تصعيد متسارع للعدوان الأميركي: صنعاء ترصد تحشيداً برياً
بعد غارات متعدّدة نفّذتها في صنعاء ومحافظة الحديدة خلال الأيام الماضية، أدّت إلى مقتل وإصابة نحو 500 مدني، ومثّلت تصعيداً كبيراً للعدوان، شنّت الطائرات الأميركية، أمس، عشرات الغارات التي استهدفت خطوط التماس في جبهات محافظتي الحديدة ومأرب، وتزامنت مع رصد قوات صنعاء تحشيداً عسكرياً لفصائل موالية للإمارات في عدد من هذه الجبهات.
وتصاعدت بشكل كبير، الثلاثاء، الغارات الأميركية على مناطق مجزر وصرواح في محافظة مأرب، استمراراً لاستهداف خطوط دفاع قوات صنعاء، والذي باشره الأميركيون منذ أكثر من أسبوع. وكان الطيران الأميركي، شنّ خلال اليومين الماضيين، 27 غارة على مناطق التماس في مديرية التحيتا جنوب مدينة الحديدة، والتي تفصل بين مقاتلي «أنصار الله» والفصائل الموالية للإمارات.
واعتبر مصدر عسكري في صنعاء، في حديث إلى «الأخبار»، أن تلك الاستهدافات تأتي في إطار تهيئة واشنطن لاندلاع حرب برية، ومحاولة تمكين تلك الفصائل من تحقيق تقدم عسكري سريع. واستدرك بأن «مخطط إضعاف دفاعات أنصار الله في أكثر من جبهة لن يُكتب له النجاح»، متوقّعاً أن تفرض صنعاء معادلة عسكرية برية أخرى في حال أمعنت الجماعات الموالية للتحالف السعودي – الإماراتي في انتهاك «اتفاق استكهولم» في جنوب الحديدة.
وكانت فصائل «العمالقة» دفعت بالعشرات من الآليات العسكرية من محافظة شبوة إلى خطوط التماس في مأرب. وقالت مصادر في صنعاء إن نحو 200 آلية عسكرية وصلت إلى مأرب، أول أمس، بتوجيه من عضو «المجلس الرئاسي»، عبد الرحمن المحرمي (أبو زرعة)، الموالي لأبو ظبي. ووفق تسريبات من مصادر مقرّبة من الحكومة الموالية للتحالف في عدن، فإن تلك الفصائل طالبت بضمانات أميركية بإسنادها جواً بشكل مستمر، وعدم الاكتفاء بتنفيذ هجمات على عدد من خطوط التماس في جبهات مأرب والحديدة.
تظاهرات مسلّحة لقبائل يمنية استعداداً للدفاع عن صنعاء
وجاء ذلك في وقت عقد فيه السفير السعودي في اليمن، محمد آل جابر، لقاءات مع قيادات في هيئة التشاور التابعة لـ»المجلس الرئاسي» في الرياض، أكّد خلالها أن بلاده «تفضّل إنهاء الأزمة اليمنية بالطرق السلمية»، في رسالة دأبت الرياض على تكرارها منذ أسابيع، محاولةً تجنّب تبعات التصعيد الداخلي في اليمن. ومع ذلك، تدل المؤشرات على أن الرياض التي تتحكّم بالقرار العسكري للفصائل المؤسّسة والمموّلة من قبلها كافة، لن تكون في مأمن من تداعيات أي تصعيد من هذا النوع، خاصة أن الجماعات المحسوبة عليها في أكثر من جبهة، انخرطت في إطار مخطّط التسخين البري بدعم أميركي.
في المقابل، وفي إطار الاستعداد لإفشال أي تصعيد داخلي، رفعت عشرات القبائل اليمنية في محافظات صنعاء وذمّار وعمران وصعدة وحجة، حالة النفير العام في أوساط مقاتليها، وعقدت لقاءات مسلّحة أكدت فيها أن أي تفجير للوضع الداخلي من قبل الأطراف الموالية للتحالف، سيُقابَل بردّ من مختلف القبائل التي ستقف إلى جانب قوات صنعاء. واعتبرت قبائل في صعدة وحجة، في بيانات لها، أن مساعي التصعيد سوف تُسقط الحجة لقتال تلك الأطراف التي تحاول فتح جبهات متقدّمة لحماية إسرائيل وبتوجيه ودعم من العدوان الأميركي الذي ارتكب مجازر بحق المدنيين اليمنيين، بعد فشله في وقف جبهة الإسناد اليمنية لقطاع غزة.
على أن محاولات إشغال قوات صنعاء داخلياً، لم تسهم في تراجع عملياتها الجوية والبحرية الموجّهة ضد الكيان الإسرائيلي والقطع العسكرية الأميركية في البحر الأحمر، إذ أعلن المتحدّث باسم تلك القوات، العميد يحيى سريع، تنفيذ عدد من العمليات ضد السفن الحربية الأميركية في البحر الأحمر، فضلاً عن عملية جوية مزدوجة في عمق الكيان الإسرائيلي، الأحد، دفعت رئيس حكومة الكيان، بنيامين نتنياهو ، إلى التلويح بالرد عليها.
وجاءت هذه الهجمات رداً على جرائم الطيران الأميركي الذي حوّل مقابر صنعاء وأحياءها وأسواقها، فضلاً عن ميناءي رأس عيسى والحديدة، إلى أهداف عسكرية، وهو ما دفع وزارة الخارجية في صنعاء إلى البعث برسالة إلى الأمم المتحدة وعدد من المسؤولين الدوليين، تطالب فيها بتشكيل لجنة دولية مستقلة للتحقيق في تلك الجرائم، مؤكدة أن الولايات المتحدة شنّت نحو ألف غارة جوية على اليمن منذ منتصف الشهر الماضي، أسفرت عن مقتل 217 مدنياً وإصابة 436 آخرين، معظمهم من النساء والأطفال.
رشيد الحداد الأربعاء 23 نيسان 2025