بنهاية الحروب يفرض المنتصر شروطه.. مندوبو التحالف في مسقط لاستيعاب خطوط صنعاء الحُمر
المسيرة نت : إبراهيم الوادعي
بانقلاب كامل للصورة الوضع في اليمن في ظل الحرب والحصار المفروضين عليه منذ ست سنوات من قبل تحالف تديره واشنطن والرياض، مختلف تماما عن حاله في الأيام الأولى للحرب.
مندوبو التحالف والولايات المتحدة انتقلوا الى سلطنة عمان حيث يتواجد مفاوضي صنعاء وباتوا ينتظرون في ردهات الفنادق بالساعات بالساعات جواب الاخيرين على مقترحات يجري تقديمها لوقف إطلاق النار لا تتجاهل خطوط صنعاء الحمر، بعد ان كان يجري إيقاف وفد صنعاء التفاوضي بالساعات في جيبوتي، ويقوم السفير الأمريكي السابق في اليمن جيرالد فايرستاين في مفاوضات جنيف والكويت إبلاغهم بالمغادرة لكونه سئم من المفاوضات.
فما الذي تغير؟!
وبالعودة الى الأيام والساعات الأولى للحرب المفاجئة على اليمن ففي غضون ساعات اجهز التحالف على ما تبقى من منظومات دفاعية جوية كانت تبقت لدى الجيش ولم تصل اليها يد الأمريكيين الذين عملوا على مدى سنوات سبقت العدوان في 26 مارس 2015م على تدمير ما بحوزة الجيش اليمني من منظومات دفاعية سام 6 وكفادورا وبتشورا وخلافه.
خلال السنوات الأولى من العدوان تسيد التحالف السعودي الأمريكي الأجواء اليمنية بحرية مطلقة بعد تدميره في الطلعات الأولى منظومات الدفاع الجوي المتهالكة والتي طالتها يد التدمير والهيكلة والتعطيل الأمريكي وكشف عن ذلك وثائقي الحرب على السلاح من انتاج قناة المسيرة الفضائية، وما تبقى من مضادات جوية حينها في بداية العدوان لم تكن مؤثرة وعديمة الجدوى في وجه الطائرات الشبحية اف 22 واف 15 واف 16 عماد ترسانة التحالف الجوية المغيرة على العاصمة صنعاء والمناطق اليمنية.
وفي جانب الصواريخ فما يملكه الجيش اليمني من منها بالإضافة الى قلة اعدادها، قديمة جدا اذ يعود انتاج بعضها كصواريخ سكود وهواسنغ الكوري الى حقبة ما بعد الحرب العالمية الثانية، في مواجهة ترسانة حديثة جدا واحدث ما توصلت اليه البشرية في تقنيات الأسلحة الذكية .
وبرغم الفارق الشاسع بين الترسانتين الصاروخيتين كما ونوعا فقد فوجئ الروس انفسهم ببراعة اليمنيين في استخدام تلك الصواريخ الروسية القديمة وانتقاء أهدافها حيث أوقع صاروخا توشكا على سيبل المثال على صافر في سبتمبر من العام 2015م مجزرة حقيقية في صفوف القوات الإماراتية لم تعهدها منذ تأسيسها في السبعينيات ، وفي معسكر التحالف في شعب الجن باب المندب اجهزت ضربة صاروخية مماثلة على قادة التحالف الميدانيين على الأرض من الجنسيات السعودية والاماراتية وبلاك ووتر وقادة مرتزقة وضباط صهاينة يشاركون في إدارة عمليات التحالف على الأرض وقيادات في تنظيم القاعدة كان جميعهم يعقدون اجتماعا لحظة استهدافهم بصاروخ التوشكا الروسي .
وعلى البر وبالاعتماد على حزب الإصلاح الخائن فقد شرع التحالف في تكوين جيش محلي تابع له ويأتمر بأوامره تحت مسمى “الجيش الوطني” وبدا هذا الجيش العميل المزود بأسلحة حديثة في إدارة عمليات القتال البري الواسعة مستعينا بغطاء جوي كان يمهد له بمئات الغارات للسيطرة على المناطق اليمنية وتمت له السيطرة على الجنوب اليمني لمناطق الشرقية في شمال اليمن ويهدد فعليا العاصمة صنعاء ، وبعد سقوط الخائن عفاش انتجت الامارات رديفا للجيش المصطنع “الجيش الوطني ” يضم خليطا من السلفيين وعناصر المجلس انتقالي وبقايا الخائن عفاش ويتمدد في الساحل الغربي وزود كما سابقه بأحدث الأسلحة والدعم الجوي واللوجستي، وحاليا يتصارع المكونين في اكثر من مكان .
وفي مواجهة وضع كهذا وحصار منع وصول الغاء والدواء فضلا عن السلاح استنهضت صنعاء قواها واتجهت للتصنيع المحلي لتوفر احتياجاتها من السلاح، وأدرك قادتها انه مالم يكن هناك توازن ردع فلن يكون بالإمكان إيقاف الحرب على الأقل.
وخلال السنوات من 2016 وحتى 2019م اعتمدت استراتيجية دفاعية حافظت خلالها على قدر كبير من الأرض بغية كسب الوقت الى للوصول الى اتقان انتاج أسلحة صاروخية تعيد التوازن مع التحالف
وهو ما بدا يتضح منذ العام 2018م مع ظهور اول أجيال الصواريخ اليمنية الذكية وبتصنيع كامل بعد أملاك تقنيات تصنيع الوقود الصلب محليا، وخلال المعرض الأخير للتصنيع العسكري ظهرت صواريخ يمنية متنوعة ومتعددة من ضمنها لصواريخ ذات الرؤوس المتشظية وصواريخ الكروز وجميعها يمني مائة بالمائة.
كما بدأت القيادة اليمنية بناء سلاح جوي من الصفر عمليا بعد تدمير الطائرات القديمة سواء بعمليات سبقت العدوان او باغتيال الكوادر الجوية خلال الفترة من 2011 وحتى 2014م ، وخلال العامين الأخيرين ظهرت أجيال متطورة جدا من الطارات المسيرة بمختلف المهام من الرصد الى الطائرات الانتحارية الى الطائرات التي تقوم بعمليات القصف وتعود ، وبمديات متعددة وقوة تفجيرية هائلة ، واخر تلك المسيرات التي كشف عنها طائرة وعيد والبالغ مداها 2400 كيلو متر وتصل الى الأراضي الفلسطينية المحتلة وعبر عن قلقه علانية الكيان الإسرائيلي .
دخل العام السابع من العدوان وقد ادرك القادة السعوديون انهم عالقون وباتوا في وضع خطر بعد ان أظهرت العملية الأخيرة عشية ذكرى بدء الحرب على اليمن ، وعمليات سابقة ان الطرف اليمني بات قادرا على شل الحركة الجوية في المملكة ، ويد أضحت تطال كل الأهداف الاقتصادية من راس تنورة وحتى جيزان جنوبا وينبع في الغرب ، واعلن رئيس الوفد الوطني أرامكو هدفا لليمن خلال العام السابع ، وذلك يقلق العالم وليس السعوديين فقط فهي تنوء بحمل حيوي واساسي من اعتماد الولايات المتحدة والغرب من النفط العربي الخفيف والرخيص.
بعد ست سنوات من الحرب فان لقادة السعديين وصول الى قناعة مكرهين بان اليمن يخرج من تحت عباءتهم، واليمن الذي عهدوا خلال الملوك السباقين وينتظر في لقمة عيشه اذنا منهم قد ولى ، والمبادرة التي اطلقوها ليست اكثر من حفظ الوجه وهم على استعداد لتعديل بنودها سريعا وفق رغبة صنعاء ، والا ماذا يفعل مبعوثوها في عمان والذي يعملون على التعديل والحذف وفق رغبة صنعاء التي وضعت خطوطا بالفصل بين القضايا الإنسانية والسياسية والعسكرية .
ما من شك ان الحرب العسكرية السعودية والأمريكية وصلت الى نهايتها ، وذلك تقر به وتقوله مراكز دراسات غربية وامريكية ، وان الجبهة السياسية هي التي ستشتعل في المرحلة المقبلة ، وما يرشح عن مفاوضات مسقط فان الاتجاه للحل يتجه نحو اطار عام يفصل بين القضايا الإنسانية كفتح مطار صنعاء وميناء الحديدة والقضايا السياسية ويسبق وقف اطلاق النار ورفع الحصار الولوج الى العملية السياسية التفاوضية ..
..و تلك هي شروط صنعاء حددها السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي بوضوح في خطابه عشية الذكرى السادسة للعدوان على اليمن وايدتها مختلف القوى السياسية اليمنية وأعاد تأكيدها رئيس وفد صنعاء التفاوضي في عمان محمد عبدالسلام ، و المبعوث الأمريكي والاممي والسعودي هم من عادا الى سلطنة عمان حيث يقيم رئيس وفد صنعاء التفاوضي ولم يكن الأخير هو من ذهب اليهم..
.. ثمة حقيقة تاريخية أن المنتصر في نهاية الحروب هم من يضعون شروطهم.
وثمة حقيقة أخرى تاريخية أيضا ان الخونة وهنا يمثلهم- شرعية هادي والإصلاح والانتقالي وبقايا عفاش – هم الغائب دائما في نهايات الحروب وصناعة السلام.