى الأطراف التابعة لها، أكد فيها أن «قوات الجيش واللجان الشعبية اليوم أقوى من أيّ وقت مضى، وتم استكمال الاستعداد الكامل للتعامل مع أقسى الظروف في حال اتجاه العدوان نحو التصعيد العسكري»، مضيفاً: «تصعيد العدوان العسكري سيرتدّ عليه وبالاً… لن نتردّد في الاستخدام المكثّف لأسلحة الردع من الصواريخ الباليستية والمجنّحة… القادرة على دكّ أهدافها المحددة على طول وعرض جغرافيا العدوان».
الاخبار اللبنانية/رشيد الحداد