بطاقة حب بمناسبة التشييع الكبير.. هذه قصة لقائي بالسيد نصر الله

د. إبراهيم علوش*

كانت أمسية لا تنسى، قبل نحو 25 عاماً، عندما حظيت بلقاء سماحة الـســيد ضمن أحد الوفود الأردنية المهنئة بـتــحــرير #جنوب_لبنان.

كان ذلك الوفد برئاسة القائد القومي والمــقــاتل الفلسطيني الراحل بهجت أبو غربية، وكنا 6 أنعم الله علينا بفرصة لقاء الـسـيد حــســن وبمحاورته.

بشوشاً، منفتح الذهن والقلب، واسع الأفق، هادئاً راسخاً كثائرٍ قبل الطوفان، متواضعاً، سهلاً ممتنعاً، تلتقط عيناه ما بين السطور وأبعد، لم يبخل علينا بالوقت أو الحُلم، فأصغى وأصغى.

بما أنني كنت أصغر أعضاء الوفد سناً آنذاك، قبل 25 عاماً، انتظرت حتى فرغوا من مداخلاتهم، ثم طرحت عليه سؤالين، بعد التهنئة باسترجاع الجنوب اللبناني:

1 – لماذا لا تفتحون باب التطوع للشباب العربي من خارج لبنان أيضاً، في سياق مشروع لتــحــرير كل فلسطين؟

فأحسست بريقاً في عينيه، عندما تقدم إلى الأمام قليلاً ليشرح أن شباب المــقــاومة كان من أهم نقاط قوتهم أنهم من أهل المنطقة، لذلك كانوا غير مرئيين للاحـــتــلال كمــقــاومين، أما إحضار مــقــاومين من غير أبناء المنطقة فسيضطرنا إلى تجميعهم في معسكرات أو نقاط سيكون من السهل جداً على العدو استهدافها.

ب – ماذا بعد بالنسبة لـحـزب الله؟ ما هي الخطوة المقبلة بعد تــحــرير الجنوب؟ هل ستبقون تنظيمياً في نطاق الطائفة الشيعية في لبنان، الأمر الذي سيقيدكم بالمعادلات الضيقة للمشهد اللبناني، أم أن الـحـزب سينطلق في عمله إلى الفضاء الشعبي العربي الرحب، كي يمضي قُدماً في مشروع تــحــرير فلسطين؟

وكان الجواب هنا مفتوحاً، فتح الباب لكثيرٍ من الأسئلة الأخرى، أكد فيه الرائع العظيم الالتزام القاطع بمشروع التــحــرير الكامل، من دون أن يعطي إجابة فعلياً على سؤال ربما لم يكن ذلك المجلس مكانه، وربما لم تكن قد تبلورت إجابة واضحة عليه بعد، لكنْ لم تكن لدي فرصة أخرى لطرحه.

وهو، بالعموم، سؤالٌ ما برح مطروحاً وقد طورته لاحقاً إلى مقالة تنتقد عدم توجه الـحـ.ـزب عربياً بعد فرض حصار طائفي عليه في الشارع العربي بعد عام 2006، وخصوصاً بعد “الربيع العربي”، فوجئت بسرور أن موقع قناة “المــنــار” نشرها.

بعدما انتهى اللقاء الذي لا ينسى، تتابع أعضاء الوفد في التسليم على الراحل الباقي الذي وقف خارج الغرقة ليودعنا، وانتظرت دوري حتى النهاية، وعندما وقفت أمامه سألته: هل تسمح لي يا سـيـــد أن أقبلك؟

ابتسم بسمةً عريضةً وأومأ بالموافقة، فعانقته وقبّلتُ طيب تلك اللحية، في لحظة لن أنساها مدى الحياة شرفني الله عز وجل وسمــاحــته بها.

شيعوه إن شئتم لكن لن أقولَ وداعاً.

هذه بطاقة حب لقائدٍ عربي عظيم، هو حفيد النبي العربي، كما هو للإسلام المــقــاوم بوصلة، ولكل أحرار الأرض.

*كاتب فلسطيني

قد يعجبك ايضا