بسبب العدوان والحصار والمنظمات.. اليمن يفقد جيلًا بأكمله بسبب سوء التغذية
“في حالة عدم التدخل لمواجهة سوء التغذية في اليمن، فإن جيلاً بأكمله سيكون عرضة للخطر”.. تحذيرٌ جديد استهلت به احدى المنظمات الدولية التابعة للأمم المتحدة تقريرها الذي تكشف فيه هول المأساة الناجمة عن العدوان السعودي الامريكي والحصار المفروض على اليمن.
ويبدو الأمر في اليمن بالنسبة للمنظمات الدولية كمن “يصنع جعجعة ولاينتج طحينا” إذا تعلق ذلك بحضور المنظمات الدولية العاملة بالمجال الإنساني في اليمن واتساع أنشطتها وضجيجها، بالمقابل تزداد الأزمات الإنسانية في هذا البلد الذي بات يعيش أغلب سكانه -بفعل العدوان والحصار- تحت وطأة أسوء كارثة ومعاناة إنسانية حسب ما تكشفه الأرقام وما تؤكده تلك المنظمات والهيئات المعنية.
التحذير السابق صدر عن برنامج الأغذية العالمي الذي دعا إلى ضرورة اتخاذ إجراءات عاجلة لتفادي حدوث سوء التغذية الذي انتشر في اليمن، مع مرور نحو خمس سنوات من العدوان.
وحذّر البرنامج، عبر حسابه على موقع التواصل الاجتماعي “تويتر”، أنّه في حالة عدم التدخل لمواجهة سوء التغذية، فإن جيلاً بأكمله سيكون عرضة للخطر.
وهذا ليس التحذير الأول من نوعه الذي يكشف عن هول المأساة الإنسانية في اليمن، لا سيما في ظل استمرار العدوان والحصار المفروض على اليمن، فصدرت قبل ذلك عدة تقارير بيّنت هذه المآسي دون أن يتخذ المجتمع الدولي إجراءات حقيقية لإنهاء العدوان ورفع الحصار المفروض على اليمن.
وفيما يتعلق بـ”سوء التغذية”، فقد بيّنت إحصائيات صادرة عن الأمم المتحدة عن حجم الكارثة الإنسانية المتفاقمة التي صنَّفتها الأسوأ عالميًّا، حيث يواجه اليمن أكبر أزمة أمن غذائي في العالم، ويعيش حوالى 20 مليون شخص في ظل انعدام الأمن الغذائي ويكافحون لإطعام أنفسهم غير متأكدين من أين سيحصلون على وجبتهم التالية.
ومن بين هؤلاء، يعيش حوالى 10 ملايين شخص 70٪ منهم أطفال ونساء يعانون من انعدام شديد للأمن الغذائي أي على بعد خطوة من المجاعة، بحسب الأرقام الأممية.
وأشارت نتائج التقييم الطارى للأمن الغذائي والتغذية إلى تجاوز مؤشر سوء التغذية الحاد (الهزل) في محافظات الحديدة وحضرموت وحجة وأبين عتبة 25٪ حسب تصنيف منظمة الصحة العالمية، بينما بلغ سوء التغذية المزمن (التقزم) مستويات حرجة تجاوزت 60٪ في 14 محافظة من أصل 22 محافظة.
وكذلك، كشفت وثيقة الاحتياجات الإنسانية التي أعدتها المنسقية الإنسانية للأمم المتحدة “أوتشا” أنّ نحو مليوني طفل و1,5 مليون امرأة حامل أو مرضعة يعانون من سوء التغذية الحاد، كما تواجه حاليًّا 127 مديرية من أصل 333 مديريةً مخاطر متزايدة بالانزلاق إلى المجاعة تصل إلى أكثر من 60٪ من عدد السكان.
ومع ارتفاع سوء التغذية الحاد، تزداد مخاطر تعرض الأطفال للوفاة، كما يؤثر ذلك سلبًا على نمو الأطفال وقدراتهم العقلية وبالتالي يسبب انخفاض إنتاجيتهم عند دخولهم سوق العمل في المستقبل، ولذلك بات سوء التغذية خطرًا محدقًا بحياة الأطفال اليمنيين.
وتكشف تقارير أممية أيضًا، أنّ ثلاثة من كل خمسة أطفال بعمر يتراوح بين 5 إلى 69 شهرًا سيعانون من سوء التغذية الحاد في العام الجاري، بينما 2,5 مليون امرأة حامل ومرضعة ومسؤولات عن رعاية أطفال دون الثانية من العمر يحتجن إلى استشارات ونصائح حول أساليب الطعام وتغذية المواليد وصغار السن بعمر يوم إلى 23 شهرًا.
كما أنّ هناك 1,8 مليون طفل دون الخامسة يعانون من سوء التغذية الحاد “المعتدل”، و500 ألف طفل دون الخامسة يعانون من سوء التغذية الحاد “الوخيم”، و1,5 مليون طفل دون الثانية من العمر يحتاجون إلى مكملات غذائية دقيقة، كما أنَّ عشرة ملايين امرأة مرضعة وحامل يعانين من سوء التغذية الحاد و5 ملايين طفل دون سن الخامسة بحاجة إلى مكملات فيتامين (أ).
في الوقت نفسه، كشفت منظمة الصحة العالمية أنّ سوء التغذية الحاد الكلي يكون مقبولاً عند أقل من 5٪ وضعيفًا، دون نسبة 10٪ وطارئًا عند أكثر من 15٪.
اليمن بحاجة الى افعال لا اقوال
وفي مقابل كل التقارير وما تضمنته من تحذيرات واحصائيات مأساوية، تشهد الساحة اليمنية غياب واضح وكبير للدور المفترض للمنظمات الإنسانية وعلى رأسها المنظمات الأممية التي وضعت نفسها في موقف المتفرج بل والمشارك احياناً في المعاناة الإنسانية لليمنيين، لا سيما في ظل كشف ملفات فساد وعبث بالمساعدات وأدوار مشبوهة داخل المنظمات الدولية.
وقد اوضح المجلس الاعلى لتنسيق الشؤون الانسانية في اليمن في اكثر من مناسبة أن المنظمات الاممية والدولية تشارك بالعبث بأموال المانحين ، نافياً في نفس الوقت الارقام التي توردها بعض المنظمات في تقاريرها عن حجم الإنفاق على العمل الانساني في اليمن، وأن الكثير من الأدوية والأغذية التي تقدمها تلك المنظمات تصل منتهية الصلاحية، كما أنها تقوم بأعمال مشبوهة وغير قانونية داخل المدن اليمنية ومن ذلك دفع أموال لشخصيات للتعاون معها في أعمال استخباراتية تهدف بعضها لزعزعة الجبهة الداخلية المناهضة للعدوان على البلد.
وكان مسؤولين للأمم المتحدة في صنعاء طلبوا من السطات اليمنية إجراء بحوث ميدانية تهتم بالجانب الجنسي والتصرفات المخلة بالآداب التي تخلوا بشكل كبير في مجتمعنا اليمني وذلك في مؤشر واضح الى مساعي تلك المنظمات لزرع الانحلال الاخلاقي في المجتمعات التي تعاني من الحروب ومنها اليمن.
وبحسب وثيقه تناقلتها وسائل اعلام فقد بلغ تكلفة احد المشاريع الممولة أممياً ونفذته إحدى المؤسسات المحلية ، بمبلغ 61 مليون يمني، منها اكثر من 11 مليون صرفت كرواتب للعاملين في المؤسسة و28 مليون إيجارات ونثريات بينما المبلغ المتبقي وهو 22 مليون ريال يمني فقط خصص للمواطنين.
ووفق كل هذه المعطيات، فإنه لا يختلف اثنان كما يبدو أن المنظمات الدولية المعنية بالعمل الإنساني في اليمن تتاجر بمعاناة الناس دون تخفيف فعلي لهذه المعاناة بل وصل الأمر حد الإستهتار بأرواح الفئات المستهدفة من خلال اتلاف مئات الأطنان من المواد الغذائية والدوائية الفاسدة وغير الصالحة للاستخدام الآدمي التي حاولت المنظمات الدولية توزيعها على المواطنين.