تحذيرات من حرب بحرية واسعة: واشنطن تحاصر الحديدة نفطياً

عقب استئناف صنعاء حظر السفن الإسرائيلية في نطاق عملياتها البحرية رداً على استمرار الحصار الإسرائيلي لقطاع غزة، أعلنت الولايات المتحدة، أمس، فرض حصار نفطي على ميناء الحديدة الواقع على الساحل الغربي لليمن، والذي تدخل عبره احتياجات ملايين اليمنيين المقيمين في المحافظات الخاضعة لسيطرة “أنصار الله”.

وبالتزامن مع بدء شركات دنماركية وفرنسية وألمانية تشغّل سفناً مرتبطة بإسرائيل، مساء أولَ أمس، تسيير رحلاتها عبر رأس الرجاء الصالح، إثر تلقّيها توصيات من “هيئة عمليات التجارة البريطانية” بمراجعة مدى انطباق الشروط اليمنية عليها تجنباً للاستهداف في البحر الأحمر أو خليج عدن والبحر العربي، أعلن مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لوزارة الخزانة الأميركية، أن قرار استثناء دخول المنتجات البترولية إلى ميناء الحديدة سينتهي في الرابع من نيسان المقبل، ليمنع وصول السفن النفطية إلى الميناء بعد هذا التاريخ.

وجاء في القرار أنه “يُسمح بتنفيذ المعاملات المتعلّقة بتوصيل وتفريغ المنتجات البترولية المكرّرة في اليمن، والتي تشمل الحوثيين أو أي كيان يمتلكون فيه حصة 50% أو أكثر، حتى صباح الرابع من نيسان المقبل، بشرط أن تكون السفن القادمة إلى الحديدة قد حُمّلت في الخامس من الشهر الجاري، وأن يكون استخدام شحنات النفط تجارياً أو شخصياً أو إنسانياً”.

ورداً على ذلك، أكّد مصدر اقتصادي مقرّب من حكومة صنعاء لـ”الأخبار” أن حركة “أنصار الله”، لا علاقة لها بآلية استيراد المشتقات النفطية، وأن عملية الاستيراد تجري عبر القطاع الخاص المحايد وفق المواصفات الدولية وأسعار البورصات العالمية ومن موانئ معروفة.

ويأتي القرار الأميركي هذا، في إطار سلسلة عقوبات ضد صنعاء، وفقاً لقرار التصنيف الأخير لحركة “أنصار الله ” كمنظمة إرهابية أجنبية. كما يأتي في ظل تحذيرات أممية من خطورة أي عقوبات قد تُفرض بموجب ذلك التصنيف على الحركة التجارية والقطاع الخاص اليمني، أطلقها مبعوث الأمم المتحدة لدى اليمن، هانس غروندبرغ، خلال لقائه السفير السعودي في اليمن، محمد آل جابر، وسفراء الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن في الرياض، خلال اليومين الماضيين.

الخطوة الأميركية قد تدفع صنعاء إلى استخدام ورقة النفط ضد الولايات المتحدة والغرب

وأكّد مراقبون اقتصاديون أن “استخدام واشنطن ورقة المشتقات النفطية ستكون له تداعيات خطيرة، وقد يعيد الاضطرابات إلى البحر الأحمر مرة أخرى”، مشيرين إلى أن “هذه الخطوة قد تتسبّب بحرب بحرية واسعة نطاق، وقد تدفع صنعاء إلى استخدام ورقة النفط ضد الولايات المتحدة والغرب”، محذّرين من أن “واشنطن ستخوض مقامرة غير محسوبة في حال قرّرت منع دخول سفن الوقود إلى ميناء الحديدة”.

وبرزت، في الموازاة، تحرّكات أميركية لإنشاء خطة دفاعية جديدة في المنطقة لمواجهة عمليات “أنصار الله” المتوقّعة. ووفقاً لمصادر استخباراتية في صنعاء تحدّثت إلى “الأخبار”، فإن واشنطن تحاول إحياء تحالف “حارس الازدهار” بصورة أخرى منذ أسابيع، وإن حراكاً عسكرياً جرى مع السعودية والإمارات وحكومة عدن وأطراف أخرى، لتشكيل تحالف عسكري بذريعة حماية الملاحة الدولية في البحر الأحمر.

وكانت “القيادة المركزية الأميركية” أعلنت أن قائدها، الجنرال مايكل كوريلا، قام بجولة جديدة في المنطقة شملت إسرائيل والأردن وسوريا والسعودية، والتقى رئيس أركان الفصائل الموالية للتحالف السعودي – الإماراتي في اليمن. وتركّزت النقاشات، وفق بيان للقيادة، على التطورات الإقليمية والتعاون الدفاعي المشترك.

ويشير توقيت جولة كوريلا الذي سبق له أن زار تلك الدول خلال الأشهر الماضية، بعد اتساع رقعة المواجهات إلى جبهات اليمن ولبنان والعراق، إلى أنها تندرج ضمن المحاولات الأميركية لحماية الاحتلال الإسرائيلي، خصوصاً أنها جاءت تزامناً مع إعلان اليمن استئناف العمليات المساندة لقطاع غزة. كما تعكس هذه التحركات مخاوف أميركية من اتخاذ العمليات اليمنية ضد العدو، منحى خطيراً، في ظل احتمال عودة الحرب على غزة.

رشيد الحداد

قد يعجبك ايضا