واصلت صنعاءُ توجيهَ رسائلِ الجُهُوزيةِ القتالية والاستعدادِ للتعامل مع كافة المتغيرات؛ لوضعِ تحالف العدوان ورعاته أمام الواقع الجديد الذي استطاعت القواتُ المسلحةُ فرضَه وتثبيتَه على الأرض، وما يتضمنه هذا الواقع من معادلات ردع لا سبيلَ لتفاديها إلا بالاستجابة لمطالب الشعب اليمني واستحقاقاته المشروعة.
الرسائلُ الجديدةُ وُجَّهت من خلال عرض عسكري لدفعة من قوات الحرس الجمهوري، في المنطقة العسكرية المركزية، بمحافظة مأرب، حَيثُ شهد العرض مناورة قتالية حاكى فيها الخريِّجون تنفيذ عمليات عسكرية نوعية، وتضمنت إنزالاً مظلياً، في تأكيد عملي جديد على تطور قدرات وتكتيكات القوات المسلحة وجاهزيتها للتعامل مع كافة الاحتمالات والمتغيرات.
ونقل وزير الدفاع اللواء، الركن محمد ناصر العاطفي، رسائلَ العرض العسكري والمناورة القتالية في كلمةٍ له أكّـدَ فيها أَنَّ اليمنَ بقيادتِه وشعبِه وجيشِه “مستعدٌّ لخيارِ السلام، ومتمسكٌ بصلابة وقوة سلاح الردع” في إشارة واضحة إلى أن البديل الوحيد عن الحل الفعلي هو القوة.
وأكّـد العاطفي أن “القيادةَ الثورية والسياسية العليا قابلت جهودَ إحلال السلام بإيجابية؛ حرصاً على تثبت السلام الشامل والعادل” وأنه “لا قبولَ لأية مراوغة أَو مناورة أَو تلكؤ من قِبل العدوان في تنفيذ ما تم الاتّفاقُ عليه من حقوق ومطالب مشروعه للشعب اليمني”.
ويحملُ هذا التأكيدُ رسالةً واضحةً لتحالف العدوان بأن كُـلَّ محاولات الالتفاف على مطالب الشعب اليمني أَو المماطلة في تنفيذها ستقود إلى نهاية مسدودة لن تحقّق فيها دول العدوان ما تأمله من مكاسبَ، بل قد تضاعف على نفسها كلفة الخروج من مأزقها الحالي، كما أنها رسالة واضحة بأن القيادة الوطنية تدرك طبيعة نوايا وتوجّـهات دول العدوان.
وقد عزز وزير الدفاع هذه الرسالة بتأكيد آخر على أن قيادة القوات المسلحة “تتابع عن قرب طبيعة التحديات التي يفرضها التدخل الأمريكي والبريطاني، وبشكل فاضح وواضح، لإعاقة مجمل الجهود المبذولة لتحقيق السلام، وفي مقدمتها الملف الإنساني”، في إشارة واضحة إلى مساعي رعاة العدوان التي تهدف للحيلولة دون إحراز أي تقدم يفضي إلى تمكين الشعب اليمني من حقوقه، وهي المساعي التي تضع السعوديّة بين خيارَينِ: إما رفضها والمضي نحو سلام فعلي، أَو الاستجابة لها ومواجهة التداعيات التي تجسِّدُها هذه العُرُوضُ العسكرية النوعية.
وفي هذا السياق أَيْـضاً، وجه وزير الدفاع تحذيرًا مباشرًا للنظامَينِ السعوديّ والإماراتي من عواقب الاستجابة للرغبات والمساعي الأمريكية والبريطانية، مؤكّـداً أن على الرياض وأبو ظبي “أن تكونا على يقينٍ تامٍّ بأن الذي يتكئُ على جدار أمريكا وبريطانيا مصيرُه الانهيارُ والفشلُ”.
وأضاف: “نقول لتحالف العدوان على اليمن، وعلى رأسه النظامين السعوديّ والإماراتي، أن مصلحة الأُمَّــة والنهوض بشعوبها وقدراتها الاقتصادية والأمنية واستعادة أمجادها تكمن بتعاون وتكاتف دولها” مؤكّـداً أن “القوات المسلحة اليمنية لديها كُـلّ الإمْكَانيات والقدرات التكتيكية القادرة على فرض قواعد اشتباك قوية ومؤثرة وجديدة، ولا شيء سيعصمُ المعتدين من غضب الشعب اليمني ومجاهديه”.
وتضع هذه الرسائل المباشرة قوى العدوان مرة أُخرى أمام ضرورة حسم قرارها بشأن السلام؛ لأَنَّ مسار المراوغة والمماطلة أَو الاستجابة للرغبات الأمريكية والبريطانية قد يفضي إلى معادلاتِ ردعٍ جديدة لا يمكن العودةُ إلى ما قبلها.
وأكّـد وزير الدفاع أن “القوى الاستعمارية تتحدث عن السلام في اليمن بينما تعمل على الأرض عكس ما تقوله كما اعتادت عليه في نهجها السياسي الذي بات مكشوفاً ومنهزماً أمام كُـلّ أحرار العالم” لافتاً إلى أن “أبناء الشعب اليمني يقفون اليوم أكثر من أي وقت مضى بقوة وصلابة وتماسك واقتدار؛ لاستكمال معركتهم التحرّرية الشاملة ضد المعتدين الطغاة وأزلامهم في الداخل”.
وأوضح أن تخريج الدفعات العسكرية النوعية “يمثّل رافداً قوياً لتعزيز قدرات الجمهورية اليمنية العسكرية المواكبة لمقتضيات المرحلة الراهنة بكل معطياتها وآفاقها المستقبلية” مشيرًا إلى أن “القوات المسلحة أصبحت مهابة على مستوى المنطقة كلها تدريباً وتأهيلاً وتسليحاً وجُهُوزيةً، بفضل الله وعونه، ودعم ورعاية ومتابعة قائد الثورة”.
ولفت إلى أن القوات المسلحة “تقف أمام استحقاقات واستراتيجيات عديدة في مقدمتها الحرص على الامتلاك الكامل للأدوات والوسائل والأساليب، التي تحقّق نقلات نوعية وخطوات متقدمة” مُشيراً إلى أن “التأهيل العلمي العسكري التخصصي وتكثيف التدريب والتوجّـه نحو استكمال تطوير الصناعات والقدرات العسكرية مهم جِـدًّا؛ لتغطية كافة احتياجات القوات المسلحة من قوة الردع الاستراتيجي”.
وأشَارَ إلى أن القوات المسلحة تحمل على عاتقها “مهامّاً مستقبلية عظيمة” وأن القدرات والخبرات العسكرية النوعية “ستسهم في تعزيز جوانب البناء والتحديث والتطوير لأداء تلك المهام”.
وحرصت القيادة الوطنية على مضاعفة جهود البناء في المجال العسكري خلال فترة خفض التصعيد؛ مِن أجل إعداد قوة ردع حاسمة تجبر الأعداء على مراجعة حساباتهم وتنهي آمالهم في مواصلة استهداف الشعب اليمني، حَيثُ شهدت فترة التهدئة العديد من العروض والمناورات العسكرية الكبرى التي كشفت عن تطور هائل في القدرات القتالية الوطنية سواء على مستوى القوة البشرية من حَيثُ العدد والتدريب، أَو على مستوى الإمْكَانات التسليحية، إذ تم الكشف عن عدة أسلحة نوعية.
وكان الرئيس المشاط، كشف مؤخّراً أن هناك عملياتِ تطوير مُستمرّة تجري على قدرات الردع الوطنية، وأعلن أن هناك تجارِبَ عسكرية سيتم تنفيذُها إلى بعض الجزر؛ الأمر الذي شكَّلَ تحذيرًا واضحًا لقوى الغزو ومرتزِقتها في كافة الجزر المحتلّة.
ويشكل التخريج المُستمرّ للدفعات العسكرية وإقامة العروض والمناورات تنبيهاً مُستمرّاً لدول العدوان ورعاتها بأن صنعاء ماضية في خيار بناء اليمن المستقل وما يتضمنه هذا الخيار من حتميات تتعلَّقُ بتحرير كافة الأراضي اليمنية وفرض السيادة على المياه والجزر، وهو ما يعني أن أية محاولات من جانب الأعداء لاستغلال التهدئة كغطاء لتثبيت الاحتلال ستصطدم بقوة ردع يعرف العدوّ أنها لا تقهر، ويعرف أنها أصبحت أكثر تطوُّرًا مما كانت عليه.