بين اليمن و أوكرانيا.. السعودية وفضيحة المشاعر الإنسانية
أصدر الملك السعودي سلمان، أوامره لمركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، ب”تقديم مساعدات طبية وإيوائية عاجلة بقيمة 10 ملايين دولار للاجئين من أوكرانيا إلى الدول المجاورة”. وقال المشرف على المركز عبد الله الربيعة، أن “التوجيه الكريم يأتي امتدادا لجهود المملكة الإنسانية في الوقوف إلى جانب المتضررين والمحتاجين في أرجاء المعمورة والتخفيف من معاناتهم”.
نفس هذه “الالتفاتة الإنسانية” للقيادة السعودية إزاء المتضررين والمحتاجين من اللاجئين الاوكرانيين بهدف التخفيف من معاناتهم بسبب الحرب، كانت قد اتخذتها القيادة الإماراتية إزاء اللاجئين الاوكرانيين، حيث أرسلت الامارات مساعدات “إنسانية” بملايين الدولارات، للتخفيف عن هؤلاء اللاجئين المحتجين، بهدف التخفيف من معاناتهم بسبب الحرب.
يبدو ان القيادتين السعودية والاماراتية، تتمتعان بمشاعر إنسانية مرهفة جدا، الى الحد الذي لا يمكنهما تحمل مشاهدة صور اللاجئين الاوكرانيين، وهم يُنقلون بالقطارات والحافلات المجهزة والمكيفة، الى الدول الأوروبية، التي تتسابق لأخذهم بالأحضان، وتقديم كل ما يلزم لهم، من مسكن وملبس وطعام، حتى انه لم يسجل ان إقامة دولة أوروبية مخيما في العراء لهؤلاء اللاجئين، او ان هناك من مات منهم من الجوع والعطش والمرض والوباء والحصار.
اللافت ان المراقبين لمشهد المشاعر الإنسانية المتدفقة من السعودية والامارات على اللاجئين الاوكرانيين الأوروبيين، لا يرصدون لهذه المشاعر من أثر، عندما يتعلق الامر بالشعب اليمني العربي المسلم الجار، الذي تشن عليه الشقيقتان العربيتان المسلمتان الجارتان، حربا شعواء، من دون ادنى مبرر، منذ 8 سنوات، وخلقت اكبر مأساة إنسانية في العصر الحديث، بشهادة عشرات ومئات التقارير الصادرة عن منظمات اممية، فقد ازهقت هذه الحرب أرواح مئات الالاف من الشعب اليمني الصابر، إما بالقصف واما بالجوع والعطش والامراض والاوبئة والحصار، حتى بات يموت طفل يمني كل 10 دقائق، امام مرآي ومسمع العالم الغربي المنافق، وامام صمت عار للدول العربية والإسلامية.
اللافت أيضا ان أصحاب المشاعر الإنسانية المتدفقة حصرا على الأوكرانيين في السعودية والامارات، لا يكتفون بقتل الطفولة والأمومة والإنسانية في اليمن، بل نراهم يطاردون اليمنيين في كل مكان من اجل قطع ارزاقهم وتجويعهم، وآخر تقرير يشهد على هذا الحقد الاعمى على الشعب اليمني، كان التقرير الصادر حديثا عن منظمة الهجرة الدولية، الذي كشف عن عودة نحو 20 الف يمني مقيم في السعودية الى بلادهم منذ مطلع العام 2022 فقط، بسبب القيود التي فرضتها السلطات السعودية عليهم وإبلاغهم بمغادرة أراضيها لأسباب غير واضحة. وفي المقابل أصدرت السلطات السعودية تعليماتها بتوفير كل الإمكانيات للأوكرانيين والاوكرانيات الموجودين في السعودية، وتسهيل معاملاتهم الخاصة بالعمل والإقامة وتمديدها وعدم التضييق عليهم حتى انتهاء الحرب على بلادهم!.
منظمة هيومن رايتس ووتش اتهمت السلطات السعودية في تقرير لها صدر في عام 2021، بارتكاب انتهاكات عنصرية بحق اليمنيين المقيمين في السعودية، مثل قرار إنهاء وعدم تجديد عقود العمل والإيجار الخاصة بهم، وملاحقتهم وفرض القيود عليهم، عند المنافذ البرية، بالإضافة الى الانتهاكات التي يتعرضون لها في السجون السعودية.
أخيرا، كان قرار بالسماح لبعض السفن المحتجزة من قبل السعودية في البحر الأحمر، بنقل الوقود الى داخل اليمن عبر ميناء الحديدية، والسماح لرحلتين جويتين في الأسبوع من مطار صنعاء الى القاهرة، في اطار الهدنة الإنسانية بين حكومة صنعاء والسعودية، اعتراف رسمي بحقيقة الحصار غير الإنساني، الذي تفرضه دول العدوان على الشعب اليمني العربي المسلم، وهو حصار أوصل اكثر من 20 مليون يمني الى حافة المجاعة والموت، وكشف وبشكل لا لبس فيه “فضيحة” المشاعر الإنسانية السعودية امام العالم.
* المصدر :قناة العالم الإخبارية