بعد 2000 يوم من العدوان على اليمن.. ماذا في خلفياته؟
في جردة حساب شاملة بعد 2000 يوم من العدوان على اليمن، تساؤلات كثيرة تبرز عن خلفياته وانطلاقته وهل كان قراره أميركياً “إسرائيلياً” في الجوهر سعودياً إماراتياً في التنفيذ.
وبعد 2000 يوم من العدوان لا تغيير لصالح تحالف الحرب، صنعاء بقيت صامدة وأسقطت أهدافه وأفشلت محاولات تحييدها عن الصراع بل نقلت الحرب إلى ضفة أخرى بتهديدها وضربها في العمق السعودي.
وفي أدائها المتصاعد فرضت صنعاء أوراقها وتحولت إلى لاعب بارز في قلب الإقليم، وصارت ورقة إسناد قوية للقضية الفلسطينية وبات بإمكان الفلسطينيين التعويل عليها في المعادلة بمواجهة تطبيع الأسرلة.
وفي ظل “مناخ أسرلة” تحوّلت تل أبيب إلى طرف علني في الحرب على اليمن بعدما كانت مشاركتها واضحة في الإدارة من الخلف وبالانخراط في مسار العدوان من بداياته وذلك في التدريب والتجسس وتقديم الخبرات وربما في القصف المباشر.
وهنا يأتي وصف عبد الملك الحوثي بأن السعودية والإمارات هما مجرد أداتين في تلك الحرب لتنفيذ مؤامرات أميركية-إسرائيلية.
في المنطقة المستهدفة أميركياً، لا يخرج اليمن عن نطاق المخطط الإسرائيلي للسيطرة، فالموقع المشرف على منافذ بحرية جعله هدفاً لحرب عدوانية، تكشفت أهدافها مع ظهور المشروع الإماراتي على حقيقته.
وكشفت سنوات الحرب الـ5 هدف بسط السيطرة الإسرائيلية على المنطقة. ولا يحتمل ذلك، أن يكون قرب المنافذ البحرية من يعرقل، تسليم مفاتيحها للإسرائيليين، وجزيرة سقطرى شاهدة على مخططات تحالف الحرب الإماراتي الإسرائيلي. وليس خفياً إبداء الخشية من أنصار الله في اليمن.
في البعد الاستراتيجي، كان واضحاً أن تلك الحركة قد انخرطت تدريجياً، في محور المقاومة الداعم للحق الفلسطيني، وذاك ما أزعج أدوات المشروع الإسرائيلي. فهل كانت لتستهدف لو أنها مالت إلى هوى المطبعين وتحالفهم ميلاً عظيماً؟
تكمن الإجابة في الفرق بين عدن وصنعاء، بل حتى في عدن ذاتها، فالأجدر بالبقاء من يقدم خالص الولاء.
في الواقع كانت “أنصار الله” صخرة يتحطم عليها ذاك المشروع، فقد أفشلت كل محاولات تحييدها على الأقل، ترهيباً تارة بتصعيد الحرب على اليمن، وترغيباً أخرى بالتفاوض.
بمثل هذا الصمود وعليه يكون التعويل من الفلسطينيين، في مواجهة قد تكون أشمل من جغرافية أرضهم التاريخية المسلوبة.
لعل جانباً منها قد بدأ فعلاً بالاعتداء على اليمن، ولم يعد هناك من حرج في ظهور الإسرائيليين طرفاً علنياً، بعد تشكيل تحالف حرب وكشف مستور التعاون العسكري.
قائد حركة أنصار الله عبد الملك لحوثي أكد أن أولوية العدوان على اليمن هي تنفيذ مؤامرات تل أبيب وواشنطن، وأشار إلى أن السعودية والإمارات والبحرين تتجه لتشكيل جبهة واحدة مع “إسرائيل” في المنطقة.
في اليوم الأول لإطلاق الحرب على اليمن خلال شهر آذار/مارس من العام 2015، أطل المتحدث باسم التحالف السعودي حينذاك متحدثاً عن تدمير إمكانات القوات المسلحة اليمنية في ربع الساعة الأولى، معلناً أن القضاء على أنصار الله لن يستغرق أكثر من أسابيع قليلة.
وبعد عدة أشهر على الحرب، قال ولي العهد السعودي محمد بن سلمان إنه لا مكان لـ”أنصار الله” في اليمن، ليعلن أيضاً أن التحالف السعودي سيجتث حركتهم وقوات الرئيس الراحل علي عبد الله صالح في بضعة أيام.
لكن بضعة الأيام هذه امتدت سنوات ليعود ولي العهد السعودي في العام 2018، ويعلن عن رغبته في إجراء مفاوضات مع صنعاء.
استمرت الحرب، ومعها، بدأت الصواريخ البالستية اليمنية والطائرات المسيرة باستهداف العمق السعودي ووصلت إلى الرياض وإلى مواقع نفطية مهمة في أكثر من مكان. وهو ما عبرت عنه مجلة “الايكونوميست” البريطانية بالقول إن “هذه الضربات هددت استقرار المملكة وسمعتها، وإن الفشل الميداني أفقد السعوديين الحماسة للحرب”.
وفي آخر تطورات الحرب على اليمن فقد أدت سلسلة الإخفاقات السعودية الى إقالة الملك سلمان بن عبد العزيز لقائد قوات التحالف فهد بن تركي وعدد من كبار الضباط.
ولليوم، يعاني اليمن من أسوأ كارثة إنسانية، حيث يحل الجوع والفقر على الشعب اليمني، وبات النظام الصحي على حافة الانهيار، والأسوأ ظهور إصابات بفيروس كورونا، في ظل قصف المستشفيات والمستوصفات الصحية، ونفوق المستلزمات الصحية في معظم المستشفيات الأخرى.
الإعلامي والباحث في الشأن اليمني طارق إبراهيم، قال للميادين إن “توقيت الحرب على اليمن بدأ من واشنطن التي تتدخل بكل تفاصيلها وتدعم حرب التحالف السعودي على اليمن بالذخيرة وعبر تقديم الدعم الاستخباري”.
وأضاف إبراهيم، أن “الحديث عن عدم وجود دور إسرائيلي في الحرب على اليمن لا يمكن أن يتقبله عقل أو ينم عن جهل”.
كما أكد إبراهيم أن “السعودية حصدت فشلاً عسكرياً برياً وجوياً ولم تستطع حسم معركة صنعاء، والسعودية تورطت في الحرب على اليمن وهي تستنزفها وتستفيد منها أطراف اقليمية”.
بدوره قال الصحافي المتخصص في الشؤون الخليجية سليمان النمر للميادين، إن “ولي العهد السعودي محمد بن سلمان يريد التخلص من الحرب على اليمن، ولا يمكن أن تسمح السعودية باختراق حدودها البرية مع اليمن”.
وأضاف أن “لمحمد بن سلمان مصلحة مع الولايات المتحدة تتعلق بأمنه الشخصي والوصول إلى العرش”، لافتاً إلى أن “إسرائيل تريد من خلال التطبيع فرض روح الاستسلام على الشعوب العربية”.
وفي السياق، قال الخبير في الشؤون الأمنية و الإسرائيلية عامر خليل، للميادين، إن “تل أبيب نفذت أكثر من اعتداء في عمق البحر الأحمر لمنع وصول أسلحة إلى غزة”، مشدداً على أن “إسرائيل شريك أمني فيما يجري في اليمن وتريد أن تحسم الحرب لصالح التحالف السعودي”.
كما لفت إلى أن “اليمن تحول الى حديقة خلفية داعمة للقضية الفلسطينية، وشعارات الدعم للقدس وفلسطين رفعت في صنعاء حينما كانت تقصف وهو ما أقلق نتنياهو”.
واعتبر خليل أن “ما يحدث في اليمن هو محاولة أميركية لحسم المعركة لصالح المحور الإسرائيلي الأميركي السعودي الإماراتي”.
الميادين نت