بركان2 كتغيير إستراتيجي
عين الحقيقة /صوتي حر
إمتلاك قوة الوصول إلي عواصم البلدان هو إنجاز استراتيجي بكل ما للكلمة من معنى
فمعادلات الردع والتوازن الاستراتيجي تبنى على القدرة على تهديد البلد المعادي أو حتى البلد اللذي يمكن أن يشكل تهديد مستقبلي، وعلى رأس التهديدات الاستراتيجية هي القدرة على الوصول إلي عواصم البلد المعادي.
وكمثال على أهمية القدرة على الوصول فالنأخذ إسرائيل كنموذج، أكثر ما يثير هواجس ومخاوف إسرائيل هي قدرة حزب الله أو المقاومة الفلسطينية على ضرب تل أبيب
لذى سعت إسرائيل بكل الوسائل بما فيها العسكرية لمنع إمتلاك المقاومة لسلاح ردع استراتيجي ويتمثل في صواريخ قادرة على الوصول إلي عاصمتها ولكن في حرب 2006 انقلبت المعادلة واثبتت المقاومة القدرة على الوصول إلى ما بعد بعد حيفا أي العاصمه، كان مجرد التلويح بأمتلاك صواريخ تصل لتل أبيب كفيل بردع إسرائيل وتسريع إنهاء عدوانها وانكفائها على الداخل لإعادة بناء المنظومة الدفاعية بل وحتى تغيير العقيدة العسكرية الهجومية لإسرائيل وهو ما كلفها عشرات المليارات أنفقت على المناورات الداخلية المدنية والعسكرية وبناء الملاجئ وتطوير منظومة الصواريخ الدفاعية فيما عرف بالقبة الحديدية. .
ورغم النفقات الهائلة لم تتمكن إسرائيل من استعادة موقعها الجيواستراتيجي كدولة تستطع أن تضرب من تشاء وقت تشاء، لمجرد أنها تعرضت لتهديد لاغير بأستهداف عاصمتها. .
وبالمثل هي الحالة الإيرانية فتطويرها لصواريخ بعيدة المدى لم يثر مخاوف أعدائها فقط بل حتى الأصدقاء أو الدول اللتي ليست معها في حالة توتر فروسيا أعربت عن قلقها وبداء الحديث في أوروبا أن إيران أصبحت قادرة على ضرب أوروبا،
هذه القدرة ضاعفت من وزن إيران جيواستراتيجيآ وحولتها إلي قوة إقليمية يخشاها الجميع.
بالنسبة لتكافئ الردع فليس عامل أساسي في معادلات الأمن القومي والوزن الاستراتيجي، فمثلآ كوريا الشمالية رغم عدم التبين من قدرتها على إنتاج رأس حربي نووي إلا أن برنامجها النووي شكل حالة ردع استراتيجي للولايات المتحدة اللتي تستطيع افناء كوريا مئة مره أن تعرضت لرأس نووي بدائي واحد، فرغم الفارق الهائل بين قوة امريكا وكوريا وعدم وجود أي تكافئي إلا أن إحتمال ان تكون كوريا تملك رأس واحد كان كفيل بأحداث حالة ردع وغير الوضع الجيواستراتيجي لجنوب شرق آسيا بكلها. ..
نعود لصاروخنا بركان وأحد، فاللمرة الأولى أصبحت اليمن تملك قدرة الوصول إلي عاصمة قرن الشيطان
ورغم أن الصاروخ اللذي أطلق كان تجريبي واستهدف منطقة عسكرية إلا أنه فتح الأبواب على مصراعيها ولم تعد حرب اليمن نزهه لدى آل سعود. ..
كان القلق يأكل المهلكة قبل الضربه من إحتمال أن تكون لدى اليمن القدرة على الوصول لبعض المدن السعودية ما بالكم بالعاصمة، حتى أنها في مبادرة كيري طرحت على رأس مطالبها نزع الصواريخ البالستيه، وفي بداية العدوان جعلت من قضية المناورات على حدودها تهديد لامنها القومي ولمكانتها الجيواستراتيجيه ومبرر لشن عدوان شامل على اليمن. ..
من أطلق عاصفة حزم وعدوان شارك فيه تحالف عربي وصرف مئات المليارات من الدولارات بسبب مخاوف من استهداف حدوده ها هو يتعرض لضربه في عاصمته ..
قد لايعي الكثير الأبعاد الإستراتيجية لبركان إثنين إلا أنها بالقياس (نسبه وتناسب) تعادل إمتلاك كوريا الشمالية لرأس نووي والفرق الوحيد هو أن في أمريكا دولة حقيقة وأعلام شبه حر وضح وبين خطورة التحول الإستراتيجي وبنى عليه الامريكيون سياسات تتحاشى مجرد اغضاب كوريا بعد أن كان الهدف احتلالها، أما في بلاد البعران فالتكتم والصمت والكذب هما سيدا الموقف لتخدير قطعان الوهابية وإخفاء التحول الاستراتيجي اللذي صنعه اليمنيون فاليمن ما قبل بركان لن تكون اليمن ما بعد البركان اللذي هز المنطقة والعالم ووضع معادلات جديدة سيأخذها المعتدين والعالم في الحسبان ولو جهل المغفلون.