بحضور القائد والرئيس و “الصمّاد” في “ساحة البنادق” المخصصة لاستقبال الغزاة على الطريقة اليمنية :الحديدةُ تحتضنُ براكينَ “وعد الآخرة”.. من عروس مغرٍ للغزاة إلى حارس مرعب لهم
تحت شعارِ “وعد الآخرة”، رسمت المنطقةُ العسكرية الخامسة بالقوات المسلحة اليمنية، لوحةً حربيةً متكاملةً، أظهرت جانباً من القدرات القتالية التي بات يملكها اليمن، في حين أوصلت الرسائل الكافية لأن يدرك تحالف العدوان الأمريكي السعوديّ الإماراتي حجم المأزق الكبير الذي وصل إليه بفعل عدوانه وحصاره، فيما كانت العروض وما شملها من مخزون بشري متدرب، ومنظومات صاروخية جديدة، ورسائل عسكرية وسياسية شديدة اللهجة، كفيلة بإجبار الطامعين على إعادة حساباتهم ومراجعة مواقفهم حتى لا يصلوا إلى حَيثُ لا يستطيعون الخروج.
ووسط حضور القائد الأعلى للقوات المسلحة المشير الركن مهدي المشاط، وغالبية مسؤولي الدولة وقياداتها العسكرية والأمنية، ومسؤولي السلطة المحلية بالمحافظات، أخرجت المنطقة العسكرية الخامسة والقوات الجوية والدفاع الجوي والقوات البحرية والدفاع الساحلي، جانباً من أثقالِ قواتها وقدراتها القتالية والعسكرية، لتحول بذلك العرض المهيب محافظة الحديدة “من عروس البحر الأحمر” المرجو الوصول إليها طمعاً ولهثاً، إلى “حارس البحر الأحمر” الكفيل بنسف أوهام الطامعين وبعثرة جحافل الغزاة والمعتدين، وحماية وتأمين الملاحة الدولية والعالمية.
أسلحةٌ جديدةٌ وميدانٌ مقصود وحضورٌ غير مسبوق
ومع ما حمله العرضُ من رسائلَ مباشرة ووغير مباشرة – سواءً بالقدرات والأسلحة أَو بالتصريحات أَو بالحضور اللافت لقائد الثورة – فَـإنَّ القوات المسلحة اليمنية وعبر جناحها في المنطقة العسكرية الخامسة، قد أثبتت أن المعادلة اليوم قد تغيرت، وأن رياحَ بحار اليمن وسواحله قد جرت عكس ما تشتهيه سفن الغزاة وأساطيلهم وبوارج احتلالهم، فيما كان حضورُ الرئيس المشاط –لأول مرة– في الحديدة ومن الميدان الذي حدّده الشهيدُ الصماد لاستقبال الغزاة بالبنادق لا بالورود، له دلالاتٌ واسعة وعميقة، أظهر جانباً منها قائد الثورة في خطابه الذي كان سيد الموقف ومنبر كُـلّ الرسائل وخلاصة كُـلّ الكلمات التي أراد اليمن إيصالها لإقامة الحجّـة الأخيرة على المعتدين الطامعين قبل “انفجار الهُــدنة”.
وبما أن العرضَ من سواحل الحديدة هو الأول من نوعه –على مر عقودٍ مضت– من حَيثُ العدد والعدة، فَـإنَّ القيادة الثورية والسياسية قد تعمّدت إيصالَ الرسالة للأعداء والطامعين بأن الذائدين عن الحمى باتوا يعرفون من أين تؤكل الكتف، فحجمُ القوات ومضمون العرض قد أعطى للحديدة ما تحتاجُه من إمْكَانيات لتكونَ “حارسَ اليمن وحارسَ البحر الأحمر” بالنظر لموقعها الجيوسياسي والاستراتيجي الهام والذي يتوسطُ خاصرةَ العالم –إن صح التعبير– عكس العقليةَ السابقة التي كانت تقيم العروضَ الشكلية وتكدّسُ القواتِ في صنعاء أَو المناطق الأُخرى، وترك المناطق الاستراتيجية مراتعاً للغزاة وبواباتٍ لدخول الطامعين والمحتلّين بأدنى الجهود، وهذه الرسالة بحد ذاتها كفيلة بأن يستعيد الطامعون عقولهم وأن يعيشوا واقعهم بعيدًا عن الأوهام.
ومع بدء العرض الذي نفذه ما يزيد عن 25 ألف مقاتل، من مختلف الكتائب متعددة المهام، المتوزعة على القوات البحرية والجوية والبرية، استعرضت القوات المسلحة أنواعاً جديدة من الصواريخ والأسلحة البحرية، والتي تمكّنها من ضرب أي هدف بحري من أية نقطة في اليمن، حسب وصف القائد الأعلى، حَيثُ تم الكشف عن صاروخ فالق 1 يمني الصنع -لأول مرةة– وهو صاروخ باليستي بحري بإمْكَانه الوصول إلى أي نقطة في البحر من أية محافظة يمنية، في حين برز خلال صاروخ المندب 2 اليمني الصنع وهو صاروخ مجنح يبلغ مديات كبيرة ودقة استهداف عالية، يستطيع رصد أهداف بواسطة سيكر راداري مزود به، فيما تم الكشف عن الصاروخ البحري الروسي –المطور محلياً– من طراز “روبيج” الذي يبلغ طوله أكثر من ستة أمتار ونصف المتر، بقطر 0.78م، ووزن يتجاوز طنين ونصف، وبسرعة تفوق 1100 كم في الساعة، فضلاً عن امتلاكه قدرات تدميرية هائلة ومدى ناري يصل إلى أكثر من 80 كم، وهو ما يكفي لأن يستهدف أية قوات غازية أَو طامعة في كامل محيط المياه اليمنية وأبعد من ذلك، وبهذا تكون “حارس البحر الأحمر” قد استعادت سلاحها الرادع واللازم في ذات الوقت.
الاستنتاجُ الخاطئ هلاك
ومع احتواء العرض كتائب متخصِّصةً، غوصاً وتحليقاً وزحفاً بالأقدام الحافية، يؤكّـد قائد الثورة أن المرحلة القتالية القادمة ستكون مغايرة عما سبقها، فحديثه عن دمج اللجان الشعبيّة في الجيش، في صفوف متراصة ومتناسقة، يشير إلى الجانب الآخر من الاستعدادات القتالية اليمنية للرد على التصعيد القادم المعادي، الذي تقول المؤشرات والمعطيات أنه سينقلب وبالاً على المعتدين إذَا ما أعادوا ترتيب أولوياتهم ومراجعة حساباتهم وتقديراتهم بالشكل الصحيح، لا سيَّما أن السيد القائد أعاد نصيحته للمرة الثالثة –وبذات النص– عندما جدد دعوته لدول العدوان باغتنام فرصة الهُــدنة وجعلها وسيلة للخروج من المأزق، لا وسيلة للتعمق أكثر في الوحل والغرق فيه، في حين تعيد القدرات البحرية القتالية التي تم استعراضها، إلى الأذهان ما قاله قائد الثورة عند تدشين العام الثامن من الصمود “قادمون بقواتنا البحرية التي ستغرق العدوّ وتدحره إلى قعر البحر كما هو هلاك فرعون”.
وفيما اشتمل العرض العسكري على عدة أنواع من الألغام البحرية، والدفاعات الجوية والأرضية، وقوة رمزية من الطيران المسيّر، الذي صنعتها الخبرات اليمنية، وعروض مختلفة للوحدات الأُخرى بالمدرعات والدبابات والأسلحة البرية والبحرية، بأنواعها المتعددة، فَـإنَّ القوات الهائلة والقوية –الموجودة في عرض وعد الآخرة– التي اعتبرها الكثيرون خطراً وتهديداً جديدًا، تأتي لتحمي الحديدة واليمن من خطر التدفق العسكري المتواصل للقوات الأمريكية والبريطانية، فضلاً عن باقي أغراضها الرامية إلى تأمين الملاحة الدولية عبر طرد الغزاة والمحتلّين وعتادهم العسكري الذي يمارسون به في البحر كُـلّ أشكال القرصنة بحق اليمن، وكل أشكال الأعمال العدائية التي تدفع اليمن للرد وتحويل البحر إلى ساحة حرب مفتوحة رداً على مساعي الاحتلال والهيمنة، وهنا رسخ القائد الأعلى للقوات المسلحة رسالته التي قال فيها –رداً على مزاعم العدوّ التي يطلقها لتبرير احتلاله– إن (الذي يشكل خطراً على الملاحة الدولية هو إجراءاتكم الوحشية، والتلذذ بمعاناة هذا الشعب، الذي يشكل خطراً يضر بالعالم أجمع هو ما تحاول بعض دول العدوان تسويقه لدى المجتمع الدولي من أنه سيؤمن البحر الأحمر والملاحة الدولية عندما يتم انسحابنا من هذه المناطق بامتداد الساحل في البحر الأحمر)، مُضيفاً (أقول لهم: هذا الذي سيضر بالملاحة الدولية، وهذا الذي سيحول البحر إلى ساحة للفوضى، وستتحول إلى خطر إذَا ركبتم رؤوسكم وقرّرتم ما يسوق تجاه وجودنا في هذا الامتداد على سواحل بلدنا، فَـإنَّ على العالم أن يقول لكم كفى، فعلاً ستتحول إلى خطر، وستعرفون حينها صحة كُـلّ ما نقول، وما نقوله الآن)، وهنا رسالة توحي للجميع بأن الحماقة الأمريكية السعوديّة الإماراتية القادمة هي من ستكون السبب في إحداث أخطار وأضرار بالتجارة الدولية، في حين تؤكّـد أن اليمن لا يبحث عن شيء سوى عن حقوق مشروعة تتمثل في السيادة والحرية والاستقلال.
وعزز المشارط رسالته في هذا السياق بتأكيده على أنه (أصبح بمقدورنا الآن ضربُ أية نقطة في البحر من أي مكان في اليمن، وفي أي جغرافيا في اليمن، وليس من السواحل فقط، عندها تعرفون أنكم اتخذتم القرار الخطأ، نحن في الأيّام الماضية أجرينا الاختبار والمناورات على هذا النوع من السلاح بنجاح باهر)، موجِّهاً ضربةً جديدةً بقوله: (نعلن لكل دول العدوان، أنه تم تطوير أسلحة اليمن الأرضية والبحرية في الفترة الأخيرة، وباستطاعتها اصطياد هدفها براً وبحراً من أي جغرافيا، وأية نقطة في اليمن) في حين وجه النصح بقوله: “أزيلوا من رؤوسكم كُـلّ ما يوسوس لكم تجاه تواجدنا في هذا الساحل”.
اليمنُ مسالِمٌ والخطرُ صنعه المعتدون بحماقتهم
وعاود المشير المشاط رمي الحجّـة إلى كاهل دول العدوان بقوله: (نعلن أننا لن نشكّلَ في يوم من الأيّام خطراً على أحد لم يتآمر على بلدنا، ولن نشكل خطراً في يوم من الأيّام على الملاحة الدولية في البحر الأحمر، بل على العكس أثبتنا طوال الفترة الماضية انضباطنا الكبير رغم الحصار الظالم، ورغم معاناة شعبنا).
وتجنباً للحرب وبحثاً عن السلام، جدّد الرئيسُ المشاط دعوتَه الصادقةَ من أمام عشرات الآلاف من المقاتلين والأسلحة المتطورة الفاعلة والقادرة والفتاكة، حَيثُ أكّـد أن (التلاعب والتهرّب من التزامات الهُــدنة والعودة إلى احتجاز السفن يعرض الهُــدنة للخطر، ويجعلها في مهب الريح، التهرب من إنجاز ملف الراتب والقضايا الإنسانية لهو “الدبور” الذي يحلق بكم)، مُضيفاً (نحن فقط نعريكم أمام شعبنا ليعرف أكثر زيف ما تدعون، وإلا فلدينا قناعةٌ تامةٌ عن تجربة طويلة أن الحقوقَ لا تُعطى بل تؤخذ)، في إشارة إلى أن الجُهُوزية العالية والكبيرة لدى القوات المسلحة باتت قادرة على مواجهة التصعيد القادم والخروج بكل الحقوق رغماً عن الغطرسة الأمريكية السعوديّة الإماراتية.
وفيما أكّـد المشاط أن التجارُبَ مع العدوّ أثبتت أن الحقوقَ تؤخذ لا تُعطى، إلا أنه جدّد التحذيرَ الممزوجَ بالنصح، ونوّه إلى (إننا لسنا دعاة حرب خيارنا الأول هو السلام العادل والمشرف، وليس الاستسلام فهل هذا الخيار سيحقّق لشعبنا شيئاً من حقوقه التي هي حق له، وليست منّة من أحد، أم أننا سنحتاج للخيار الأخير لتحقيقه وفق قاعدة القوة تصنع السلام كُـلّ هذا ستكشفه الأيّام القادمة القريبة)، في إشارة إلى أن تضييعَ العدوان للهُــدنة والحقوق التي ضمنتها للشعب، سيكونُ خياراً غيرَ موفَّق نتيجتُه الحتميةُ هي زيادةُ خسائره ورفعُ مكاسب اليمن واليمنيين المشروعة والمحقَّة والعادلة.
التصعيدُ القادمُ.. السلاح من اليمن والدّم من رأس المعتدي
وفي كلمته أمام العرض المهيب، لفت الرئيس المشاط إلى أن ما تم استعراضُه ليس هو كُـلّ ما يعول عليه في المعركة القادمة، فهناك المزيد، في إشارة إلى أن القوات المسلحة لم تخرج كُـلّ ما لديها، بل إن هناك مفاجآتٍ قادمةً سيكونُ العدوّ سبباً في إظهارها وانفجارها بوجهه.
وتابع رسائله بالقول: (ظن العدوّ متجاهلاً ومتغطرساً أنه سيلتهم هذه المناطق في غفلة منه للتاريخ، فأصبح على بركان صمودكم يتجرع الهزيمة والهوان، من هنا من حَيثُ التضحيات الجسام)، وَأَضَـافَ (الأساطيل التي حشدها ويحشدها العدوان إلى سواحل اليمن، لتعتدي ولتدمّـر لتستعمر، ولتحاصر الشعب اليمني ليس بمقدورها أن ترعب أصغر طفل في هذا الشعب، وفي هذه المحافظات الحرة والصامدة)، في إشارة إلى الاستعداد الكبير والعالي للتعامل مع أية خيارات يقدم عليها تحالف العدوان.
وفي ختام كلمته، جدَّدَ المشاطُ التأكيدَ على أن استمرار العدوان والحصار هو السبب في كُـلّ النتائج التي يحملها اليمن القادم المستقل الحر، المسالم لمن سالمه والخطر على من تآمر عليه، حَيثُ أكّـد بقوله مخاطباً دول العدوان (إنكم بقتلكم للشهيد الصماد وكلّ الشهداء ظلماً وعدواناً أيقظتم المارد اليماني، فما زاد شعب اليمن إلا صموداً وإصراراً، فاقتلوا ظلماً ما شئتم ليزداد شعبنا صموداً وثباتا، إنكم بكل حماقاتكم وتكبركم وتجبركم أحلتم أبناء هذه المحافظات في هذه المنطقة العسكرية إلى كتل من الصمود، أيقظتم هذا المارد، إنكم بتكبركم وتجبركم أيها الغزاة أعدتم محافظة الحديدة من عروسة البحر إلى حارس البحر الأحمر)، مُضيفاً (إنكم بمطامعكم تجاه بلدنا وتمزيقه ستتمزقون واليمن طبوغرافيا لا تستطيع ولن تستطيع أية قوة في هذا العالم أن تمحو اليمن من الخارطة، خارطة الجمهورية اليمنية باقية، وأنتم الزائلون).
المسيرة