تحذير يمني من كارثة كبرى في البحر الأحمر بعد قصف أمريكي عنيف لميناء رأس عيسى
حذرت وزارة الزراعة والثروة السمكية في صنعاء من مخاطر التلوث البحري الناجم عن القصف الأمريكي لميناء رأس عيسى في محافظة الحديدة اليمنية، وأوضحت الوزارة في بيان لها أن القصف أدى إلى تدمير مرافق الميناء وخزانات التخزين، الأمر الذي تسبب في تسرب كميات من المواد النفطية والصناعية السامة إلى مياه البحر، ما يُنذر بوقوع كارثة بيئية وشيكة في البحر الأحمر، قد تتسبب في تدمير النظام البيئي البحري، ونفوق كميات كبيرة من الأحياء البحرية، وتهديد الثروة السمكية التي تعد مصدر رزق لمئات الآلاف من الأسر اليمنية.
وحذرت الوزارة من أن انتشار بقع التلوث النفطي في المياه الإقليمية اليمنية قد يؤدي إلى إغلاق مناطق صيد واسعة، ويعطل النشاط البحري، ويؤثر بشكل كبير على الأمن الغذائي في البلاد، في ظل الظروف الإنسانية والاقتصادية الصعبة التي يمر بها اليمن.
ودعت الوزارة المنظمات الدولية المعنية بالبيئة إلى إدانة هذه الجريمة والمساعدة في احتواء التسرب النفطي الناجم عن استهداف الميناء للحد من تأثيراته الكارثية على البيئة البحرية، حسب البيان.
وحمل البيان الولايات المتحدة “المسؤولية المباشرة عن هذه الجريمة” وما يترتب عليها من تداعيات إنسانية وبيئية واقتصادية جسيمة، مؤكدا أن صمت المجتمع الدولي، وعلى رأسه الأمم المتحدة، “شجّع العدوان على ارتكاب مثل هذه الجرائم”، حسب البيان.
الغارات الأمريكية على ميناء رأس عيسى النفطي
أوقعت الغارات الأمريكية التي استهدفت، ليل الخميس الماضي، منشأة ميناء رأس عيسى النفطي في مديرية الصليف في محافظة الحديدة غرب اليمن، مجزرة مروعة ذهب ضحيتها من المدنيين، وفق وسائل إعلام تابعة لحركة أنصار الله، 74 شهيداً و171 جريحًا كحصيلة غير نهائية، من عمال وموظفي الميناء.
وأكدت وزارة الصحة في صنعاء أن فرق الإنقاذ من الإسعاف والدفاع المدني لا تزال تتعرف عن مفقودين والبحث عن الضحايا، وأعلنت وزارة الصحة في صنعاء، ظهر الجمعة، ارتفاع عدد شهداء العدوان الأمريكي على منشاة رأس عيسى، إلى 245 شهيدًا وجريحًا في حصيلة غير نهائية، وفق خبر لقناة المسيرة الفضائية التابعة لحركة أنصار الله، التي نشرت أيضًا مقاطع فيديو للضحايا.
عقاب جماعي لليمنيين
السؤال الراهن: كيف نفهم استهداف واشنطن لميناء رأس عيسى، وفي أي سياق يمكن قراءته وماذا سيترتب عنه؟
يقول الصحفي الاقتصادي رشيد الحداد: “استهداف ميناء رأس عيسى النفطي يأتي في إطار الحرب الاقتصادية الموجهة ضد اليمنيين بشكل عام ولن يمس أنصار الله، فالميناء يستقبل شحنات النقط التي تزود أكثر من 65% من السوق اليمني، والتداعيات سيتضرر منها عامة الناس”.
وأضاف: “فيما يتعلق بالأسباب التي دفعت واشنطن لارتكاب هذه الجريمة فتعود لفشل إدارة ترامب في تحقيق أي أهداف عسكرية، وفشلت أيضاً في تنفيذ قرار منع دخول النفط وفق قرار الخزانة الأمريكية منذ مطلع أبريل/نيسان الجاري، وإذا كان مبرر واشنطن التي استخدمته في قصف الميناء هو استهداف مصادر تمويل أنصار الله، فإن هذا المبرر بحد ذاته جريمة؛ لكون الضرر سيكون أكبر، واستهداف الميناء سيضاعف المعاناة الإنسانية لنحو 26 مليون يمني يعيشون في مناطق سيطرة الحوثيين، لذلك نرى أن ما حدث جريمة حرب وعقاب جماعي ضد اليمنيين”.
لكن الحداد ذهب للقول إن هذ التصعيد الأمريكي قد يدفع المنطقة إلى مزيد من التأزيم من خلال تصعيد الحوثيين عملياتهم البحرية ضد سلاسل الإمداد الأمريكية: “نؤكد أن استهداف البنى التحتية اليمنية وتضييق خيارات العيش الكريم على اليمنيين لن يمنح أمريكا النصر، بل يعكس حالة ضعف ووهن وفشل إدارة ترامب في تحقيق أهداف حملتها العسكرية، ومثل هذه الجرائم قد تشكل دافعاً لصنعاء لاستخدام خيارات مزعجة لأمريكا، وخاصة أن قوات صنعاء تمتلك قدرات عسكرية متطورة تتيح لها اتخاذ خيارات مضادة لحرب أمريكا الاقتصادية”.
وأضاف: “من الخيارات التي لا نستبعد اتخاذها خلال الفترة القادمة رفع مستوى التصعيد ضد سلاسل الإمداد الأمريكية في البحر العربي والمحيط الهندي ولا نستبعد نعرض سلاسل إمداد أمريكية للاستهداف من قبل قوات صنعاء في البحر الأبيض”.
جريمة حرب
حكومة صنعاء اعتبرت “أن استهداف العدو الأمريكي لميناء رأس عيسى النفطي، جريمة حرب متكاملة الأركان، لكون الميناء منشأة مدنية وليست عسكرية تخدم جميع اليمنيين، وليست حكراً على فئة معينة”، وقالت في بيان: “في جريمة حرب جديدة، أقدم العدو الأمريكي على استهداف ميناء رأس عيسى النفطي بمديرية الصليف في محافظة الحديدة ليمثّل بهذا العدوان، الذي لا مبرر له على الإطلاق، انتهاكاً صارخاً لسيادة اليمن واستقلاله، واستهدافاً مباشراً للشعب اليمني بأكمله”.
وجدد التأكيد على أن “موقف الجمهورية اليمنية في مناصرة أبناء الشعب الفلسطيني ثابت وراسخ ومبدئي، ولن تؤثر فيه الجرائم الأمريكية، وسنستمر في عملياتنا الإسنادية التي نجحت بعون الله سبحانه وتعالى، بنسبة 100٪ في منع الملاحة الإسرائيلية من البحر الأحمر، ونؤكد استمرار إسنادنا بمختلف أنواعه وأشكاله للشعب الفلسطيني المظلوم حتى إيقاف العدوان على غزة وإنهاء الحصار على سكانها”.
وأوضح العميد سريع، في بيان، “أن القوة الصاروخية نفذت عمليةً عسكريةً استهدفتْ هدفاً عسكرياً في محيطِ مطارِ بن غوريون في منطقةِ يافا المحتلة، وذلك بصاروخٍ باليستي نوع ذو الفقار”.
وذكر أن “القوة الصاروخية وسلاح الجو المسير والقوات البحرية نفذت عمليةً عسكريةً مزدوجةً استهدفتْ حاملتيِ الطائرات الأمريكيتينِ “ترومان” و”فينسون” والقطع الحربيةَ التابعةَ لهما في البحرينِ الأحمرِ والعربي وذلك بعددٍ من الصواريخِ المجنحة والطائرات المسيرة”، مشيرًا إلى أن “هذا الاستهداف هو الأول للحاملة «فينسون» منذُ وصولِها إلى البحرِ العربي”.
وقال إنه “وللشهرِّ الثاني على التوالي، تستمرُّ القواتُ المسلحةُ (التابعة للحركة) في التصدي الفاعلِ والمسؤولِ للعدوانِ الأمريكي على بلدِنا، كما وعدت بمواجهة التصعيد بالتصعيد”.
كما أعلن العميد سريع “أن الدفاعات الجوية نجحت في إسقاطِ طائرةٍ أمريكية نوع (إم كيون-9) أثناءَ قيامِها بتنفيذِ أعمالٍ عدائيةٍ في أجواءِ محافظةِ صنعاءَ، وذلك بصاروخٍ أرض جوّ محليّ الصنع، وتُعد هي الخامسة في غضونِ ثلاثة أسابيع، والعشرين خلالَ معركةِ الفتحِ الموعود والجهادِ المقدسِ إسناداً لغزة”.
في المقابل، ذكر الجيش الإسرائيلي أن “سلاح الجو اعترض صاروخًا أطلق من اليمن”، قائلاً: “تم تفعيل إنذارات في عدة مناطق في البلاد”، كما تحدثت وسائل إعلام إسرائيلية وفلسطينية عن سماع دوي صفارات الإنذار في منطقة تل أبيب الكبرى وغرب الضفة الغربية وجبال غرب القدس، تلاها سماع انفجارات عقب رصد صاروخ من اليمن، ورفعت حشود المتظاهرين في صنعاء الأعلام اليمنية والفلسطينية، وهتفت بالنصر للمقاومة والتحدي للتصعيد الأمريكي في اليمن.
إدانات دولية
فصائل المقاومة الفلسطينية أدانت في بيانات منفصلة الغارات الأمريكية التي استهدفت ميناء رأس عيسى في اليمن، وأدانت حركة المقاومة الإسلامية، حماس، العدوان الجوي الأمريكي الإجرامي الذي استهدف ميناء رأس عيسى النفطي بمحافظة الحديدة في الجمهورية اليمنية الشقيقة، الذي أسفر عن استشهاد وجرح العشرات من المدنيين، بينهم مسعفون وعاملون في الميناء.
وأكدت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين “أن العدوان الأمريكي الآثم على اليمن لا ينفصل عن جرائم الإبادة الصهيونية في غزة، فالمجرم واحد، والنار واحدة، والضحايا هم المدنيون الأبرياء الذين يدفعون ثمن صمت العالم وتواطؤ المنظومة الدولية”، كذلك، اعتبرت حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين، الهجوم “عدوانًا همجيًا سافرًا يرقى إلى مستوى جريمة حرب صريحة، ضمن تصعيد عسكري غير مسبوق”.
أيضًا، أدانت لجان المقاومة في فلسطين بأشد العبارات العدوان الأمريكي، معتبرة أنه “جريمة جديدة تضاف إلى سجله الحافل بالعدوان وسفك الدماء بحق شعوب الأمة”، وأعرب المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، إسماعيل بقائي، عن “تضامن الجمهورية الإسلامية الإيرانية مع الشعب اليمني المقاوم”، داعيًا إلى “وضع نهاية لصمت المجتمع الدولي وعدم تصرفه إزاء الانتهاك الصارخ للقانون الدولي وحقوق الإنسان على يد أمريكا ضد الشعب اليمني”.