بن سلمان، ملِك بالوكالة في “وكالة من غير بوَّاب”!!
لن ندخُل في موضوع ما اعتبرته وسائل الإعلام العالمية محاولة إنقلابٍ في السعودية، خاصة ما تداولته هذه الوسائل من إطلاق نار في محيط بعض القصور الملكية، وإصابة الملك سلمان أو وليّ عهده، ولا نحن بصدد الوقوف عند دور القوات الأميركية وشركات الأمن الخاص من مثيلات “بلاك ووتر” في ضبط الأمن الداخلي للمملكة والأمن الشخصي للعائلة المالكة، هذا الدور الذي تعزَّز وتضاعف بعد “حادثة الأمراء” وإقالة رئيس الحرس الوطني متعب بن عبدالله، الذي ورد إسمه أكثر من مرة في محاولات هزهزة العرش السعودي الحالي.
منذ تشرين الأول/أكتوبر من العام 2017، بدأ الحديث عن أن الملك سلمان سيتخلى قريباً عن العرش لنجله محمد، وهذا التأجيل ليس رغبة من الملك بالبقاء على عرش هو أصلاً لم يجلس عليه منذ وصوله وذلك لأسباب صحيَّة، لكن الملك بالوكالة محمد بن سلمان الذي تمَّت ترقيته على حساب آخرين من أبناء عبد العزيز وأحفاده، يبدو أنه لم يمتلك حتى الآن قُدرة حمل مفتاح الباب الملكي والوصول الى العرش، بسبب عدم رضا “هيئة البيعة” عليه، وحقد المُتضررين من أبناء عمومته، وخوف العُقلاء من تهوّره في اليمن وكذلك في سوريا.
تعيش المملكة فعلاً حالة “وكالة من غير بوَّاب”، وتخضع لأكبر عملية إبتزاز مالي منذ تأسيسها، فقط لمجرَّد أن الغرب وفي طليعته أميركا، يجب أن يحلب البقرة حتى يجفّ ضرعها، كما قال دونالد ترامب ويكررها دائماً، و”البُعبع” الذي يحمله ترامب ويُخيف به المملكة، قسم منه داخلي يرتبط بأمن العرش، والقسم الثاني خارجي يرتبط بخوف أهل العرش من قُدرات إيران.
آخر وسائل إبتزاز ترامب للسعودية، تصريحه يوم الثلاثاء الماضي بحضور ضيفه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، أنه “على بلدان المنطقة الثريَّة بالشرق الأوسط، أن تتكفَّل بالمصاريف الكبيرة التي ننفقها لحمايتها”، وأن واشنطن أنفقت 7 مليارات دولار على حماية بلدان ثريَّة، وأن إدارته سوف تستبدل جنودها بالمنطقة بجنود هذه الدول، مما دفع وزير الخارجية السعودي الى تجيير “الكمبيالة” المستحقّة الدفع لترامب، الى دولة قطر، التي كان لوزير خارجيتها ردّ على نظيره السعودي.
الملفِت في تجيير عادل الجُبير الإستحقاق المالي الأميركي لقطر، أن مملكته التي استضافت منذ فترة القِمَّة العربية، يُخاطب وزير خارجيتها دولة قطر بلغة التهويل والتهديد والعدوانية قائلاً:”يجب على قطر أن تدفع ثمن وجود القوات العسكرية الأمريكية في سوريا، وأن تقوم بإرسال قواتها العسكرية إلى هناك قبل أن يُلغي الرئيس الأمريكي الحماية الأمريكية لدولة قطر والمتمثلة بوجود القاعدة العسكرية الأمريكية على أراضيها، وإلا فإن النظام القطري سيسقط خلال أسبوع”، ويتجاهل الجُبير أن مملكته أيضاً لولا أميركا كانت ستلقى نفس المصير، نتيجة هشاشة وضعها الداخلي وصراعات الأجنحة العائلية على العرش.
هذه المملكة المُشرَّعة أبوابها في سابقة لا مثيل لها، لصفقات التسلُّح من أميركا وبريطانيا وفرنسا، ولصفقات “إرضاء الخواطر” التي يُجريها بن سلمان من أجل تدعيم “عرش الأحلام”، تجعل من هذا العرش وكأنه “يتراقص على صفيحٍ ساخن”، مُعارضة داخلية لوصول بن سلمان لم تُسكتها جوائز الترضية التي أغدق بها ولي العهد عبر السماح للنساء بقيادة السيارة، أو عبر فتح دور السينما وإقامة الحفلات، لأن الأزمة الداخلية في السعودية تمُرّ في مخاض انتقال السلطة من أبناء مُتفاهمين ينتمون الى أربعة أجنحة عائلية، الى أحفادٍ ينتمون الى عشرات الأجنحة، ومَن يكسب رضا الغرب بالمال للوصول الى العرش، تنتظره عقبات في الداخل وصراعات في قلب البيت العائلي الواحد، وبانتظار عودة ما تُسمَّى “هيئة البيعة” لممارسة دورها- ودورها قد لا يعود- تبقى المملكة مشرَّعة على كل أبواب الإبتزاز الغربي والأميركي و”وكالة من غير بوَّاب”…
أمين أبوراشد “موقع المنار”