بهيج سكاكيني يكتب لشعب اليمني في الذكرى الثانية للعدوان السعودي-الأمريكي
عين الحقيقة/ بهيج سكاكيني
صادف يوم 25 من هذا الشهر الذكرى الثانية للعدوان السافر والهمجي السعودي الأمريكي على اليمن تحت مظلة “التحالف الإسلامي العربي” أو الدولي الذي تقوده السعودية. ومنذ 25 مارس 2015 أي منذ بدء العدوان العسكري المباشر لقوات التحالف لم تنقطع الضربات والغارات الجوية ولو ليوم واحد. لم توفر هذه الغارات الجوية مدرسة أو مستشفى أو مصنعا لإنتاج الغذاء أو الدواء أو مزرعة أو محطة لتوليد الكهرباء أو محطة لتوزيع المياه أو ميناء أو الطرقات والجسور التي تربط ما بين المدن والقرى. بمعنى أن هذا العدوان الهمجي قام بتدمير البنى التحتية بالكامل لبلد يعتبر من أفقر البلدان في المنطقة وربما في العالم. هذا بالإضافة الى فرض حصار بحري وجوي وبري لمنع وصول أية معونات إنسانية من غذاء ودواء وهو ما فاقم الازمة الإنسانية الحادة التي يعيشها اليمنيين. وقامت طائرات التحالف الغير مقدس بتدمير ميناء الحديدة وهو آخر الموانىء اليمنية الذي يشكل شريان الحياة لليمنيين لوصول شحنات الامدادات الإنسانية والطبية المحدودة في الوقت الذي تعاني منه البلاد من المجاعة. طائرات التحالف الهمجي لم توفر حتى قوارب صيد السمك تحت حجة أنها تحمل أسلحة وذخائر!!!! المراد هو قطع أي وسيلة للحصول على القوت اليومي لليمنيين. واليوم نسمع بأن طائرات التحالف السعودي قد ارتكبت مجزرة بحق لاجئين صوماليين قبالة الحديدة ذهب ضحيتها ما يقرب من الثلاثين ضحية جلهم من النساء والأطفال كانوا يستقلون قاربا متوجها الى السودان. وقد حذرت كل المؤسسات والمنظمات الاغاثية والإنسانية بما فيها التابعة للأمم المتحدة بحدوث كارثة إنسانية غير مسبوقة في تاريخ اليمن. وقد أشار تقرير صدر في 15 آذار/مارس عن الأمم المتحدة ومنظمة يونسيف والبرنامج العالمي للأغذية من أن حوالي 60% من سكان اليمن يعانون حاليا من المجاعة. وذكر التقرير “يمثل اليمن حاليا أحد أكبر بؤر المجاعة عالميا، حيث ارتفع عدد الأشخاص الذين يعانون منها منذ حزيران/يونيو من العام 2016 بنسبة 21% فيما يمر حوالي 17 مليون شخص بمرحلتي الحالة الطارئة أو حالة الأزمة من الامن الغذائي.” من الواضح أن هذا التحالف الفاسق الذي تقوده السعودية يستخدم سياسة التجويع والقتل والتدمير كسلاح يراد به تحريك الشعب اليمني ضد الجيش اليمني واللجان الشعبية التي تقاوم العدوان. تأليب الشعب ضد حماة الوطن ومقاومة العدوان هي نفس النهج الذي انتهجه الكيان الصهيوني وما زال في اعتداءاته المستمرة على قطاع غزة، وحصاره بالكامل والتحكم بدخول المواد التموينية والطاقة ومواد البناء وغيرها. بالرغم من حجم المآسي الذي يعانيه سكان اليمن وخاصة الاطفال والنساء وكبار السن والمرضى بأمراض مزمنة وعدم توفر مواد العلاج لهم، فان العالم الخارجي يبدو أنه لا يدرك أن اليمن بلد متواجد على هذا الكوكب وبالتالي وبشكل عام لا يحرك ما يسمى بالمجتمع الدولي ساكنا. ليس هذا فحسب بل أن هنالك العديد من الدول وعلى رأسها التي تدعي الديمقراطية وحقوق الانسان وعلى رأسها الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا تقوم بتزويد السعودية بكل المستلزمات من الأسلحة المتطورة والذخائر والصواريخ الموجهة لا بل والقنابل العنقودية التي تسببت المواد السامة التي تحتويها الى تشويهات خلقية للعديد من الأطفال الحديثي الولادة حتى الاجنة لم تسلم من هذا العدوان الهمجي. كما وتقدم هذه الدول كل الدعم اللوجيستي والسياسي لهذا العدوان الفاجر الذي يحصد يوميا البشر والحجر. هذه الدول المارقة التي تدخلت في كوسوفو وليبيا تدخلا مباشرا تحت يافطة الكذب “التدخل الإنساني” ما زالت تشارك بدعم تدمير الانسان اليمني وتدمير الهوية والتاريخ والمعالم الحضارية في اليمن والتي يعود بعضها الى ما يقرب من الفين عام. صفقات الأسلحة التي أبرمت مع السعودية والتي وصلت قيمتها بعشرات المليارات من الدولارات المخصصة الى عدوانها على اليمن أحب الى هذه الدول من حياة الانسان وحقوقه تلك الشعارات التي يتشدقون بها في وسائل اعلامهم ليلا ونهارا. للتذكير لمن فقدوا الذاكرة وفقدوا البوصلة نعيد ما كنا قد ذكرناه منذ ما يقرب من عامين عندما بدأ العدوان الغاشم على اليمن على أن هذا العدوان بدأ عندما كانت المكونات السياسية والاجتماعية والقبلية في اليمن على قاب قوسين من التوقيع على ما سمي باتفاق التفاهم والشراكة بين هذه المكونات والتي كان من الممكن في حال تطبيقه ان يضع اليمن وربما لأول مرة في تاريخه المعاصر على سكة الاستقرار والتنمية والتطور الحقيقي لخدمة الشعب اليمني بأسره بعيدا عن الهيمنة والتسلط والعبودية لآل سعود الذين عبثوا بأمن اليمن واستقراره لعقود من الزمن وقاموا بضم أجزاء من أراضيه قسرا وعنوة وهي الممثلة بجيزان ونجران وعسير. التدخل السعودي الأمريكي في اليمن كان يسعى وما زال الى تقسيم اليمن وتكريس عملية انفصال الجنوب كخطوة على طريق تقسيم اليمن الى أقاليم لا رابط بينها أسوة للمخطط الأمريكي للمنطقة من إعادة رسم خرائط المنطقة وتقسيمها الى كانتونات طائفية ومذهبية وعرقية متناحرة فيما بينها ومعتمدة على الأجنبي للبقاء والحياة مما يتيح للولايات المتحدة الإبقاء على قواعد عسكرية متناثرة في المنطقة للحفاظ على مصالحها الاستراتيجية من تدفق البترول للأسواق العالمية وبالأسعار التي تناسبها وامكانية استخدامه كسلاح سياسي كما حصل ضد الاتحاد السوفياتي السابق وروسيا الان والسيطرة على طرق امداده ومن هنا الهجمات المركزة على للسيطرة على الأراضي اليمنية المطلة على مضيق باب المندب، وكذلك ضمان الامن للكيان الصهيوني، ومنع قيام أية كيان أو دولة في المنطقة التي من الممكن أن تشكل خطرا على المصالح الامريكية أو استراتيجيتها الكونية. الحرب على اليمن شكلت نموذجا للسياسة الخارجية الجديدة للولايات المتحدة التي تتمثل في استخدام الأدوات في المنطقة ليقوموا بالدور الرئيسي للدفاع عن المصالح الامريكية ودفع كل تكاليف هذه الحرب المجنونة واكتفاءها بتقديم الدعم اللوجيستي والسلاح الأمريكي المدفوع ثمنه طبعا، الى جانب الدعم السياسي في المحافل الدولية ومنع ادانة العدوان والوقوف ضد كل المؤسسات الحقوقية والاغاثية والإنسانية في حالة رفع أصواتهم لتوقف العدوان أو ادانة الهمجية السعودية. فمنذ اللحظة الأولى للعدوان السافر الذي تقوده السعودية تشكلت غرفة العمليات المشتركة في الرياض والتي ضمت ضباطا سعوديين وأمريكيين لإدارة العدوان وقامت الأقمار الاصطناعية الامريكية بتحديد احداثيات المواقع التي يراد قصفها وقامت البوارج الحربية الامريكية بفرض طوق بحري لمنع وصول اية معونات الى اليمن الى جانب تزويد الطائرات “السعودية” بالوقود وهي بالجو لتعمل على مدار الساعة دون توقف لتدمير البنى التحية وكل شيء متحرك في اليمن. كل هذه القرصنة تتم وللأسف الشديد تحت أعين ودعم من قبل الأمم المتحدة وأمينها العام السابق والحالي على الرغم من مخالفتها للقوانين الدولية ولكنها شريعة الغاب والبترودلار هي السائدة. منذ بدء العدوان كان الرهان وما زال على الحل العسكري. وفي بداية العدوان كان الرهان على أن اليمنيين من الحوثيين وأنصار الرئيس السابق علي عبدالله صالح والجيش اليمني سيقومون بالاستسلام في غضون أيام أو أسابيع قليلة. أخطأ المحللون في تقديراتهم لسبب بسيط الا وهو أنه كافة تقديراتهم كانت مبنية بالدرجة الأولى وربما الوحيدة على الأسلحة ونوعيتها والقدرة النارية والتدميرية التي تمتلكها السعودية وتلك التي يمكنها الحصول عليها باستخدام مليارات البترودولار. العنصر الذي لم يأخذه الخبراء والمحللون وجوقة الاغبياء وكتبة السلطان القابعين في مراكز الأبحاث الاستراتيجية في الرياض، نقول العنصر الذي غاب عن تقديراتهم هو الانسان اليمني الذي وعلى مسار تاريخه لم يرضى بحياة المذلة، لم يؤخذ تصميمه على الدفاع عن عرضه وأرضه والوقوف ضد الغزاة. هذا الانسان الذي يمتلك من الشعور بالعزة والكرامة أكثر بكثير من المليارات التي يمتلكها آل سعود وغيرهم من الدول الخليجية. العزة والكرامة هذه الكلمات أساسا لا تتواجد في قاموس عبيد البيت الأبيض وبالتالي الفشل الذريع في اخضاع الشعب اليمني وقواه الحية بالرغم من استخدام كل الة الدمار التي امتلكتها السعودية وزودتها بها المصانع الحربية في أمريكا وفرنسا وبريطانيا حتى وصلت الى الأسلحة الكيماوية المحرمة دوليا مثل القنابل العنقودية والتي وثق استخدامها من قبل التحالف الذي تقوده السعودية العديد من المنظمات الدولية ومن ضمنها تلك التابعة للأمم المتحدة. لقد استطاعت السعودية ولغاية الان تعطيل أي حل سياسي للازمة اليمنية وهي مصرة للان على الاستسلام الكامل للجيش اليمني واللجان الشعبية التي تقاتل معه العدوان وتسليم أسلحتهم والانسحاب من المدن الرئيسية وكأن هذا الجيش جيشا جيء به من دولة أخرى لغزو الأراضي اليمنية وهي ما فعلته السعودية التي استقدمت بعد الدفع مقدما فرقا عسكرية من بعض الدول العربية والإسلامية وحتى مرتزقة من دول أمريكا اللاتينية عن طريق شركة بلاك ووتر سيئة الصيت. كما واستطاعت شراء المواقف السياسية بالرشاوي تارة وبعقد صفقات سلاح تارة أخرى وتهديد الأمم المتحدة إذا ما تجرأت بعض مؤسساتها أخذ خطوات أو تبني تقارير تدين اعتدائها على اليمن أو استخدامها لأسلحة محرمة دوليا أو ادانتها على ارتكاب مجازر ضد السكان المدنيين وهو ما حصل في أكثر من مناسبة مثل قصف مركز للعزاء في صنعاء الذي ذهب ضحيته أكثر من 140 شهيدا هذا عدا عن قصف أحياء سكنية وأسواق عامة وحفلات أعراس ومستشفيات ومدارس وغيرها وجميعها موثقة من قبل المنظمات الاغاثية والصليب الأحمر وهيومن رايتس ووتش وغيرها. ولكن هذا الامر لن يدوم وسرعان ما سينقلب السحر على الساحر وعلى الداخل السعودي عاجلا أم آجلا بحيث يصبح هذا الداخل مهددا على أكثر من صعيد. والاستراتيجية التي اتبعها الجيش اليمني وحلفائه منذ أكثر من عام المتمثلة بنقل المعركة الى الداخل السعودي وخاصة في نجران وجيزان وعسير وهي أراضي يمنية بالأصل وكذلك الاستخدام الفعال للصواريخ المطورة يمنيا لضرب المواقع العسكرية داخل الأراضي السعودية قد بدأت تعطي ثمارها على ما يبدو. والدليل على ذلك هو ما نقلته مؤخرا ميدل ايست أي عن ارسال الجيش الباكستاني الى لواء من القوات المقاتلة لتعزيز الحدود الجنوبية بالسعودية التي تنشط فيه القوات اليمنية ردا على العدوان السعودي. كما أن الانتصارات التي يحققها كل من الجيش السوري مدعوما بحلفائه الاوفياء في سوريا وكذلك الجيش العراقي في دحر المجموعات الإرهابية من داعش وأخواتها لا بد ان تنعكس بشكل أو بآخر على الصراع في اليمن وفي دحر العدوان السعودي الأمريكي هنالك. ان صمود وانتصار محور المقاومة لا بد أن يلقى بظلاله على الساحة اليمنية. الى جانب كل هذا هنالك أصوات بدأت ترتفع على مستوى الساحة الدولة تطالب بوقف العدوان ورفع الحصار المضروب على اليمن للتمكن من ادخال المساعدات الإنسانية ومن غذاء ودواء الى سكان اليمن ولا شك ان صور الأطفال الذي هزلت اجسامهم وتحولت الى هياكل عظمية تنتظر الموت لا بد لها أن تحرك الضمير الإنساني لشعوب العالم. في النهاية نقول إن الشعب اليمني مصمم على دحر الغزاة مهما كان الثمن وان شعاره المرفوع ” نجوع ونعرى ولكن لن نركع”.