انكسار أمريكي سعودي وثبات يمني في قلب المتغيرات الإقليمية والدولية
كانت الأوهام والظنون قد سيطرت على القيادة السعودية، بأن اليمن واقعة تحت الهيمنة والنفوذ الإيراني، لقد صدمت بالرد الإيراني، بينما كانت تنتظر بأنها ستقطف ثمار الاتفاق الإيراني – السعودي في الملف اليمني، متوهمةً أن اليمن العظيم تابع، فجاءها الرد صادما على غير المتوقع وما هو في الحسابات السياسية. إذ بددت الخارجية الإيرانية ما توهمه هانس غراند برغ، وقالت له بصريح العبارة حرفيا: الحوار ثنائي سعودي – إيران، وطهران لم تتحدث بالنيابة عن أي دولة، أو شعب خلال المباحثة، بل أكدت، ولا تزال بأن اليمن صاحب القرار.
كان ذلك بمثابة هزات ارتدادية، لما سبق الترتيب له، وهيأت أرضية الحوار لتسحب السعودية قدمها بسهولة من باب الوساطة، وكأن شيئا لم يكن، فتسقط عنها جناية العدوان، بل وقائد التحالف في سفك دماء اليمنيين عبثا، وبوحشية مفرطة، ودمرت دولة وشعب قل نظيرها في تاريخ الحروب والتاريخ الانساني.. فهذا الاتفاق تباركه اليمن لكنه لن يسقط حقها، ومطالبها الإنسانية واشتراطاتها للسلام، والهدنة، بأن تعود اليمن لأوضاعها الطبيعية وأن يسودها الأمن والاستقرار، وعلى التحالف تنفيذ ما ورد في جولات المباحثات، فيما يتعلق بالجوانب الإنسانية، ومغادرة القوات الأجنبية الأراضي اليمنية.
اتفاق بكين الثلاثي حرك الكثير من الأوراق، في ظل خشية الولايات المتحدة من تضاؤل دورها في المنطقة؛ وخاصة وسط حلفائها، لا سيما مع اشتداد أزماتها، وارتفاع نسبة التضخم نتيجة العقوبات على روسيا، وهو ما انعكس سلبا على إفلاس مصارفها، الأمر الذي ينذر بكارثة تعجل من انهيارها، في ظل تخبطها، وانسداد آفاق معالجة أزماتها.
يأتي ذلك بالتزامن مع استئنافها لحراكها في الملف اليمني، وسط انتقادات واسعة لخسارة واشنطن الحرب في أعقاب الاتفاق الذي رعته الصين بين السعودية وايران.
وأعلنت الخارجية الأمريكية ارسال مبعوثها إلى اليمن، تيم ليندركينغ، في جولة جديدة تشمل السعودية وسلطنة عمان، مشيرة إلى تعويل واشنطن على السلطنة في انقاذ وضعها في اليمن ومستندة إلى المكالمة التي أجراها الرئيس جو بايدن مع سلطان عمان.
واشارت الوزارة في بيان لها إلى ان ليندركينع سيحث جميع الاطراف للتوصل إلى اتفاق جديد.. كما سيحث المانحين على زيادة الدعم لجهود السلام.
ومع أن دور واشنطن لجهود السلام في اليمن لم يثمر منذ تعيين مبعوث جديد قبل سنوات إلا أن الجولة الجديدة ، وفق مراقبين، لم تخرج عن اطار مساعي الإدارة الامريكية لرفع الحرج الذي تسبب به قيادة الصين اتفاق بين الرياض وطهران.
وكانت السعودية قد كشفت عن مخاوفها من ردة فعل امريكية على اتفاقها مع ايران قد تصل إلى العقوبات..
واشار وزير الطاقة السعودي عبدالعزيز بن سلمان في مقابلة مع موقع “انرجي انتليجنس” إلى وجود تحركات، لفرض سقف لسعر النفط السعودي على غرار القرار الذي استهدف روسيا مؤخرا، مشيرا إلى أن بلاده لن تبيع النفط للدول التي قد تفرض سقف لسعر النفط السعودي وقد تتجه لخفض الانتاج.
وتزامن حديث الوزير السعودي مع ترتيبات أمريكية لتوقيع قانون التنقيب عن النفط في الأراضي الامريكية لمواجهة تداعيات ارتفاع أسعاره..
وتشير التصريحات السعودية إلى أن واشنطن تتجه لفرض سقف على النفط السعودي أسوة بالنفط الروسي، وهي خطوة قد تعكس ردة فعل امريكية على الاتفاق الذي رعته الصين بين الرياض وطهران، واثار حفيظة واشنطن التي اعتبرته تعزيز للنفوذ الصيني في حديقتها الخلفية بالخليج.
المصدر:26 سبتمبر نت