“برقيّة إلى الصّمّاد”

الشاعر بديع الزمان السلطان

يا ذا الرّئيسُ الذي لا يُشْبِهُ الرُّؤسا
يا واضعاً لأساسِ الدّولةِ الأُسُسا

ويا الشّهيدُ الذي كانت شهادتُهُ
درباً يسيرُ بهِ الأحرارُ والبُؤسا

يا “أشترَ العصرِ” صِدقاً، هِمّةً، كرماً
ويا “أبا ذرِّ” زُهْداً، حكمةً، نَفَسا

يا “صالحاً” كاسمهِ فعلاً ومُعتقَداً
وصامداً كاسمهِ “الصّمّادِ” مُقتَبَسا

ويا “أبا الفضلِ” فضلاً منك عُد قدَراً
فالشّعبُ يرقبُ صُبْحاً -نجْلَهُ- ومسا

يا واقفاً دائماً في صفَّ أُمّتِهِ
وقائماً في سبيلِ اللهِ ما جلسا

يا صوتَنا يومَ بحّتْ كلُّ حنجرةٍ
وظلَّ صوتُكَ في الأرجاءِ مُنعكسا

يا وجهَنا الضّاحكَ الوضّاءَ ما انطفأتْ
فينا ملامحُهُ يوماً ولا عبسا

يا صارخاً بشعارِ الدِّينِ في ثقةٍ
بأنّهُ سوف يطوي البحرَ واليَبَسا

وصادحاً بشعارِ الدّولةِ: اتّحدوا
معاً يدَاً بيَدٍ مهما الزّمانُ قسا

يدُ البناءِ التي تبني لنا، ويدَاً
تحمي البلادَ وتجني ما بها غُرِسا

يا أيُّها الصّالحُ المِعطاءُ في زمنٍ
طغى الفسادُ علينا فيه والتبسا

يا مَن بهمّتِهِ سارتْ مسيرتُنا
مذ امتطى دونها يومَ الوغى الفرسا

ومَن برؤيتهِ قد قادَ دولتَنا
واليوم بيرقُها الخفّاقُ ما انتكسا

ومَن بنزفِ دِماهُ خطَّ ملحمةَ
البأسِ اليمانيْ وفي شطِّ الخُلودِ رسا

طوى “الحديدةَ” لا خوفاً ولا قلقاً
ولا احتياطاً ولا حِرصاً ولا حَرَسا

والحربُ في ذروةِ التّصعيدِ ضاريةً
والغزوُ من كلِّ فجٍّ كان مُفْتَرِسا

لكنّهُ الحارسُ الأوفى لموطنهِ
إذا العدوُّ على أبوابهِ اختلسا

سقى “تهامةَ” يومَ الحَرِّ مِن دَمِهِ
حتى ارتوتْ حُرّةً واطّهّرَتْ دَنَسا

وما سقاها الدّمَ الزّاكي على ظَمإٍ
لكنْ ليغسلَ عنها غزوَها النَّجِسا

ألقى عصاهُ على الأعداءِ فانبجستْ
“مُسَيّراتٍ” وضاقَ البحرُ واحتبسا

و”قرنُ شيطانِ نَجْدٍ” عادَ منكسراً
وحِلْفُ شيطانِها الخنّاسِ قد خنسا

ثُمَّ ارتقى “صالحُ الصّماد” سُلَّمَهُ
نحو السّماءِ شهيداً نُورُهُ انبجسا

أوفى لأُمّتِهِ بالعَهْدِ ثُمّ مضى
وضَمَّ “صنعاءَ” في جَنبَيْهِ و”القُدُسَا”.

قد يعجبك ايضا