بلاد الحرمين الشريفين ترزح تحت احتلال دولي محكم وارض مفتوحة للقوات والقواعد الأمريكية وساحة حرب محتملة لأي دولة لها قواعد بالمنطقة
إعداد / جميل الحاج
إلي متي يعمل حكام الخليج لصالح الغرب على حساب شعوبهم ودماء ودمار الشعوب العربية فقد ارتبطت الأنظمة الحاكمة في دول الخليج باتفاقيات حماية قديمة مع النظام الاستعماري الغربي خاصة وأن الاستعمار البريطاني تولى تأسيسها وتأطيرها لتتولى مهمة رعاية مصالحه الاستعمارية في المنطقة وفق شرعية القوة وشراء الذمم فكفلت للأسر الحاكمة الخليجية الأمن والأمان والاستقرار مقابل حفظ الفضل للدول الاستعمارية بتنفيذ الاجندة الغربية بكل حذافيرها بل بأكثر مما توقعه الغرب فحافظت على مصالحها الاقتصادية والسياسية وحتى الثقافية وتكفلت بمحاربة التوجهات الاصلاحية في المنطقة الدينية منها والقومية فكانوا بحق “بعضهم أولياء بعض” وكل ذلك أدى الى رهن جزيرة العرب أرضا وشعبا وثروة واعتقادا للقوى الاستعمارية الغربية وتم تحييدها عن بعدها الاستراتيجي العربي والاسلامي وتغريبها عن ثقافتها العربية الاسلامية والقومية والأنقى استخدامها كقاعدة متقدمة للقوى الاستعمارية الغاشمة في الضغط واحتلال الدول العربية والإسلامية وما العراق عنا ببعيد.
وتميزت الأنظمة الحاكمة الخليجية بالقدرة العالية على مسايرة اللعبة السياسية المحلية والعالمية والتأقلم مع متغيرات موازين القوى فبدأت ولاءها للإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس ثم بعدما أفل نجمها انتقل الولاء إلى القوة الناشئة الأمريكية لما سطع نجمها لتكون جزيرتنا العربية ساحة مباحة العرض والأرض والثروة ووقعت أنظمتنا الحاكمة في الخليج الاتفاقية تلو الأخرى مع الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا كاتفاقيات الدفاع مع فرنسا وروسيا والصين كما عقدت الاتفاقيات السرية مع الكيان الصهيوني.
دول الخليج من اكبر دول العالم في مشتريات الاسلحة الا انها لا تستطيع حماية أراضيها ولذا منحت الدول الأجنبية القواعد تلو القواعد
إن حكومات دول مجلس التعاون الخليجي تصرف جزءا كبيرا من ميزانياتها على مشتريات الأسلحة حتى غدت في المركز الثاني بعد المحتل – الولايات المتحدة الأمريكية – في معدلات الإنفاق على مشتريات الأسلحة والغريب في الأمر أنها تصرح رسميا وأمام العالم أجمع بضعفها وخورها وعدم قدرتها على حماية أراضيها ولذا منحت الدول الأجنبية القواعد تلو القواعد ,حتي كتب الامريكيون بكل بأن الدبلوماسية الأمريكية القائمة على إشعال الحروب نجحت نجاحا باهرا (فها نحن الآن متواجدون فوق أكبر بحر للنفط في العالم وبدعوة كريمة من أمراء هذا البحر نتمتع بما يتمتع به الضيوف من ميزات وبكرم عربي حيث استقبلونا بالورود) ثم أكدوا على نواياهم المبيتة بالقول (نحن نطبق الآن على أهم مصادر النفط دون الحاجة إلى استخدام مخالبنا وسنبقى إلى الأبد).
ومما لا شك فيه أن أمريكا استغلت قابلية الأنظمة الحاكمة الخليجية للاحتلال والاستعباد بالإضافة إلى ضعفها وعدم ثقتها بشعوبها لتحقيق مصالحها العليا بنجاح كبير ، فقد تطور شكل الوجود العسكري الأمريكي في منطقة الخليج العربي واتسع نطاق التسهيلات العسكرية المقدمة للقوات الأمريكية في صورة قواعد ومحطات وموانئ ومطارات ومعسكرات وبصورة طوعية قد وصلت إلى درجة الاستجداء والتوسل بطريقة مهينة زرعت اعتقادا لدى الأمريكان والغرب عامة بأن الهيبة الدينية لجزيرة العرب ليس لها أساس على أرض الواقع فطالب الأمريكان بمزيد من التسهيلات كحق استخدام المجال الجوي وزيارة الموانئ واستخدام المطارات العسكرية وعمليات النقل الجوي والانتشار المتقدم وخدمات الوقود والصيانة وتخزين الأسلحة والقيام بالمناورات العسكرية المشتركة حتي أصبحت دول الخليج مقاطعة أمريكية أو بريطانية بل أسوأ من ذلك فهي ساحة لتجربة الأسلحة الجديدة وتخزينها وسوق لشراء الاسلحة منها وتقدر بعض المصادر الدولية أن هناك أكثر من ثمانية عشر قاعدة عسكرية أمريكية وبريطانية وفرنسية في دول الخليج الستة بلا استثناء.
امريكا جعلت من دول الخليج ذراع لها في المنطقة لتنفيذ اجندتها وصنعت من خلالها المبررات لوضع قواعد عسكرية امريكية في دول الخليج
كما هو معرف ان الولايات المتحدة الامريكية اتخذت من دول الخليج ذراعا لها لتنفيذ اجندتها في المنطقة العربية وعملت دول الخليج وعلى راسها السعودية على تدمير الشعوب العربية واصتنعت امريكا الصراعات والعدوات واوهمت دول الخليج بانها في خطر من جيرانها وذلك لوضع القواعد العسكرية الامريكية .
وتأتى أهمية تلك القواعد من أنها تشكل مراكز عمليات عسكرية رئيسة متكاملة تتمتع باستقلالية تامة وقدرة عالية على دعم كافة أنواع العمليات القتالية الجوية و البرية والبحرية وتتم إدارتها بموجب اتفاقات عسكرية سرية مع حكومات دول الخليج الست المضيفة لها وكل ذلك يمكِّن القوات الأمريكية من إدارة عمليات عسكرية رئيسة بشكل سريع في اتجاهات مختلفة دون حاجة لخطط حشد كبرى .
فقاعدة الجفير العسكرية القريبة من المنامة تضم مركز قيادة الأسطول الخامس الأمريكي، ومركز قيادة القوات الخاصة ، أما في الكويت فيتواجد الجيش الأمريكي في قاعدة علي السالم الجوية ومعسكر أعريفجان وقاعدة أحمد الجابر الجوية ومطار الكويت الدولي وميناء الأحمدي أما عمان فتتركز التسهيلات العسكرية الممنوحة للولايات المتحدة في ميناء قابوس بمسقط وميناء صلالة ومطار السيب الدولي وقاعدة المثنى الجوية وقاعدة تيمور الجوية وقاعدة مصيرة العسكرية.
وتتمتع القوات الأمريكية في دولة الإمارات العربية بتسهيلات عسكرية في عدة مواقع كقاعدة الظافرة الجوية بأبوظبي ومطار الفجيرة الدولي، وميناء زايد ومينائي رشيد وجبل علي بدبي وميناء الفجيرة، ويتواجد في الإمارات قاعدة فرنسة جوية وبحرية بالقرب من مضيق هرمز الاستراتيجي أما في قطر فهناك أكبر قاعدة أمريكية في الخليج العربي وتتسع لأكثر من عشرة آلاف جندي وتستضيف القيادة المركزية للقوات الأمريكية.
بلاد الحرمين ترزح تحت احتلال دولي وارض مفتوحة للقوات والقواعد الأمريكية وساحة حرب محتملة لأي دولة لها قواعد بالمنطقة
اما في بلاد الحرمين الشريفين فقد حصلت القوات الأمريكية على تسهيلات عسكرية ولوجستية في الدمام والهفوف والخبر وتبوك وينبع وقاعدة الملك عبد العزيز بالظهران وقاعدة الملك فهد البحرية بجدة وقاعدة الملك خالد الجوية بأبها، وقاعدة الرياض العسكرية، وقاعدة الطائف العسكرية وقاعدة الأمير سلطان الجوية جنوب الرياض تستقبل القواعد مقاتلات إسرائيلية وتقدم تسهيلات لوجستية متنوعة للقوات الجوية الإسرائيلية في إطار التعاون بين البلدين للحرب على الإرهاب والتجهيز لضرب أيران.
ان كثرة القواعد الجوية والبرية والبحرية الأمريكية والبريطانية والفرنسية والاسرائيلية واتفاقيات الدفاع والحماية الأمريكية والفرنسية والبريطانية والروسية والصينية والتسهيلات العسكرية الممنوحة لكل من هب ودب في جزيرة العرب تجعل المنطقة تحت احتلال دولي محكم وساحة حرب محتملة لأي دولة من هذه الدول التي لها قواعد بالمنطقة ولا يوجد أي مبرر مطلقا لأي من مشتريات الأسلحة بالكم والنوع الذي تقوم فيه دول الخليج فلمن هذه الأسلحة؟ وكيف سيتم استخدامها؟ وما هي الصلاحيات التي تمنحها الولايات المتحدة والقوى الاستعمارية الأخرى للقوات الخليجية؟ وفي ظل الضعف والوهن السياسي الرسمي الخليجي وعدم ثقة الأنظمة بمواطنيها فهل للجيش الخليجي صلاحيات حقيقية للدفاع عن وطنه؟
الأسر الحاكمة في الخليج تعزز قوتها ووضعها الداخلي بتعزيز علاقاتها بأمريكا من خلال مشتريات الأسلحة الأمريكية المتقادمة
إن مشتريات الأسلحة الخليجية خاضعة لدوافع وأسباب أو ضغوطات سياسية خارجية من باب توطيد علاقاتها وتحالفاتها مع الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وفرنسا حيث تلجأ الحكومات الخليجية إلى عقد صفقات عسكرية ضخمة في لحظات الضعف السياسي وعدم الاستقرار الداخلي وحالات عدم الرضا الشعبي لتضمن الدعم الأجنبي .
كما أن هذه المشتريات الضخمة تكون أحيانًا نابعة من دوافع تتعلَّق بتعزيز الموقع السياسي للدولة وهيبتها ونفوذها وليس لتعزيز أمن البلاد وحمايتها من الأخطار الخارجية فالأسر الحاكمة الخليجية تعزز قوتها ووضعها الداخلي من خلال تعزيز علاقاتها بالولايات المتحدة الأمريكية ولا شك إن هذه العلاقة تتطور وتتحسن من خلال مشتريات الأسلحة الأمريكية المتقادمة أو التي خرجت أساس من الخدمة وأصبحت عبئا على مخازن الأسلحة الأمريكية أو حتى التراب الأمريكي خوفا من تلوث البيئة ليأتي دور منظومة حكومات مجلس التعاون الخليجي.
الإنفاق الضخم على التسليح في السعودية
من المعلوم أن المملكة السعودية زادت من حجم إنفاقها العسكري بشكل مضطرد حتى وصل خلال العام الماضي 2014م إلى أكثر من 81 مليار دولار ليشكل ثالث أكبر ميزانية عسكرية في العالم بعد ميزانيتي الولايات المتحدة الأمريكية والصين على صعيد شراء الأسلحة خلال العام الماضي 2014 ، بالإضافة الى انفاق مليارات الدولارات في صفقات مشبوهة لشراء اسلحة في العام 2015 بالتزامن مع شن عدوانها على اليمن.
تم تداول بعض المعلومات عن صفقات الأسلحة السعودية والتي منها شراء اسلحه أميركية الصنع بقيمه 150 مليار دولار مع مصاريف تدريب وصيانه وقطع غيار لمدة خمس سنوات ، وشراء طائرات من فرنسا بقيمه 36 مليار”طائرات رافائيل” كما تكفل السعوديين بدفع مبلغ 26 مليار دولار لشراء طائرات “رافئيل الفرنسيه” هديه لمصر ، بالإضافة الى ابرام صفقه سياسيه مع روسيا 30 مليار ، والرشاوي التي دفعتها المملكة لشراء مواقف الدول لمنحها شرعيه العدوان على اليمن.
نفقات عدوانها على اليمن
في ضل التعتيم السعودي على خسائرها بعدوانها على اليمن لا يستطيع أحد حتى الساعة تقديم أرقام دقيقة عن تكلفة العدوان السعودي على اليمن ، غير أن التقديرات الأولية المبنية على تكاليف حروب أخرى مشابهة ترجّح بأن التكلفة بلغت أَكثر من 50 مليار دولار منها على سبيل المثال ـ لا الحصر ـ تكاليف تشغيل 175 طائرة مقاتلة وتزويدها بالذخائر ، حيث أن تكاليف استخدام مثل هذا العدد من الطائرات تقدّر بما لا يقل عن 175 مليون دولار شهرياً.