تدوير «الشرعية».. ورقة العبث السعودي في اليمن
الحقيقة/هبا علي أحمد:
من موقع المهزوم والمراوحة في المكان، يبحث النظام السعودي في عدوانه على اليمن عن فرص جديدة أو يعيد إنتاج وتدوير طرق خسر بها سابقاً، وذلك لإطالة أمد عدوانه من جهة، ومن جهة ثانية لتكون فرصة يدرأ بها هزيمته المثبتة، واليوم يعول على تكريس الانقسام بين اليمينين، مع تكريس «شرعية» أدواته اللاشرعية التي أمعنت في التسبب بمعاناة وحصار اليمنيين جنباً إلى جنب مع قوى العدوان, وبالتالي لا تمت بصلة حقيقية لأبناء اليمن.
من بوابة مجلس النواب تبغي السعودية إعادة الإمساك بزمام الأمور بعد هزائمها الميدانية والسياسية، فانعقاد جلسة للمجلس بعد غياب خمس سنوات وفي مدينة سيئون في محافظة حضرموت بعيداً عن صنعاء المقر الرئيس للمجلس، جاء بأوامر سعودية بشكل مؤكد بدليل مباركة بيدقها الرئيس المتراجع عن استقالته عبد ربه منصور هادي وبمشاركة أعضاء مناصرين للعدوان السعودي وتسليم رئاسة المجلس لأداة سعودية، كلها عوامل مجتمعة جاءت لأن الرياض تريد تحقيق مكتسبات جديدة وبقاؤها في اليمن من موقع «المنتصر».
الهدف السعودي من عقد جلسة المجلس في سيئون، يتلخص أولاً في: إعادة بث الحياة في «الحكومة» المحسوبة على الرياض –الشعب اليمني لا يقيم لها وزناً- وإكسائها بصبغة «الشرعية» المفقودة وبالتالي تقديمها بوجه جديد للمجتمع الدولي على أنها «الحكومة الناطقة» باسم اليمن، مع ما يتصل بذلك من مسار سياسي حيث تذهب «الحكومة» لأي مفاوضات من منطلقها «الممثل الشرعي الوحيد» للشعب اليمني-مع إسقاط مشروعية حكومة صنعاء- ورغم أن الحكومة المذكورة موجودة بالمفاوضات لكن على ما يبدو السعودية تدرك في قرارة نفسها عدم شرعيتها بنظر الجميع ولاسيما مع المتحولات الميدانية، لذلك تعيد تدويرها وصياغتها للعب بها ومن خلالها.
وثانياً: تريد السعودية تعميق الانقسام بين اليمنيين بإيجاد برلمانيين –كما في الوضع الليبي- بما ينعكس بصراع على الأرض هو موجود لكن حتى يبدو بشكل أوضح أنه يمني –يمني أي داخلي بلا أيدٍ خارجية لتواصل السعودية عدوانها بعيداً عن الضوء، وثالثاً والأهم: الضغط على حكومة الإنقاذ الوطني في صنعاء للتأثير على مكتسباتها في المشهد اليمني، ورابعاً: هي خطوة في سياق الصراع بين قوى العدوان بحيث تسيطر السعودية في الشرق –حضرموت- مقابل سيطرة قوى أخرى من العدوان وامتلاكها للمشهد في الجنوب –عدن.
الرد اليمني على المحاولات السعودية، جاء على لسان نائب وزير الخارجية حسين العزي بأن الشعب هو مصدر الشرعية ولا يعترف إلا بالنواب الصامدين مع وطنهم وشعبهم، ليتناغم معه اليمنيون بانتخاب أعضاء مجلس النواب الذين يمثلونهم في الانتخابات التكميلية لمقاعد البرلمان الشاغرة، وسط وعي وإدراك من أن الخطوة السعودية هي «لشرعنة» عدوانها وانتهاكها لسيادة اليمن واحتلال أراضيه كما لفت المجلس السياسي الأعلى.
السعودية تعيد الضرب بأوراقها الميتة, فهي بدأت عدوانها بدعوى «حماية الشرعية» وتعود اليوم إليها لتعطيها دفعاً بعد سُباتها الطويل ولإعادة المناورة عبرها، وفي الواقع المحاولات السعودية المتكررة ما هي إلا استجرار لفشل آخر بناء على معطيات وتجارب سابقة.