تركيا والكيان الصهيوني بين شعارات العداء وأرباح المصالح على حساب دماء غزة

وكالات ـ موقع الحقيقة

حركة “الاخوان المسلمين” رغم انها مصرية المنشأ الا ان انتشرت تعاليمها خارج مصر، وهناك أحزاب تحمل نفس التعاليم الا انها تحمل مسميات مختلفة، وخاصة في الاردن وسوريا وفلسطين وتركيا بالإضافة الى مصر.

وحركة “الاخوان المسلمين” أسسها الشيخ حسن البنا في مصر في 22 مارس 1928م عقب تخرجه من دار العلوم. انتشرت تعاليم البنا إلى ما هو أبعد من مصر، حيث أثرت اليوم على مجموعة متنوعة من الحركات الإسلامية من المنظمات الخيرية والدعوية إلى الأحزاب السياسية، وليس جميعها تستخدم نفس الاسم.

وبدأت كحركة دينية واجتماعية، دعت إلى الإسلام في مصر، وعلمت الأميين، وأنشأت المساجد والمدارس الإسلامية والمستشفيات والشركات التجارية. تقدمت لاحقا إلى الساحة السياسية.

تركيا مثلت موقف الإخوان تجاه غزة

يرى اغلب المراقبين ان تركيا تحت قيادة الاخوان، انتظرت 20 يوما دون ان تنبس ببنت شفه، بينما الغضب يلف الشعب التركي بسبب القصف الجوي الإسرائيلي العشوائي لغزة، ليعلن “ليس لدينا مشكلة مع إسرائيل، ولكننا لم ولن نوافق أبدا على الطريقة التي تتصرف بها كمنظمة وليس كدولة”.

ومع تصاعد الهجمة الوحشية الاسرائيلية على غزة، ظل الدور التركي محصورا بالتنديد فقط، رغم ان المحكمة الجنائية الدولية اصدرت مذكرتي اعتقال بحق نتنياهو ووزير حربه يواف غالانت، بينما بقيت العلاقات بين تركيا والكيان الاسرائيلي في مختلف المجالات على حالها ولم تتأثر ازاء ما يجري في غزة.

الاخوان المسلمون وانصارهم في تركيا كانوا يتوقعون من رئيسهم رجب طيب اردوغان، الذي رسم صورة له في قمة دافوس للمنتدى الاقتصادي العالمي، في 29 يناير 2009، كنصير للقضية الفلسطينية، عندما قاطع خطاب رئيس الوزراء الإسرائيلي شيمون بيريز قبل أن يغادر المنصة.

وحينها تحول الى أيقونة التأييد للفلسطينيين، ليس فقط في العالم العربي والإسلامي فحسب، بل أيضاً في تركيا، حيث استقبل استقبال الأبطال.

ومع امتداد الاضطرابات إلى سوريا المجاورة، أكثر الدول العربية دعما للقضية الفلسطينية، فوجئ كثيرون بموقف أردوغان الداعي إلى “تغيير النظام”، خصوصاً في ظل العلاقات القوية التي كانت تربط دمشق بأنقرة واعتماد الحكومة التركية سياسة «صفر مشكلات» مع جيرانها.

وفي نهاية المطاف، وصلت رومانسية العرب بأردوغان إلى نهاية صادمة عندما وجه اتهاماً طائفيا مذهلا، واصفا حكم الرئيس السوري بشار الأسد بأنه “ديكتاتور نصيري” (وهو مصطلح مهين لأتباع الطائفة العلوية التي تنتمي إليها عائلة الأسد) مدينا ما وصفه بإضطهاد الأغلبية السنية من السكان.

وبعد عملية “طوفان الأقصى” اصدرت وزارة الخارجية التركية في 7 أكتوبر، بيانا حثت فيه على ضبط النفس وأدانت بشدة الخسائر في أرواح المدنيين!، وشددت على أن أعمال العنف ستكون ضارة، داعية إلى تجنب الأعمال المتهورة ووضع حد لاستخدام القوة وإلى العودة إلى حل الدولتين.

وكذلك أبدت تركيا استعدادها للمساهمة في جهود الوساطة.. وكانت هذه النغمة المدروسة غير عادية بالنظر إلى خطاب أردوغان الحازم عادة.. إذ كان الرئيس التركي حينها يستعد لاستضافة نتنياهو ويخطط لزيارة إلى القدس للصلاة في المسجد الأقصى.

وبطبيعة الحال، تثير أنقرة هذه القضية على كل المستويات. ويجري أردوغان مكالمات هاتفية دبلوماسية بينما طرح وزير الخارجية حقان فيدان اقتراحا من شأنه أن يجعل تركيا، بطريقة أو بأخرى، في موقع “الضامن” لحماس.

ولكن، رغم كل هذه اللفتات، بقيت لهجة أنقرة ساكنة إلى حد ما؛ وكل ما أمكنها فعله كان إعلان الحداد لمدة ثلاثة أيام. ولعل كلام فيدان يلخص الموقف، إذ قال: “أتمنى الصبر لسكان غزة. أريدهم أن يعرفوا أننا نبذل كل ما في وسعنا، إن شاء الله، ستمر هذه الأيام. وستواصل تركيا الوقوف إلى جانبهم. نحن نرى هذا الألم والحزن بمثابة ألمنا وحزننا. وهم ليسوا وحدهم”.

وأكدت مجريات الأحداث أن ادعاء تركيا بتجميد كل أشكال العلاقات مع كيان الاحتلال مجرد أداة سياسية داخلية وخارجية استخدمها اردوغان لتحسين صورته بين الشعوب المسلمة والعربية. وهو ما اظهرته المؤشرات على أرض الواقع بأن العلاقات التركية الإسرائيلية مستمرة، وإن بشكل أقل علنية، لتحقيق مصالح اقتصادية واستراتيجية مشتركة.

وإن كانت هذه العلاقة قد اتضحت علناً في تصريحات الرئيس التركي رجب طيب اردوغان، بعد أشهر من العدوان الصهيوني على قطاع غزة، حيث قال في تصريح له وفق ما نقلت عنه وكالة “رويترز” في وقته: إن الحصار والقصف الإسرائيلي لقطاع غزة رداً على هجوم حركة «حماس» هو رد غير متناسب يصل إلى حد «المذبحة». ولم يكلف اردوغان نفسه على إعطاء الوصف الحقيقي لحجم الإجرام الصهيوني داخل قطاع غزة، الذي حصد اراوح مئات الأطفال من النساء وهدم المساكن على رؤوس ساكنيها.

شعارات العداء وأرباح المصالح على حساب دماء غزة

ومع ترويج الحكومة التركية، بقيادة الرئيس رجب طيب أردوغان، الحديث عن قطع العلاقات مع كيان الاحتلال الإسرائيلي وتجميد جميع أشكال التعاون معه، كجزء من موقفها من العدوان الإسرائيلي على غزة. لكن عند فحص الوقائع عن كثب، يظهر تناقض واضح بين الخطاب الرسمي والسياسات العملية على أرض الواقع.

فالمتتبع، لحجم التبادل التجاري بين كل من تركيا وكيان الاحتلال الإسرائيلي، للعشر السنوات الماضية والأخيرة منها بعد عملية طوفان الأقصى يتضح له، حجم المساهمة الكبيرة التي قدمها نظام اردوغان لهذا الكيان الغاصب. وأن انتقادات اردوغان للاحتلال الإسرائيلي في العلن، تزامن معها علاقات مستمرة ومطردة مع الكيان في الخفاء.

فمن 4.2 مليار دولار حجم التبادل التجاري بين كل من كيان الاحتلال وتركيا في العام 2016م إلى 5.5 مليار دولار في العام 2019م ومن ثم إلى 6 مليار دولار 2020م لتكون تركيا في ذلك العام سادس شريك تجاري لـ العدو الصهيوني.

وفي العشرين من مارس الماضي، وبعد ستة أشهر تقريباً من عملية طوفان الأقصى، يؤكد، متين جيهان، الصحافي المتخصص بتعقُّب حركة السفن التركية تجاه موانئ العدو، كشف بالوقائع حركتها كما حمولتها. والخلاصة، أنها كانت تصل بمعدّل ثماني سفن يوميّاً، فيما يُفترض أن يكون عددها قد بلغ، وصولاً إلى اليوم، ما يقرب من الألف سفينة، محمّلة بالإسمنت والفولاذ والأسلاك الشائكة، وغيرها.

وبحسب صحيفة جيروزاليم بوست، فأن انتقادات اردوغان للاحتلال الصهيوني، لم تتجاوز بأي شكل التصريحات الكلامية الدعائية، بدليل ازدهار قطاع التجارة والاعمال بين البلدين، ما جعل الكثير يشككون في عداوة اردوغان المزعومة تجاه الاحتلال. كيف لا، وقد كانت تركيا اول دولة ذات اغلبية مسلمة تعترف بـ “إسرائيل”، إضافة إلى كل هذا كان كيان العدو الصهيوني الداعم لتركيا بالسلاح فترة طولية، وزادت هذه العلاقة بعد وصول حزب العدالة والتنمية إلى الحكم عام 2002م، فضلاً عن التعاون العسكري في مجال التدريب وتطوير الأسلحة والنقل الجوي.

ومع كل هذا وذلك، فأن استمرار تدفق الغاز الاذربيجاني عبر الأرضي التركية للاحتلال يمثل دليل أخر، على زيف تحرك اردوغان وموقفه من القضية الفلسطينية، والعدوان الصهيوني على قطاع غزة الذي يعيش حرب إبادة جماعية والحصار الخانق لم يسبق له مثيل على مر التاريخ، وبدلاً من استخدام تركيا ورقة الغاز للضغط لوقف العدوان على قطاع غزة، يستمر الغاز الاذربيجاني بالتدفق عبر الأراضي التركية دون توقف، ويعيش أبناء غزة لحظات الموت البطيء جوعاً وحصاراً وبرداً، ومن لم يمت منهم بذلك، مات بالصواريخ والقنابل الامريكية التي يلقيها كيان الاحتلال الصهيوني باستمرار على أجساد الأطفال والنساء في هذا القطاع المحاصر.

قد يعجبك ايضا