تصعید الصراعات الخفیة بين الغزاة في اليمن
منذ بداية مايسمى بمسرحية عاصفة الحزم لم تكن الإمارات متحمسة للمشاركة في هذه العاصفة. و السؤال هنا لماذا دخلت الإمارات وأقحمت نفسها في هذه الحرب والتي تحولت فيما بعد إلى مستنقع تغرق فيه أكبر دولتين من دول التعاون الخليجي (السعودية و الإمارات) و ماهو السبب الخفي الذي دفع الإمارات مؤخراً إلى الزج بقواتٍ بريةٍ كبيرة في الجنوب وخاصةً أنه من المعروف أن الإمارات لاتدخل قواتها البرية إلى مناطق الصراع إلا بالنادر كما أشار المتخصص بالشأن اليمني جيمس سبينسر و دخولها بهذه القوة أدى إلى تغيير في موازين القوى في ساحة المعركة ؟
لابد و أن دخول الإمارات في هذه الحرب كان من أجل عرقلة سيطرة السعودية على اليمن وتثبيت نفوذها هناك حيث أن الإمارات ترى في سيطرة السعودية على اليمن تهديداً حقيقياً لمصالحها الإقتصادية و تدرك أهمية الموقع الإستراتيجي لليمن من حيث إطلالته على المحيط الهندي من جهة و على البحر الأحمر من جهة أخرى و بالتالي تحقيق مكاسب اقتصادية كبيرة للسعودية و زيادة سيطرتها على مجلس التعاون الخليجي، وإقصاء أكبر للدور الإماراتي، ليس هذا فقط بل أكثر ماتخشاه الإمارات من تنفيذ مشروع سعودي يربط كلاً من قارتي أسيا و إفريقيا عبر جسر يمتد بين اليمن و مدينة جيبوتي و هذا سوف يفقد ميناء دبي دوره الاقتصادي الرائد و بالتالي سوف تخسر الإمارات أحد أكبر دعائمها الإقتصادية، هذا عدا عن سيطرة السعودية على حقول النفط اليمني و خاصة حقل واعد الممتد من محافظة الجوف في اليمن و حتى صحراء الربع الخالي وبالتالي سوف تتمكن السعودية من زيادة أنتاجها النفطي و تصديره عبر بحر العرب بدلا من مضيق هرمز على الخليج الفارسي و بالتالي مكاسب اقتصادية كبيرة للسعودية.
ليست المخاوف الاقتصادية هي الوحيدة بل خوف الامارات من تنامي نفوذ حزب الاصلاح اليمني (فرع الاخوان المسلمين في اليمن ) و الذي تسانده السعودية بشكل كبير فيما ترى الإمارات أن الأخوان المسلمين يشكل تهديداً حقيقياً لأمن الإمارات و دول المنطقة، هذا عدا عن نظرة حكام الإمارات الدونية لأمراء السعودية ودعم الإمارات لأحمد علي صالح نجل الرئيس السابق ومساعيها في إفشال عملية انتقال السلطة التي ترتب لها السعودية في اليمن وإفشال حكومة عبد ربه منصور هادي التي تضم أعضاء من حزب الإصلاح التابع للأخوان المسلمين. وإدراك الإمارات لسعي السعودية في قيادة العالم السني مع تركيا حيث ترى الإمارات نفسها القسيم الأجدر في قيادة هذا العالم مع السعودية بدلاً من تركيا.
هذه الأسباب و غيرها ساهمت في تأجيج الصراع الأماراتي السعودي فیما تدخل هذه المسرحية في أحد أهم فصولها عندما تترجم الامارات نواياها الخفية من هذه الحرب و تصبح الصورة أكثر وضوحا بتحول الصراع السعودي الإماراتي إلى صراع دموي حيث استهدفت غارات جوية مجهولة الهوية، قوات من الحراك لجنوبي موالية للسعودية في عدن وصرحت مصادر يمنية أن من يقف وراء هذه الغارات هي الإمارات حيث أن الأخيرة تريد استنزاف كلاً من قوات الجيش اليمني والسعودية و الإبقاء على عدن بؤرة صراع و توتر و منع الحسم لصالح أي منهما و هذا ما أكده ” صالح الصماد ” رئيس المجلس السياسي في حركة أنصار الله حيث أكد على أن الامارات ترغب في تجميد دور ميناء عدن بالتآمر مع بعض النافذين . فهل سوف يشهد العالم سيناريوهات جديدة في الحرب اليمنية و ماهي السيناريوهات الأكثر احتمالاً، فض التعاون والتحالف بين السعودية و الإمارات أم زيادة التعاون و التنسيق بينهما؟
نعم بدأت الحرب على اليمن من أجل سلب خيرات هذا البلد والسيطرة على إقتصاده و تحقيق المنافع والمكاسب الاقتصادية للدول المعتدية على حساب دماء اليمنيين لكن ربما تتحول اليمن إلى مقبرة للظلام والطغاة في ظل التناحر والاقتتال بين تلك القوات ويكون في ذلك خلاص الشعب اليمني المقهور.