انفراط عقد تحالف “السعودية”.. والإمارات تشهر آخر أوراقها!!
الحقيقة/اسماعيل المحاقري
يوما بعد آخر يعيش تحالف العدوان بمنفذيه الاقليميين وداعميه الدوليين حالة التخبط والتفكك في اليمن… والسعودية على ما يبدو ستظل آخر المتورطين بعد انكشاف المستور وانفراط عقد تحالفها بانسحاب كل من قطر والمغرب وماليزيا وباكستان ورغبة دول أخرى في الانكفاء والتراجع كمصر والأردن وغيرها من الدول.
حتى الإمارات رأس الحربة لتقويض الأمن والاستقرار في اليمن أعلنت قبل أسابيع سحب قواتها أو إعادة انتشارها وفق ما صرح به وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية أنور قرقاش لخلق ما اسماه زخم جديد لإنهاء الصراع.
وبرغم أن انباء الانسحاب الإماراتي لم يصدر من جهة رسمية في أبو ظبي إلا انها انتشرت كالنار في الهشيم ما أثار الشكوك حول صحة تلك الأنباء والهدف من الترويج لها قبيل أسابيع من الحرب المؤجلة في شوارع عدن بين التشكيلات المسلحة ذات النزعة الانفصالية الممولة والمدربة إماراتيا “المجلس الانتقال” وبين الفصائل المسلحة المحسوبة على “الشرعية” المزعومة المدعومة سعوديا.
ووسط زحمة من المواقف المنددة ودعوات التهدئة العربية والدولية والأممية يصر “المجلس الانتقالي” على خوض معركة نفوذ رسمت ملامحها الإمارات قبل الإعلان عن انسحابها التكتيكي لتثبيت حلفائها على أنقاض “شرعية” حبيسة الفنادق.
وتحت مرأى ومسمع السعودية توسعت رقعة المواجهات في انحاء متفرقة من مدينة عدن وتعدّدت أدواتها إلى حد استخدام الأسلحة الثقيلة بمختلف أنواعها وسط تراجع فرص التهدئة لناحية الرغبة الواضحة للقوى الخارجية على تغيير قواعد اللعبة لإرساء مداميك مشروع التقسيم والتفتيت في اليمن.
ويبدو أن معارك الساعات الماضية سارت لصالح مليشيا الإمارات في مختلف المديريات بسيطرتها على قصر معاشيق والألوية والمعسكرات ومنزل وزير داخلية هادي الذي لاذ بالفرار بحسب تصريحات نائب رئيس المجلس الانتقالي هاني بن بريك الذي أعلن أيضا انتهاء المواجهات في حين اتهمت حكومة الفار هادي من اسمتهم الانفصاليين بتنفيذ انقلابا في عدن.
ووفق كثير من المراقبين وأمام ردة الفعل السعودية غير المتوقعة بالنسبة للمقربين منها فإن معركة عدن من المقدر أن يتسع نطاقها إلى مختلف المدن الجنوبية نظراً لما تحتشد على ساحتها من أطرف داخلية متباينة ومتناقضة وقوى خارجية مدججة باجندات استعمارية تحاول إعادة رسم مناطق النفوذ بما يتيح لها ليس السيطرة والتحكم على أهم الموانئ والممرات الاستراتيجية في المنطقة بل واحتلال جزر واقتطاع أجزاء واسعة من الجغرافيا اليمنية لصالح المملكة شرقا وشمالا.
وعطفا على ذلك فالمواجهات في الجنوب عموما مصيرية لكلا الأطراف المتناحرة باختلاف الولاءات والتوجهات ولن تكون كما قبلها حتى مع إعلان انتقالي الإمارات حفاظه على “الشرعية” وتخليصها من هيمنة حزب الإصلاح “الإرهابي” كما يحلوا لأبو ظبي وأدواته توصيفه…. فأهداف تحالف العدوان باتت واضحة وجليه والدور السعودي والإماراتي هو أبعد اليوم من ان يكون ذو طابع “قومي وعربي” لمواجهة ما اسموه الانقلاب والحفاظ على وحدة اليمن واستقراره.
كل عناوين الحرب سقطت وشعاراتها الفضفاضة تلاشت اليوم كما كان متوقعا خلال مرحلة نرسج التحالفات التي جمعت المتناقضات حينا وفرقتهم حينا آخر فالشرعية التي اتخذها الشرق والغرب “قميص عثمان” للإجهاز على اليمن وتدمير مقدراته انتهت صلاحيتها جنوبا ولم يعد أمرها يعني أحدا هناك، لا الإمارات التي استبقت العاصفة المرتدة في عدن بإعلان الانسحاب الشكلي وواكبتها ببيانات ومواقف تظهرها وكأنها غير معنية بالأحداث أقلها تقديم نفسها كوسيط للتهدئة ومطالبتها الأمم المتحدة وقف التصعيد كما جاء على لسان عبدالله بن زايد وزير الخارجية والتعاون الدولي في محاولة مبتذلة للتخلص من التبعات والتداعيات ولا السعودية التي سارعت لتعزيز حضورها العسكري والعودة إلى صدارة مشهد الحرب مجددا، بعدما تراجعت خلال الأعوام الماضية لمصلحة الدور الإماراتي.
عودةٌ قد تفرض على المملكة جملة استحقاقات عسكرية وميدانية، بما يلائم المرحلة الجديدة التي ستحمل فيها العبء الأكبر من حرب عبثية لا طائل منها وتلك نتيجة من المفترض أن يكون النظام السعودي أكثر دراية وإلماما بها من غيره.
وكحال السعودية التي تدفع الأموال الطائلة لاستجلاب واستيراد آلاف المرتزقة للدفاع عن حدودها والقتال بالنيابة عن جيشها فتواجدها العسكري في عدن وغيرها من المدن لا يعدو كونه محاولة فاشلة للإبقاء على النفوذ والهيمنة المفقودة وتلافي السقوط المخزي والمذل في اليمن.
تلك هي الحقيقة المرة بالنسبة للقوى الخارجية على رأسها أمريكا ضابط إيقاع هذه التطورات،، والصادمة والمحرجة لبعض الأطراف الداخلية التي اخطأت الحسابات ووضعت “جميع بيضها في سلة السعودية” والأخيرة تجد نفسها في هذه المرحلة بين سندان الابتزاز الأمريكي والمنظمات الحقوقية من تداعيات الإخفاق وتبعات العدوان ومطرقة الصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة على مطاراتها ومنشآتها الحيوية.
السعودية تخسر كل شيء اذن وخياراتها تكاد تنعدم عسكريا وسياسيا وهي أمام خيارين أحلاهما مر فإما الاصطفاف مع الإمارات ودعم تشكيلاتها المسلحة لتحقيق غايات “الانفصال”… أو التخلي عنها والتمسك بالفار هادي ومن يدور في فلكه من أحزاب وفصائل وجماعات مسلحة تعاديها الإمارات وتعول عليها المملكة لاستكمال معركتها شمالا وتمرير أجنداتها وتحقيق أطماعها جنوبا وشرقا.
انفراط عقد تحالف “السعودية”.. والإمارات تشهر آخر أوراقها!!