بعض معايير الشرعية الأمريكية!..بقلم/عبد العزيز البغدادي
منذ 11سبتمبر 2001 أخذ مفهوم الإدارة الأمريكية عن الشرعية ومعاييرها وكذا علاقتها بالإرهاب والفساد الذي تريد فرضه على العالم أخذا يتجليان من خلال الفعل أو رد الفعل اليومي في الأحداث في محيطها والعالم، ومن الأمثلة على هذه المعايير نبدأ بآخر تجليات هذه الإدارة صاحبة مصطلح الفوضى الخلاقة، فمحاولة انقلاب المعارضة الفنزويلية القائمة بالإيعاز إلى رئيس البرلمان بتنصيب نفسه رئيساً بالمخالفة الصارخة للدستور والتهديد الأمريكي باستخدام القوة ضد السلطة المنتخبة عمل مشروع ومقبول طالما وأمريكا هي من قررته !، وقيام أنصار الله في اليمن بمحاربة الإرهاب بالفعل وليس بالادعاء حسب السيناريو الأمريكي المتبع منذ مسرحية 11سبتمبر2001 الذي يقوم على زراعة الإرهابيين وإدارتهم وتوجيه السعودية وبعض دول الخليج غالباً بتمويلهم والإعلان كذباً وزوراً عن ملاحقتهم وخروج أنصار الله على هذا السيناريو يجعلها بنظر الشرعية الأمريكية حركة مارقة وغير شرعية ويجعل النظام التابع والعميل لأمريكا وبقرتها السعودية والإمارات هو النظام الشرعي !!
وتوجيه أمريكا والكيان الصهيوني للسعودية والإمارات بالعدوان على اليمن والمشاركة فيه ومحاصرته وتجويع أبنائه وتسخير ما يسمى الشرعية الدولية الممثلة في منظمة الأمم المتحدة والإقليمية الممثلة في الجامعة العربية لإخراج القرارات التي تعد أوقح وأقبح اعتداء على الشرعية، مثل هذه الممارسات التي تديرها الولايات المتحدة وبخبث ودهاء وبجاحة إنما هي أعمال مشروعة أمريكياً وما يخالفها غير مشروع وحق وما سواها هو الباطل !!
وجلب المرتزقة والإرهابيين وتجار الحروب إلى سوريا من كل أنحاء العالم لقتل شعبها والمحاولة الحثيثة لتغيير النظام عملٌ يصب في خانة الثورة المشروعة ضد الرئيس السوري ولوكان منتخباً لأن أمريكا قررت ذلك!
وحزب الله اللبناني في العين الصهيونية وهي ذاتها العين الأمريكية حزبٌ غير مشروع وإرهابي لأنه قاوم الإرهاب والاحتلال الصهيوني لجنوب لبنان بعد احتلال فلسطين وتشريد أغلب شعبها في أنحاء العالم وهو حزب غير شرعي لأنه حرر جزءاً كبيرا من لبنان ووضع حداً للانتهاكات الصهيونية لأجوائه وأراضيه التي اعتاد القيام بها بشكل شبه يومي قبل 2006 وحين حقق الحزب وحلفائه توازن الرعب صار الجزء الأكبر من اللبنانيين يؤمن بأن قوة لبنان ليست في ضعفه ولا فيما يسمى بالنأي بالنفس كما يحلو للصوص المال والسياسة ترديده وإنما في التمسك بمعادلة الجيش والشعب والمقاومة ، والإدراك الواعي لمكامن المصلحة الوطنية اللبنانية وكيف يتم حمايتها والدفاع عنها ، وحزب الله منظمة إرهابية من وجهة النظر الأمريكية لدوره الواضح في هزيمة الإرهابيين في سوريا ، ومع أن كل أنشطة الحزب وفق القانون الدولي حق لكل شعب فإنها في نظر الإدارة الأمريكية أنشطة غير مشروعة ومن يقول بشرعيتها يدخل ضمن محور الشر!
والحشد الشعبي في العراق المكون من أطياف الشعب العراقي والذي قضي على داعش في أغلب مناطقه وفي أجزاء من المناطق السورية الحدودية منظمة غير شرعية لأنها تهدد الاحتلال الأمريكي للعراق!
فاحتلال العراق وقتل أبنائه وتشريدهم ونشر إرهاب القاعدة ومن بعدها داعش والنصرة في أرجائه وإعاقة بناء العلاقة الطبيعية بينه وبين إيران وجميع جيرانه كل هذا عمل شرعي طالما كانت أمريكا هي من يرسم خرائطه وعلى الحشد الشعبي العراقي ألاّ يتدخل في شئون العراق !!
لقد وصلت الوقاحة بالسفير السعودي ثامر السبهان مثلاً إلى التصريح نيابة عن الاحتلال الأمريكي عام 2016بأن الحشد الشعبي في العراق غير مقبول من المجتمع العراقي !!؛
أما إيران فمنذ أن ثارت على الطغيان البهلوي وسلمت سفارة الكيان الصهيوني للفلسطينيين وطردت السفير الصهيوني لتكون أول سفارة لفلسطين في العالم ، إيران بهذا العمل ولكونها الداعم الأول لمحور المقاومة إنما هي في نظر الشرعية الأمريكية دولة مارقة تقود محور الشر ولهذا تفرض عليها أمريكا عقوبات متواصلة ومتنوعة ومتجددة منذ أربعين عاماً والأفظع من هذا أن الأعراب يكافئونها بدعم العقوبات الأمريكية وبسيل من العداوات والحروب الموجهة صهيونياً بدأً بحرب صدام العسكرية التي دامت ثمان سنوات والمساهمة الفاعلة في محاصرتها بدلاً من مد جسور التعاون معها لما فيه مصالح الأقطار العربية والإسلامية بالدرجة الأساسية ، وآخر الحروب السياسية استجابة عدد من الدول العربية للتحركات الأمريكية والصهيونية أو بالأصح تنفيذ توجيهاتها بالسعي لتشكيل هذا الحلف السخيف المسمى حلف وارسو الجديد الذي تقوده الصهيونية حامي حمى السنة كما تروج له آلة إعلامها الموجهة حسب زعمها ضد الخطر الإيراني ، لم تجد الإدارة الأمريكية بيئة أخصب من بيئة الفساد السياسي والأخلاقي العربي للتعويض عن خسائرها المتلاحقة في المعارك التي أشعلتها في المنطقة والعالم فالأعراب على استعداد لنقل حالة التطبيع من السر إلى العلن تنفيذا للشرعية الأمريكية التي ترى أن للكيان الحق كل الحق في احتلال أرض فلسطين وفي بناء المستوطنات واستقبال شذاذ الآفاق من أنحاء العالم وقتل الأطفال وتكسير عظامهم والعمل على الإبادة الجماعية الممنهجة للشعب اليمني والفلسطيني وكل عمل يقوم به الكيان الصهيوني لحماية أمنه يعد في خانة الشرعية الأمريكية ،
أما السعودية التي أدخلها الاتحاد الأوروبي مؤخراً ضمن قائمة الدول الداعمة للإرهاب في العالم على خلفية مقتل الصحفي جمال خاشقجي مثلاً وما تقوم به من مجازر في اليمن هي في نظر الإدارة الأمريكية شريك أساسي لأمريكا طالما كان لها دورها التاريخي في وجود وبقاء الكيان الصهيوني حسب تصريحات ترامب التي أعقبت تصريحات نتانياهو المتعلقة بدور السعودية في قيادة موجة التطبيع الأخيرة أو بالأصح الإفصاح عنها مع بعض أو أغلب دول الخليج التي ترسخ في وعي حكامها أن وجودهم وبقائهم في السلطة مرتبط بوجود الكيان الصهيوني الذي يعد إبادة الفلسطينيين ضروري لأمنه مثل ضرورة إبادة اليمنيين لأمن السعودية ، ويرى لسان حال الكيان اليوم أن المهمة التي على بن سلمان إنجازها قبل أي خطوة تصعيدية حاسمة في قضية خاشقجي هي قيام البقرة الحلوب بخطوات دراماتيكية متسارعة في التطبيع العلني بين هذه الدول والكيان الصهيوني والسير فيما يسمى صفقة القرن وبعدها لكل حادث حديث، من يتابع ما تقوم به السعودية من أجل الصهيونية يتبين أن العلاقة بين الكيانين علاقة وجود وأن كليهما كيان ليس له مقومات للبقاء في ذاته ولكن كل منهما مرتبط بوجود وبقاء الآخر،
هذه فقط بعض الأمثلة على الشرعية بالمعايير الأمريكية ولعل في التأريخ عبرة لمن يريد أن يعتبر !!؛
كل أنفاسك مشرعةٌ للطغاة
وكل الأفاعيل مرصودةٌ
مكتوبة بالدماءْ
وأنت بلا أي قيدٍ تقادْ
وتستفرغ الحقدَ تجترُّهُ
وأنفُكَ تحتَ نعالِ الشهيدْ.
*نقلاً عن صحيفة الثورة