بعد تفكك التحالف السعودي الاماراتي: صنعاء ترتب لما بعد الحرب.. عودة العلاقات الدبلوماسية مع طهران وتواصل عربي من تحت الطاولة
الحقيقة/بندر الهتار
من الملاحظ أن مأزق التحالف السعودي الإماراتي يزداد تعقيدا في اليمن، ليس لأن القوات اليمنية باتت تمتلك إمكانات عسكرية فعالة، وجرأة في استهداف أي منشأة حيوية في السعودية كما حدث بالأمس بضرب عشر طائرات مسيرة حقل ومصفاة الشيبة النفطي على بعد كيلومترات قليلة من حدود الإمارات، ليس هذا فحسب، بل لأن كثيرا من دول العالم-إن لم تكن جميعها- باتت على قناعة تامة باستحالة انتصار التحالف، ما يفتح الباب على مصراعيه أمام تواصل سياسي غير مسبوق.
حتى من يلاحظ الترتيبات التي تقوم بها أنصار الله يجدها تتعلق بفترة ما بعد الحرب أكثر من كونها متعلقة باستمرارها، وخطاب السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي بالأمس كان خطاب المنتصر، فقد ركز في جانب واسع على الانفتاح لعلاقات دبلوماسية على أرقى مستوى مع أي بلد عربي وإسلامي، متطرقا إلى التطور الملحوظ في العلاقة مع طهران، والتي دخلت مرحلة جديدة من خلال تدشين التمثيل الدبلوماسي بين البلدين.
هذه العلاقة لم تكن لتعود لولا فشل التحالف وصمود اليمنيين، وحتى السيد الحوثي كان يتكلم بالفم الملآن عن هذه العلاقة وعن الاستعداد لعلاقات مماثلة مع كل الحكومات الراغبة بذلك، ساخرا من المزاعم التي يروجها التحالف بتبعية صنعاء لطهران، فالأخيرة كانت على علاقة جيدة مع نظام علي عبدالله صالح، ووقع البلدان سبعين اتفاقية لكنها لم تنفذ استجابة لضغوط سعودية، رغم أنها كانت تصب في مصلحة اليمن على المستوى الاقتصادي والعلمي وربما العسكري، لذلك فإن التطور الجديد يستأنف العلاقات من حيث انتهت مع فارق ألا وصاية اليوم على صنعاء، ولا يوجد من يرسم لها أين وكيف تتموضع.؟
من الواضح أن طهران اتخذت قرارا جريئا في الاعتراف الرسمي بسلطة صنعاء، لكنه قرار منطقي بعد أربع سنوات ونصف حيث تغيرت قناعات المجتمع الدولي والرأي العام تجاه حرب اليمن، ليس هذا فحسب، فالمسؤولين الإيرانيين ومن باب الثقة بحتمية فشل العدوان، كانوا على استعداد لتنفيذ هذه الخطوة العام الماضي، لولا أن صنعاء فضلت أن تختار التوقيت المناسب بناء على حساباتها وتقديراتها.
إنجاز جديد في إطار فك العزلة الدولية التي حاولت السعودية أن تفرضها على اليمن، فهذا البلد كان منكفئا نحوالداخل إلا من علاقات محدودة غير مؤثرة، وكثير ما كان يتعرض لتدخلات سعودية خشية أن تتعزز تلك العلاقات لتضع اليمن في موقعه الطبيعي استنادا إلى ما يمتلكه من موقع وثروات وحضور شعبي على مستوى قضايا الأمة وفي مقدمتها فلسطين، وحتى العدوان المستمر للعام الخامس كان قد وضع في حسبانه أن تكون الرياض الممر الإجباري في المستقبل لأي علاقات يمنية إقليمية أو دولية.
دول في المنطقة والعالم لا تنتظر سوى إعلانا رسميا لهزيمة التحالف في اليمن، وسنرى الوفود تحج إلى صنعاء كما هي سنة الحرب مع الطرف المنتصر، وما يعزز ذلك هو حديث السيد الحوثي بالأمس عن تلقيه الكثير من التعازي وبشكل غير مسبوق من دول عربية وإسلامية ودول أخرى في استشهاد أخيه إبراهيم الذي تعرض لعملية اغتيال قبل عيد الأضحى المبارك، وهذا يؤكد أن ثمة تواصلات تجري من تحت الطاولة، فكثير من الدول تربطها مصالح كبيرة مع اليمن على المستوى الاقتصادي والأمني في الحد الأدنى، خاصة مع تميز الموقع الاستراتيجي الذي يربط طريق التجارة العالمي من البحر الأحمر غربا إلى بحر العرب جنوبا.