بوادر الصراع بين وليي العهد في السعودية تخرج للعلن
يؤكد المغرد السعودي الشهير المعروف باسم “مجتهد” بأنّ عهد السعودية بالمحمدين، محمد بن سلمان ومحمد بن نايف، سيكون هو الخاتمة للأسرة السعودية، كما كانت بدايتها بالمحمدين، محمد بن سعود ومحمد بن عبدالوهاب.
ويذكر مجتهد أن حراكاً يجري داخل العائلة السعودية لتحويل التأييد السري للأمير أحمد بن عبد العزيز “إلى جهد عملي، ينتهي بتمكينه من السلطة، إما كملك أو ولي عهد بصلاحية كاملة”.
ويقول بأن الخطوات في هذا السياق بدأت بتكوين “جماعة ضغط” لانتزاع “موافقة أغلبية العائلة والعلماء وربما الملك نفسه، أو إصدار بيان من العائلة يضع المحمدين أمام الأمر الواقع”.
ويستخدم المروجون لأحمد حجة أن “أن المجازفة بمشاكل محدودة تترتب على السعي لتنصيب أحمد؛ أهون من كوارث أكيدة ستنتج من تهور ابن سلمان”،
ويضيف مجتهد بأنّ “المراهنة على محمد بن نايف تلاشت تماما”، مؤكدا “تحول الكثير ممّن كان يظنه صمام أمام في العائلة إلى اعتباره حجر عثرة في طريق إنقاذ العائلة”.
وفي سياق غير بعيد، أعدت وكالة فرانس برس تقريرا ذكرت فيه جملة من المؤشرات الدالة على “صراع السلطة” بين المحمدين. يقول خبراء ودبلوماسيون إن صراعا على السلطة يدور بين وليي العهد في الأسرة السعودية المالكة في وقت تواجه السعودية تحدياتٍ خطيرة في الداخل والخارج على حد سواء.
ويسود توتر واضح منذ أشهر بين ولي العهد محمد بن نايف (56 عاما) وزير الداخلية وقائد عمليات مكافحة الإرهاب، ومحمد بن سلمان الثلاثيني نجل الملك ووزير الدفاع. ويشغل محمد بن نايف ومحمد سلمان على التوالي المرتبتين الثانية والثالثة بروتوكوليا لخلافة الملك سلمان الذي اعتلى العرش وهو في التاسعة والسبعين من العمر.
ويقول الخبير في الشؤون السعودية فريديريك ويري من مركز كارنيغي للسلام الدولي إن هذا الخلاف وإنْ لم يكن واضحا للعلن في السعودية التي لا تجاهر بشؤونها الداخلية، “يؤدي إلى قرارات سياسية مقلقة جدا للخارج والداخل”.
ويرى أن من جملة هذه القرارات التدخل العسكري في اليمن وسياسة “الحزم” التي تمارس على الصعيد الوطني بعيدا عن الإصلاحات المطلوبة في هذا البلد، بحسب قوله. ويقول الخبراء إن التوتر بين الأميرين تفاقم بعد الإقصاء المفاجىء في أبريل الماضي لولي العهد مقرن الذي كان معينا من الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز الذي توفي في يناير.
ويرى الخبير في الشؤون السعودية ستيفان لاكورا من مؤسسة سيانس بو في باريس إن “كثيرين رأوا في ذلك شكلا من أشكال الانقلاب” الذي يسمح لفرع من آل سعود “باحتكار السلطة”. ولم تتم إزاحة ولي للعهد في السعودية من قبل، وإنْ كانت الأسرة المالكة قد أقالت الملك سعود في 1964.
وصرح دبلوماسي غربي إن حالة مقرن تدل على أن “صفة ولي ولي العهد هشة”، وهذا ما يفسر سعي محمد بن سلمان إلى تعزيز سلطته. وإلى جانب حقيبة الدفاع، يترأس محمد بن سلمان مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية في السعودية ويشرف على أرامكو المجموعة النفطية العملاقة التي تحتل المرتبة الأولى بين مصدري النفط في العالم. ويقول ويري إن “محمد بن سلمان استحوذ بسرعة على سلطة ونفوذ استثنائيين ما يسمح له بزعزعة خصومه”.
ويرى الدبلوماسي من جهته أن ولي ولي العهد “يحتاج إلى تعزيز موقعه ليصبح عند وفاة والده شخصا لا يمكن الاستغناء عنه” لأنه يخشى المعاملة التي سيلقاها من محمد بن نايف إذا اعتلى هذا الأخير العرش. ويشير لاكروا إلى أن محمد بن سلمان “يعمل كما لو أنه ولي العهد المعيّن، ما يثير توترا بالتأكيد”.
واعتبر دبلوماسيون إن إقالة وزير الدولة سعد الجبري القريب من محمد بن نايف في سبتمبر من منصبه، إشارة أخرى إلى تنافسه مع محمد بن سلمان. على الرغم من ذلك، لا يبدو موقع وزير الداخلية وولي العهد مهدَّدا.
ويرى دبلوماسي غربي “إن إقالة محمد بن نايف ستلحق الضرر” بالحكّام السعوديين الحاليين، مشيرا إلى أن الرجل “يحظى بالاحترام وبثقة الغرب وخصوصا في مجال مكافحة الإرهاب”.
ويؤكد دبلوماسي آخر أن محمد بن نايف يتمتع بولاء مسؤولي وزارة الداخلية ومعظم أفراد العائلة الحاكمة سيدعمون اعتلاءه العرش. ويضيف “لو كانوا يريدون التخلص منه لجعلوه كبش المحرقة” في كارثة تدافع الحجاج في مكة المكرمة التي أدت إلى سقوط أكثر من 2200 قتيل حسب حصيلة غير رسمية.
في المقابل، يشعر عدد من أفراد عائلة آل سعود بالقلق من قيادة محمد بن سلمان للحرب في اليمن. ويقول ويري “كل هذه العملية في اليمن أُعدّت لتعزيز موقعه”. لكن هذه الحرب المكلفة التي بدأت في مارس مستمرة، بينما خفّضت السعودية نفقاتها وباتت تستخدم احتياطاتها من القطع وتستدين لسد عجز قياسي في الميزانية نجم عن انهيار أسعار النفط. ويتوقع البعض تراجعا اقتصاديا كبيرا في السعودية، بينما يستبعده آخرون.
ويقول لاكروا إن الوضع ليس جيدا “لكنه ما زال مقبولا”. ويتفق خبراء ودبلوماسيون على القول إن اسرة آل سعود الحاكمة منذ 271 عاما ليست على وشك الانهيار. ويقول دبلوماسي “تم التكهن مرارا بنهايتها لأسباب عديدة لكنها ما زالت هنا (…) واحة صغيرة للاستقرار في الشرق الاوسط”، بحسب زعمه.