تجلّي الحقائق عن الروابط والعلاقات
تجلّي الحقائق عن الروابط والعلاقات
مما يتجلى أيضاً في يوم القيامة: حقائق مهمة حول الروابط فيما بين الناس، في اتجاهين مختلفتين تماماً:
اتجاه الشتات وتقطع هذه الروابط، وتحول هذه الروابط إلى حالة عداوات، وذلك في من التأم شملهم في هذه الدنيا واجتمعت كلمتهم في طريق الباطل، أو في معصية الله -سبحانه وتعالى- أو في مواقف باطلة وظالمة وخاطئة، في يوم القيامة تنتهي هذه الروابط وتتقطع هذه الأسباب والعلاقات، وتبدأ الحالة حتى على مستوى الأسرة، الأسرة التي كانت ملتئمة الشمل في هذه الدنيا وفي هذه الحياة في صف الباطل، أو في طريق الباطل، أو في المواقف الظالمة، أو في معصية الله -سبحانه وتعالى- يعبر القرآن عن هذه الحالة: {يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ (34) وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ (35) وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ (36) لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ}[عبس: 34-37]، حتى على هذه الحالة من الروابط التي كانت في الدنيا روابط أسرية: الأخ مع أخيه، الابن مع أبيه، والأب مع ابنه، والإنسان مع أمه وأبيه، مع زوجته، مع صاحبته، تنتهي تلك الروابط، وتتفكك وتتقطع تلك الأسباب، ويتشتت الشمل شتاتاً رهيباً وشتاتاً أبدياً، لا يلتئم الشمل مرةً أخرى، في عالم الآخرة الخاسرون والهالكون والخائبون سيعيشون في وضعٍ مفكك لا روابط فيه، لا ينعمون بتلك الروابط التي كانت في الدنيا، الإنسان بمفرده للأبد، له خصومة مع الجميع، وله عداوة مع الكل، ويحس بأنه لوحده، لم يعد بينه وبين أي أحد أي رابطة ولا أي علاقة.
على مستوى الأخلاء الذين كانوا في الدنيا تربطهم علاقة حميمة من الصداقة الوثيقة، وكانت في إطار توجههم في صف الباطل، أو في موقف الباطل، أو على معصية الله -سبحانه وتعالى- تتحول إلى عداوة، إلى كراهة شديدة جدًّا، وتصل الحالة كما عبَّر عنها القرآن الكريم: {الْأَخِلَّاء يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ}[الزخرف: من الآية67]، إلى هذه الدرجة تصل إلى درجة العداء والكراهة الشديدة، والبغض الشديد، والنفور الشديد من بعضهم البعض.