بان كي مون يبحث عن التهدئة مع السعودية بعد ضجة القائمة السوداء
أمين عام الأمم المتحدة يعيش في آخر أيام مدته على رأس المنظمة الدولية في حالة من العزلة خاصة من الدول الكبرى ذات التأثير في مجلس الأمن
قال مراقبون إن الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون سيسعى إلى التهدئة مع السعودية خلال اللقاء الذي ينتظر أن يجمعه الأربعاء القادم مع ولي ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بعد التصريحات التي قال فيها إنه تعرض لضغوط لرفع اسم التحالف العربي في اليمن من القائمة السوداء.
وقال متحدث باسم الأمم المتحدة إن ولي ولي العهد السعودي طلب عقد اجتماع مع الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون.
وقال مصدر دبلوماسي إنه من المتوقع أن يصل الأمير محمد إلى نيويورك الثلاثاء لعقد لقاءات مع عدد من رؤساء الشركات بعد زيارة للساحل الغربي الأميركي. وقال المتحدث ستيفان دوجاريك “وصل طلب رسمي إلى مكتب الأمين العام لعقد اجتماع مع ولي ولي العهد السعودي وعندما نتمكن من تأكيد شيء سنفعل”.
وسيجد الأمين العام نفسه أمام وضع جديد خاصة بعد زيارة الأمير محمد بن سلمان إلى واشنطن ولقاءاته الواسعة مع مختلف المسؤولين وعلى رأسهم الرئيس الأميركي باراك أوباما، ووزير الخارجية جون كيري، ووزير الدفاع أشتون كارتر.
ولا يمكن لبان كي مون أن يخرق السقف الذي تسمح به الولايات المتحدة، وقد سعى المسؤولون خلال تلك اللقاءات لتأكيد أهمية العلاقة مع السعودية، والعمل على تطويرها وتعميقها، فضلا عن تفهم الدور الإقليمي الذي تلعبه السعودية في اليمن لفرض عودة الشرعية.
ويعيش بان كي مون، في آخر أيام مدته على رأس المنظمة الدولية، حالة من العزلة خاصة من الدول الكبرى ذات التأثير في مجلس الأمن، وبدا ذلك جليا حين كان يأمل أن تدعمه في خلافه مع المغرب، لكنها صدمته حين نأت بنفسها عنه.
ونجحت الضغوط المغربية في دفع بان كي مون إلى تقديم اعتذار عن كلمة “احتلال” في توصيف الوضع في الصحراء، عن طريق المتحدث باسمه الذي قال للصحافيين إن استخدام الأمين العام “للكلمة لم يكن مخططا له ولا متعمدا بل جاء عفويا كرد فعل شخصي. نأسف لسوء الفهم والتبعات الناجمة التي أثارها هذا التعبير الشخصي عن الاهتمام”.
وفاجأ الأمين العام للأمم المتحدة العالم بالحديث عن تعرضه لضغوط لرفع اسم التحالف العربي في اليمن من القائمة السوداء في انتهاك حقوق الأطفال، ما أثار تساؤلات حول هذا الاعتراف، وهل يرضى بان لنفسه وللمنظمة التراجع عن قرار تحت ضغط أيّ جهة كانت حتى لو كانت السعودية التي تموّل جانبا كبيرا من نشاط الأمم المتحدة.
والسعودية هي رابع أكبر مانح للأونروا بعد الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وبريطانيا، وقدمت قرابة مئة مليون دولار للوكالة العام الماضي. وأثار رفع اسم التحالف من القائمة السوداء ردود فعل غاضبة من جماعات حقوقية اتهمت بان كي مون بالرضوخ لضغوط دول قوية.
وقالت المنظمات الحقوقية إن بان، وهو في العام الأخير من فترته الثانية بالمنصب، خاطر بالإضرار بإرثه كرئيس للمنظمة الدولية. ولم ترد الأمم المتحدة على خطاب أرسله في الثامن من يونيو السفير السعودي لدى المنظمة عبدالله المعلمي نيابة عن التحالف الذي تقوده السعودية في اليمن يطلب فيه تفاصيل عن مصادر المعلومات التي وردت في تقرير الأمم المتحدة الخاص بانتهاكات حقوق الأطفال في الصراعات المسلحة.
وجدد دوجاريك هذا الأسبوع تأكيده أن الأمم المتحدة لن تكشف عن هذه المصادر، ما يزيد من الشكوك بشأن مصداقيتها، وأنها ربما اعتمدت على تقارير موجهة من أطراف تمثل جزءا من الصراع في اليمن أو داعمة لها.
وذكر تقرير الأمم المتحدة عن الأطفال في الصراعات المسلحة أن التحالف الذي بدأ حملته الجوية في مارس 2015 لهزيمة الحوثيين المتحالفين مع إيران مسؤول عن 60 بالمئة من وفيات وإصابات الأطفال في الصراع العام الماضي وقتل 510 وإصابة 667 طفلا، وهو ما تنفيه السعودية بشدة.
وقالت مصادر دبلوماسية إن السعودية، وهي مانحة رئيسية للمنظمة، هددت بوقف تمويل برامج الأمم المتحدة، وإنها لوحت باستصدار فتوى ضد المنظمة، لكن الرياض ردت على تلك المغالطات ونفت بشدة إصدار أيّ تهديدات رغم أن بان نفسه أكد ذلك.
وقال المعلمي إن بلاده لا تستخدم التهديدات ولا الترهيب، وإنها ملتزمة جدا تجاه الأمم المتحدة. ونفى المعلمي أي تهديد باحتمال إصدار الفتوى، كما وصف الأمر بالسخيف والمشين، مضيفا أن الهدف من اجتماع هيئة كبار العلماء في السعودية هو إقرار وإصدار بيان يدين إدراج التحالف العربي في اليمن على “القائمة السوداء”.