بعد الفشل الأميركي في البحار وتقهقر “حارس الازدهار” على أعتاب اليمن، بدأ غبار المعركة ينقشع عن فشل جوي أيضًا، تجلى بإسقاط إثنتي عشرة طائرة أميركية متطورة بدون طيار من طراز MQ-9، ما يؤكد على فقدان التفوق الجوي الأمريكي في مسرح العمليات، وهو ما بدأ ينعكس إلغاءً لصفقات التسليح بذلك النوع من الطائرات وعلى رأسها صفقة وقعت مع الهند لشراء 30 طائرة، قدرت قيمتها بنحو 4 مليارات دولار، وذلك بعد تحول اليمن إلى مقبرة للدرون الأمريكية، بحسب تقرير هندي.
إسقاط طائرة MQ-9 Reaper يعتبر حدثًا مهمًا نظرًا لأهمية هذه الطائرة في العمليات العسكرية. طائرة MQ-9 هي طائرة بدون طيار (درون) تستخدم بشكل رئيسي من قبل القوات الجوية الأمريكية لتنفيذ مجموعة متنوعة من المهام، مثل الاستطلاع وجمع المعلومات الاستخبارية وتنفيذ ضربات جوية دقيقة.
على كل، لم تكن هذه هي الطائرة الأولى التي يتم إسقاطها، ولكنها الثانية عشرة منذ بدء العدوان السعودي الأمريكي على اليمن في السادس والعشرين من آذار/مارس 2015، والثامنة منذ بداية طوفان الأقصى.
وبالنظر إلى عدد الطائرات التي سقطت للولايات المتحدة من هذا النوع، فإن اليمن قد أخذ نصيب الأسد، بـ 12 طائرة، بينما أسقطت روسيا واحدة منها في البحر الأسود، وثلاث أخريات في ليبيا، وواحدة في العراق.
إن الإسقاط المتواصل لهذا النوع المتقدم من الطائرات، يؤكد أن العملية لم تكن بالمصادفة، بل أصبح الأمر نتاج تقدم ملحوظ في القدرات اليمنية، ويكشف تواتر عمليات الإسقاط عن مدى التطور التقني والفني والتكتيكي للدفاعات الجوية اليمنية، وخريطة الإسقاط الموزعة بين مأرب وصعدة والسواحل الغربية والبيضاء، تؤكد أن هناك شبكة دفاع جوي متناغمة وموزعة على مسرح العمليات، لحماية الأجواء اليمنية، ضد التهديدات بالمستويات المتاحة، وأن سماء اليمن لم تعد للنزهة.
في الوقت الذي تشير هذه العمليات إلى نقطة ضعف في السلاح الأمريكي، وتأكيداً على فقدان التفوق الجوي الأمريكي في منطقة العمليات، حسب تعبير قائد القيادة المركزية الأمريكية السابق، الجنرال كينيث ماكنزي، فإنها تسلط الضوء على مدى تطور القدرات اليمنية في مجال الدفاعات الجوية أيضاً.
إن إسقاط طائرة MQ-9 Reaper يتطلب أنظمة دفاع جوي متقدمة مزودة بعدة ميزات رئيسية. أولها القدرة على الرصد والاكتشاف المتقدم، وهذا يستدعي رادارات قادرة على اكتشاف وتتبع الطائرات بدون طيار مثل MQ-9 على مسافات بعيدة وبدقة عالية، حتى عند تحليقها على ارتفاعات منخفضة أو في ظروف الطقس السيئة.
وبعد الاكتشاف هناك مهمة التتبع، والتسديد، والتي قد تكون بواسطة الأشعة تحت الحمراء من أجل توجيه الصاروخ تبعاً لحرارة محركات الطائرة، وتأتي مرحلة الانقضاض التي يجب أن تتمتع بالاستجابة السريعة، قبل أن تقوم الطائرة المقاتلة بضرب الرادارات، بمجرد اكتشاف التهديد.
كل هذا مضافاً إليه ضرورة توافر صواريخ أرض جو متقدمة، قادرة على مهاجمة الهدف بمديات طويلة وارتفاعات عالية، لأن ارتفاعات الطيران التي تعمل بها MQ-9، قد تصل إلى 50,000 قدم (15,000 متر)، وكذلك يجب أن تمتلك مدى كافياً لإسقاطها من مسافات بعيدة، لا ننسى هنا أن السرعة التي تتحرك بها الطائرات تحتم أيضاً أن تكون الصواريخ أكثر دقة، في التتبع والتسديد، لا سيما مع صغر حجم الطائرة النسبي.
ولأن طائرة مثل 9-MQ، تمتلك رادارات لاكتشاف التهديد، فإن تعطيلها يتطلب نوعاً من التشويش والحرب الإلكترونية، ما يضيف تعقيداً كبيراً إلى عملية إسقاطها، ويتطلب مهارات كبيرة من الواضح أن وحدات القوات الجوية والدفاع الجوي في القوات المسلحة اليمنية، باتت تتمتع بقدر عال من المعرفة بالتكتيكات اللازمة للتعامل مع هذا النوع.
النقطة الأخيرة التي يجب الإشارة إليها، هي مرونة نقل وتشغيل الدفاعات الجوية، أو امتلاك العديد من الوحدات الموزعة في نقاط الانقضاض، وأي الأمرين تتبعه الدفاعات الجوية فإنه دليل على مدى التقدم، والتطور في مجال الدفاع الجوي، لدرجة تمكنها هذه الميزات من خلق نظام دفاع جوي قادر على التعامل مع التهديدات المعقدة التي تشكلها طائرة MQ-9 Reaper، مما يوفر حماية فعالة ضد الطائرات بدون طيار المتقدمة.
لا تستطيع الولايات المتحدة تجاهل الإهانة لسلاح الجوي المسير، والمتقدم، لكنها لا تملك الحيلة لتفادي إسقاط المزيد منها، وتبعات تلك الإهانات المتوالية، بدأت تتجلى في إلغاء صفقات التسليح بذلك النوع من الطائرات التي فقدت سمعتها، ومرغ بها التراب، وعلى رأسها صفقات كانت وقعت مع الهند لشراء 30 طائرة، قدرت الصفقة بقيمة 4 مليارات دولار، حيث قرّرت الأخيرة مراجعة الصفقة من هذا النوع، بعد تحول اليمن إلى مقبرة للدرون الأمريكية حسب تقرير هندي.