بتنسيق إماراتي إسرائيلي إقامة قواعد تجسس واستخبارات رصد في جزيرة ميون ..!
يشهد إقليم البحر الأحمر وخليج عدن، تنافُساً بين العديد من القوى الإقليمية والدولية في سباق الأجندات والمصالح، يتصاعد عاماً بعد آخر، للبحث عن موطئ قدم لها في هذا الإقليم الذي يكتسب أهمية خاصة في الاستراتيجيات السياسية والعسكرية والاقتصادية الدولية، كأحد أهم الممرات المائية في العالم.
في المستجد، انتقلت أبوظبي من السيطرة على جزيرة سقطرى والساحل الغربي، إلى احتلال جزيرة ميون بهدف وضع يدها على باب المندب.
وفقاً للمعطيات؛ فإن الإمارات تُمهِّد لمشروع إسرائيلي أكبر في اليمن بتواطؤ من حكومة العملاء، من خلال احتلالها لمساحات شاسعة، تتركز على الجزر والسواحل، آخرها جزيرة ميون في مدخل مضيق باب المندب الاستراتيجي الذي يعتبر همزة وصل بين الشرق والغرب.
فالتحركات الاستعمارية لدول العدوان، تخدم بالدرجة الأولى المصالح الصهيونية والأمريكية في المنطقة وتمهِّد الطريق لإنجاح مشروع إسرائيل الكبرى.
من هنا يعد اليمن أحد المحاور الرئيسية في التحالف الإماراتي الإسرائيلي الجديد للسيطرة على البحر الأحمر والبحر العربي وخليج عدن، وعلى أهم ممر يربط البحر العربي بالأحمر وهو مضيق باب المندب الذي يشرف على أهم الطرق الدولية التي تصل شرق العالم بغربه.
وفقاً لبيانات إدارة معلومات الطاقة الأميركية (Energy Information Administration ) يمرّ عبر هذا المضيق ما يتجاوز 6.2 مليون برميل يومياً من النفط الخام ومشتقاته وحوالي 30 ٪ من التجارة العالمية للغاز الطبيعي، بالإضافة إلى ما يفوق 10 ٪ من إجمالي التجارة العالمية، وخضوع مثل هذه المنافذ الاستراتيجية للسيطرة الإماراتية – السعودية يعني أنّها في متناول أيدي الصهاينة.
وكشفت وثيقة رسمية إسرائيلية أن اتفاق تل أبيب وأبوظبي على التطبيع يمهد لتكثيف التعاون العسكري بينهما في البحر الأحمر، وفق وسائل إعلام عبرية.
ويذهب مراقبون إلى أن (إسرائيل) تتحرك بكثافة، لاسيما عبر دول في منطقة القرن الإفريقي أبرزها إثيوبيا، لمنع تحول البحر الأحمر إلى “بحيرة عربية أو إسلامية”.
فتأمين ميناء إيلات جنوبي الكيان الإسرائيلي وممر شحن يمنح الوصول ليس فقط لقناة السويس ولكن أيضًا للبحر الأحمر وعبر باب المندب إلى المحيط الهندي وما وراءه أمر ذو أهمية حيوية لتل أبيب، كبوابة إلى الشرق الأقصى والصين .
قالت صحيفة جيروزاليم بوست التابعة لكيان الاحتلال الإسرائيلي، إن التطبيع بين “إسرائيل” ودول تحالف العدوان السعودي الإماراتي يجعل لـ “إسرائيل” مصلحة مباشرة في العدوان على اليمن، أكثر من أي وقت مضى.
وأشارت الصحيفة إلى أن تقارير تؤكد نوايا الولايات المتحدة لإنشاء قاعدة عسكرية في جزيرة ميون بالقرب من مضيق باب المندب ، “لحماية المصالح وضمان أمن “إسرائيل”.
وقالت الصحيفة إن “إسرائيل” والسعودية والإمارات تعتبر المضيق ذا أهمية استراتيجية رئيسية في ضمان الوصول إلى المحيط الهندي وما وراءه.
ومؤخرا أظهرت صور أقمار اصطناعية حجم القاعدة العسكرية الإماراتية الإسرائيلية في جزيرة ميون اليمنية، المطلة على مضيق باب المندب”.
حيث تظهر عمليات إنشاء مدرجاً للطائرات العسكرية، بالإضافة إلى مبانٍ عسكرية في الجزيرة .
الاهتمام الإسرائيلي بباب المندب
اليمن يبرز بموقعه الجيوسياسي في قلب معادلات الصراع في المنطقة، وهو يطل على أحد أبرز المضائق في العالم. ويعدّ باب المندب من هذا المنطلق البوابة البحرية الوحيدة للكيان الإسرائيلي نحو الشرق، لذلك، تجد المؤسسة الأمنية لكيان الاحتلال الإسرائيلي نفسها معنيَّة به وفق اعتبارات بالغة الأهمية.
تعتمد “إسرائيل” على الشحن البحري في معظم تبادلاتها التجارية، ووفق “هآرتس”، تجري 90 % من واردات وصادرات “إسرائيل” عبر البحر، و12% من هذه العمليّات تمرّ في مضيق باب المندب.
اهتمام الكيان الإسرائيلي بباب المندب برز مبكرا؛ فحين انتصرت ثورة 21 سبتمبر في العام 2014م، خرج نتنياهو ليُحذّر من خطورة وصول الحوثيين إلى باب المندب، وكان ذلك تعبيراً مُبكراً عن الهواجِس من صعود دولة عربية جديدة إلى خطّ الصراع الأول مع الصهيونية.
منذ بدء العدوان الأمريكي السعودي الإماراتي على اليمن عام 2015م، سارعت الرياض وأبوظبي لإيجاد نفوذ لهما على الجانب الأفريقي من البحر الأحمر؛ اتجهت الإمارات إلى بناء قاعدة عسكرية لها في ميناء عصب في اريتريا، وقاعدة أُخرى في ميناء بربرة بجمهورية أرض الصومال (غير المعترف بها دولياً).
وبهدف التحكم بباب المندب؛ أنشأت الإمارات قاعدة عسكرية جوية في جزيرة ميون التي تقع في قلب باب المندب 2017م، وقاعدة أُخرى في منطقة “ذوباب”، وحوّلت ميناء المخا إلى قاعدة عسكرية .
حديثا؛ كشف المعهد الإيطالي للدراسات السياسية الدولية، عن تعزيز الإمارات الشريك الأبرز للسعودية في تحالف عدوانها على اليمن سطوتها على الجزر والسواحل اليمنية غرباً وجنوباً .. مشيرا إلى سيطرة أبوظبي على عدد كبير من الجزر اليمنية في مقدمتها جزيرتا ميون وسقطرى .
وأشار التقرير إلى أن الهدف من تواجد أبوظبي في اليمن، السعي إلى تحقيق أهداف جيوسياسية خاصة بأبوظبي وهذا ما يفسر سيطرتها على واحدٍ من أهم طرق الملاحة الدولية، باب المندب .
استراتيجياً؛ تقع جزيرة ميون، والتي تُسمّى (جزيرة بريم) في منتصف مضيق باب المندب، وتربط هذه الجزيرة بين البحر الأحمر، وبحر العرب، وكذلك المحيط الهندي، ويُشار إلى أنَّ موقع الجزيرة ساعدها في ربط الشرق بالغرب، وتصل مساحتها إلى ما يُقارب 13 كيلومتراً مربعاً، وتتميز بموقعها الاستراتيجيّ المميز؛ فهي محمية بالجبال، وتحتوي على ميناء طبيعيّ في الجهة الجنوبيّة الغربيّة منها.
في أبريل 2020م، قامت الإمارات بعزل جزيرة ميون التي تبلغ مساحتها 13 كيلومتراً مربعا عن محيطها اليمني، بعد احتلالها معتبرة إياها منطقة عسكرية مغلقة.
كما عمدت إلى نقل أجزاء من قاعدتها العسكرية في جزيرة عصب في إريتريا إلى الجزيرة، التي شهدت مؤخرا حركة كثيفة، حيث تم إدخال الكثير من المعدات إليها بواسطة سفن إماراتية، وكذلك نقل الجنود إليها من إريتريا. وإعطاء بعض القوات المتواجدة فيها إجازة وحصر الدخول والخروج من الجزيرة بأشخاص بعينهم.
وتأتي التحركات الإماراتية ضمن محاولة لاقتطاعها وحرمان أي طرف يمني من التحكّم بمضيق باب المندب.
وفي فبراير 2017م، كشفت مجلة “جاينز” الأسبوعية المتخصصة بالأبحاث العسكرية، شروع الإمارات في بناء قاعدة عسكرية في الجزيرة، ونشرت المؤسسة صورة فضائية ليوم 14 يناير 2017م والتي تبين وجود بناء جديد لمدرج طائرات بطول 3200م على جزيرة ميون الواقعة في باب المندب.
وكان نشر الصحفي البريطاني المتخصص في قضايا الشرق الأوسط جيريمي بيني صورا وخرائط على صفحته في تويتر في مايو من نفس العام، توضح الإنشاءات التي تقوم بها القوات الإماراتية في جزيرة ميون، وما يعتقد أنه مدرج طائرات جديد يتم إنشاؤه.
وجعلت أبوظبي من جزيرة ميّون قاعدة عسكرية لها وممرّاً لدخول أتباعها وخروجهم، وإدخال الدعم إليهم، وذلك ليتولّى هؤلاء الوكلاء إيصال هذا الدعم إلى عدن وباقي المناطق، خصوصاً بعد إعادة تأهيل مطار ميون العسكري.
ويستخدم وكلاء ومليشيا اليمن في الساحل الغربي هذا المطار لتحركاتهم.
ووفق المعلومات المتوفرة، فقد نقلت الإمارات في الأيام الأخيرة أكثر من 300 جندي وضابط، ومن هؤلاء متخصصون في استخدام الطائرات والاستخبارات، كما تم إدخال أجهزة يُعتقد أنها أجهزة اتصالات متطورة وتجسسية.
وكشفت المصادر رصد وجود أجانب في الجزيرة غالباً ما يصلون ويرحلون مع الضباط الإماراتيين، كما تم نشر عدد من المدافع والآليات فيها إلى جانب مروحيات عسكرية من نوع “بلاك هوك” و”آباتشي”.
ونبهت المصادر إلى أن الإجراءات الإمارتية الجديدة في الجزيرة اليمنية تشمل استحداث مواقع عسكرية جديدة، إلى جانب استكمال إنجاز مدرج لاستقبال الطائرات الحربية، والذي كانت قد بدأت العمل فيه قبل أربع سنوات، كما تعتمد الإمارات على تسيير القوارب السريعة في دوريات حول الجزيرة لتأمينها عسكريًا.
“إسرائيل” في جزيرة ميون
كشفت تقارير عن استعانة الإمارات بضباط “إسرائيليين” لتكريس احتلال جزيرة ميون، حيث إن ضباطاً إسرائيليين يتواجدون في جزيرة ميون بعد استقدامهم مع قوات وميليشيات الإمارات، ورجحت المصادر أن يكون هؤلاء الضباط يعملون في الاستخبارات العسكرية (أمان) وجهاز الأمن العام (الموساد).
وذكرت التقارير قيام أبوظبي ببناء مواقع محصنة وإنشاء أنظمة متطورة للرصد والمراقبة في الجزيرة اليمنية الاستراتيجية، إضافة إلى إقامة الإمارات مع الضباط الإسرائيليين قواعد تجسس واستخبارات لرصد الملاحة بحرا وجوا في المنطقة.
وأكدت أن هذه الأنظمة متطورة جدا، وقادرة على رصد أهداف على بعد مئات الكيلومترات، ونبهت المصادر ذاتها إلى جملة من الإجراءات المشددة التي اتخذتها القوات الإماراتية في الجزيرة، تهدف لمنع حصول أي من الأطراف على معلومات عن الضباط الإسرائيليين أو الأعمال التي تقوم بها في الجزيرة.
محمد شرف