تداعيات التصريحات الإسرائيلية والأمريكية من ميناء الحديدة إلى ميناء رأس عيسى.. أزمة ردع وفشل متكرر.
تداعيات التصريحات الإسرائيلية والأمريكية من ميناء الحديدة إلى ميناء رأس عيسى.. أزمة ردع وفشل متكرر.
بعد أن قصفت الطائرات الإسرائيلية في 20 يوليو 2024، ميناء الحديدة، صرح وزير الدفاع الإسرائيلي الأسبق، يوآف غالانت، قائلاً: “إن النار المشتعلة حالياً في الحديدة، يمكن رؤيتها في جميع أنحاء الشرق الأوسط.”
ركز الكثيرون على هذه الجزئية بحكم تسليط جميع وسائل الاعلام الضوء عليها باعتبارها إنجاز لهم، لكن غالانت تحدث في نفس كلمته تلك بجملة أخرى أكثر أهمية أثناء محاولة تبرير قصفهم، حيث قال: “إن جماعة الحوثي هاجمت إسرائيل أكثر من 200 مرة.”
هذا التصريح الصادم حول عدد العمليات التي نفذها من وصفهم بالحوثيين، وعلى لسان وزير الدفاع الاسرائيلي أوقف جدلاً كان قد طال في إطار سردية كانت تنفي وجود هجمات أصلاً، واصفين إياها بأنها “مسرحية”؛ وتسبب هذا الاعتراف في إحباط الدعاية التي كان يروج لها العدو وأدواته ومرتزقته بعد تأكيدها من وزير دفاع دولة الكيان.
كان الهدف من القصف الإسرائيلي لميناء الحديدة هو إظهار قدرتهم على الردع. لكن تصريح غالانت أكد عكس ذلك، وهو أن إسرائيل تعاني من أزمة حقيقية نتيجة استهدافها وتقف عاجزة عن تحقيق أي رد عسكري مؤثر يضمن لها إيقاف تلك الهجمات.
وما يؤكد ذلك هو توقف إسرائيل عن تنفيذ أي عملية في اليمن لاحقاً فاستنجدت بأمريكا، ودخل ترامب على الخط باحثاً عن مبررات ليتحدث عن حرية الملاحة ومنع مرور السفن الأمريكية في البحر الأحمر!! رغم أنه لم يصرح أحد من القيادات في اليمن عن منع مرور السفن الأمريكية، وكان المنع مقتصراً على السفن الإسرائيلية بعد تحذير ومهلة لمدة أربعة أيام لإيقاف حرب الإبادة على غزة والعودة للهدنة التي تم نسفها من الطرف الإسرائيلي، رغم أن أمريكا كانت من دعت للتفاوض برعايتها وهي الضامن لتتحول إلى طرف في الحرب وتقوم بالنيابة عن إسرائيل بالعدوان على بلدنا!!
الاستهداف الأخير لميناء رأس عيسى من قبل العدو للأمريكي يعكس نفس النهج الفاشل السابق للاسرائيلي، حيث لم يتمكنوا من تحقيق أي أهداف واضحة منذ بدء العدوان الأمريكي الثاني على بلدنا، في 15 مارس 2025، وفي محاولة لتبرير هذا الفشل، أعلنت القيادة المركزية الأمريكية أنها “دمرت” ميناء رأس عيسى في سعي للبحث عن أي إنجاز كما سبق لإسرائيل أن قامت بالهجوم على ميناء الحديدة، ولنفس الأسباب المتمثلة في عجزهم عن تحقيق أي شيء، ، محملة الحوثيين المسؤولية عن ذلك.
تكررت نفس الألفاظ والعبارات التي استخدمتها السعودية والإمارات ومرتزقتهما من قبل عند استهداف ميناء الحديدة ومحاولات اجتياحها، ما يؤكد أن المطبخ واحد، ويكشف عن عجز حقيقي في إيجاد عمل يقضي على مصادر النيران التي تنطلق نحو إسرائيل وحاملة الطائرات ترومان، وكما يقول المثل اليمني “من حيرف دور قواعد ابوه” ذهبوا لفتح الدفاتر التي تحمل خططهم الفاشلة السابقة، وتوقفوا عند صفحة قصف الموانئ والتلويج باجتياح مدينة الحديدة، وهو ما يردده طارق عفاش الممول إماراتياً، وينسجم مع التصريحات الأمريكية التي تطرقت إلى المساعدة الإماراتية والقيام بدور استشاري.
إنهم يبحثون عن انتصارات وهمية لتبييض وجه الإدارة الأمريكية، التي تعاني من تحديات داخلية وخارجية وترغب في تحقيق أي انتصار “ولو كذب” ما يعكس فشلهم الذريع حتى اللحظة، خصوصاً بعد التصريحات المتكررة حول “استهداف قيادات” دون ذكر أسمائهم، ودون تقديم أي دليل ملموس، الأمر الذي يعكس المرحلة التي وصلوها من اليأس.
في عدوانهم ليلة البارحة على ميناء رأس عيسى، وقع 74شهيدو171 جريح بحسب تصريحات الجهات المختصة والرقم قابل للزيادة، خصوصاً مع عودة الطائرات الأمريكية للقصف أثناء محاولات الإسعاف والمواطنين وفرق الإطفاء إنقاذ من سقطوا في الغارة الأولى ليتم تنفيذ جريمة مركّبة بغاية الفظاعة، الأمر الذي يثير تساؤلات حول الأهداف الحقيقية لهذا القصف؟ وهل له أي تأثير فعلي؟
لكن الأكيد والواضح بجلاء استنادا لتجربة غالانت السابقة أنه مجرد محاولة يائسة لتحسين صورة الإدارة الأمريكية أمام الرأي العام الأمريكي؟
وما اعتبر أسهل الحلول لإبراز عضلات ترامب وتصويره كبطل، بات مستنقعاً يخشون أن يبتلع ما تبقى من صورة نمطية كانت لأمريكا كقطب وحيد.
وإذا كانت أمريكا ترفض الهزيمة أمام التنين وتعتبرها غير مقبولة، والصين قوة كبرى اقتصادية وعسكرية، فمجرد فكرة الهزيمة أمام واحدة من أفقر دول العالم كاليمن قد بدأت تقض مضاجعهم وتفزعهم.
الحقيقة / عبدالرحمن العابد