بريطانيا اليد التي أنشأت النظام السعودي العميل “1”…بقلم/وليــــــــــــدالحســــــــــــام
كانت نجد والحجاز فترة الحكم العثماني مناطق صحرواية تقطنها قبائل بدوية متناثرة في عرض الصحراء ، ولم يكن هناك من الحواضر سوى الحرمين الشريفين (مكة _المدينة) وكانت المنطقة بأكملها خاضعة لحكم العثمانيين الذين كانوا يُنصبون الهاشميين ولاةً على مكة والمدينة ، وكانت العشائر البدوية تخضع لذلك الحكم.
في القرن التاسع عشر الميلادي قامت حركة إسلامية متطرفة أطلق عليها الأروبيون اسم (الوهابية) حيث كانت هذه الحركة مدعومةً من بريطانيا المتواجدة باحتلالها في المنطقة وقد دعا إلى هذه الحركة المدعو محمد بن عبدالوهاب بعد عودته من بريطانيا مصبوغاً بالصبغة الدينية المتشددة حيث زعم أنه درس علوم الدين مع أنه أمضى عقوداً زمنيةً من حياته في بريطانيا، وقد تزعمت أسرة آل سعود هذه الحركة الدينية المتطرفة واستخدموها كأداة لتأسيس دولة جديدة يمتلكون هم زمامها ، لكن العثمانيين واجهوهم وكلفوا محمد علي نائب ملك مصر بمحاربتهم فشن المصريون حرباً بين عامي 1811_1818م قضت على قوة السعوديين ، وأعاد العثمانيون تنصيب الهاشميين بمكة .
في النصف الثاني من القرن التاسع عشر الميلادي حاول السعوديون _من جديد _ تأسيس دولةً لهم في مساحةٍ جغرافية صغيرة هي (الرياض) وفي نهاية القرن التاسع عشر ناهضت قبائل الشمال المتحالفة مع الدولة العثمانية مشروع آل سعود وقضت تلك القبائل على أحلام السعوديين ، فلجأت الأسرة السعودية إلى الكويت التي كانت _آنذاك _ محميةً بريطانية يقيم فيها الاحتلال البريطاني قواته ويتحرك من خلالها في تنفيذ مخططه الاستعماري ويستقطب من العرب ما استطاع ويجنده مخابراتياً لصالحه ويسفره إلى بريطانيا لإعداده كما فعل مع محمد بن عبدالوهاب .
عاد عبدالعزيز بن سعود إلى نجد والحجاز بدعمٍ بريطاني وقد حرضه البريطانيون على العودة لتأسيس دولة جديدة تقوم على أنقاض الحكم العثماني هناك وإزاحته ؛ ليتسنى لبريطانيا أن تتحرك بمشروعها الاستعماري في المنطقة دون حاجزٍ أوعائق ، فقد عاد عبدالعزيز بن سعود في العقد الثاني من القرن العشرين إلى نجد والحجاز وكانت قوته بريطانية وكويتية من أسرة آل الصباح فبدأ (بن سعود) كما كان يسميه البريطانيون بتأسيس دولتهم تحت اسم المملكة العربية السعودية وقام بطرد الهاشميين (منهم ملك الأردن ومن هاجروا إلى الأردن والعراق) من نجد والحجاز سنتي 1924_1925م وكان خلال تأسيس الدولة يراعي الإنجليز ويتحرك بإذن وموافقة ودعم بريطانيا ، فالدولة كانت فقيرة تعتمد في الأساس على المساعدات البريطانية والقروض الأمريكية وإيجار الأراضي من بريطانيا التي تتواجد فعلياً على الصعيد العسكري والإداري والجغرافي في مفاصل هذه الدولة الناشئة على أسسٍ تحقق أهداف الاستعمار الغربي .
إذن .. يمكن القول بأن دولاً غربية هي مَن أنشأت الكيان السعودي ليقوم بدوره الحقيقي في خدمة الاستعمار البريطاني وتنفيذ مخططات الغرب ، بمعنى أن بريطانيا أسست النظام السعودي في شكل دولة وهو في أبعاده العميقة ليس إلا مستعمرة أومركز شرطة تابع للاستعمار البريطاني ، ولم تكن بريطانيا وحدها صاحبة مشروع الكيان السعودي الوهابي فأمريكا أيضاً كان لها حضورها في وجود آل سعود ولها حقٌ في استغلالهم لتحقيق مخططاتها في النفوذ والهيمنة إذ لن ينسى التاريخ ذلك اللقاء الشهير بين عبدالعزيز بن سعود و (روزفلت) سنة 1945م حيث جسد هذا اللقاء حقيقة تبني الولايات المتحدة الأمريكية للدولة السعودية، وكانت أول خطوة للابتزاز الأمريكي تتمثل في التنقيب عن النفط من قبل شركات أمريكية .
ذكر هنري لورانس في كتابه (اللعبة الكبرى) أن الأسرة السعودية انتهجت سياسية الاعتماد على القبائل البدوية في ترسيخ نظامهم حيث جعل عبدالعزيز بن سعود من مبدأ تعدُد الزوجات وسيلةً للسلطة فكان لقبائل نجد والحجاز تمثيلٌ في السلطة من خلال حريمه التي تزوجهن، كما جعل المراكز الهامة في الدولة حِكراً على الأمراء من الأسرة وكذلك الأُسر القبلية الكبرى التي ستعينه على السيطرة الكاملة للحكم واستملاكه .
مع بدايات تكوين هذه الدولة المستحدثة شكلاً ومضموناً كان فيصل وهو الابن الثاني لعبدالعزيز بن سعود مسؤول العلاقات الخارجية لمملكة الرمال ، وعقب تعيينه لذلك المنصب ظل متنقلاً في العالم الغربي بين دول أوروبا وأمريكا لاهثاً بضلالته في تلك الدول ليبحث عن تأييد يساند دولتهم التي كانت حينها تهتز لأبسط هبوب ريح، فكانت تلك الدول تستغل حاجته وحاجة دولتهم لتجعل منهم نافذةً للغرب أو جسراً لعبور مشاريع الهيمنة والاستكبار ، ولا أنسى أن أنوه إلى أن كثيراً من السياسيين والمحللين المستفيدين من المستحدثة وصفوا فيصل بن عبدالعزيز بن سعود بأنه سياسيٌّ ذو نباهة لما قام به من تنقلاته بين صروح وبلاطات السلطات الغربية، ولكن الواقع والنتائج التاريخية تحكي عكس ذلك أولاً لأن شهادة أعداء الشرق حجة عليه لا له إذ إن ذلك الامتداح علي سبيل تحريضه على استمراره في الطريق التي سلك فيها إلى العمالة ، وثانياً بالإضافة إلى أن الغرب مستفيدون من حماقته حيث إنه لم يبن دولتهم على أساسات صحيحة وسليمة، فهي خارج أحضان الغرب رمالٌ صحراويةٌ تذروها الرياح، فهذه الشخصية السعودية كانت البذرة الخبيثة التي حولت العلاقات الدوبلوماسية والبروتوكولات إلى تطبيعٍ وقح وعمالةٍ قذرة ، حيث لم يكن تحرّك فيصل بن عبدالعزيز محدوداً بهوية دينية أوقومية ، ولم يكن يراعي في بناء تلك العلاقات غير الشرعية مشاعر العرب والمسلمين بل حتى أن الدول المعادية لشعوبنا كانت تآوي فيصل وتفرض عليهم مطامعها مقابل الحماية والدعم .