الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ .. {يُسَارِعُونَ فِيهِمْ}
الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ
{يُسَارِعُونَ فِيهِمْ}
{فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ} وكأن الشيء هذا كله لا يلفت النظر ولا ينتبه له، ويقفز من فوقه. {يُسَارِعُونَ فِيهِمْ} لاحظوا إضافة [الفاء] في [فترى]، كأنه يقول لك: وعلى الرغم من هذا كله، من خطورة القضية، وغموض أساليبها، وخطورة نتائجها وغاياتها، التي هي في الواقع تدفع كل إنسان أن يكون بعيداً جداً جدا عن هذا، أو بطيئاً وهو ينطلق نحوهم على أقل تقدير، بطيئا وهو ينطلق نحوهم لكن لا، ترى من داخل المؤمنين من يسارعون فيهم. ماذا يعني يسارعون فيهم؟. يسارعون نحو توليهم نحو خدمة ضمائرهم، نحو تنفيذ خططهم, مسارعة، أليس هذا الموقف مضاد جدا لما كان ينبغي لأي إنسان مؤمن أن يكون عليه؟ أن يكون بعيداً جداً، جداً عنه أن يكون في نفسه أطرف ميل، أو أن يكون قلبه من القلوب التي يمكن أن تتعرض لأن تواليهم، ولو بأدنى ولاء؟.
لكن تجد هناك من هم؟. الذين في قلوبهم مرض.. ولاحظ متى حصل مرض في القلوب كيف يحصل ماذا؟ مسارعة إلى توليهم، فاليهود هم يعرفون كيف يشتغلون، هم يوجهون أعمالهم نحو القلوب، والمرض يتجمع، تتجمع أمراض من هنا ومن هنا، من مشاهدة التلفزيون، ومن قراءة صحيفة، ومن كلمة فلان، زعيم يتكلم, تتجمع، تتجمع فحصل مرض في النفوس، في القلوب.
بمعنى أن القلب السليم الذي هو مملوء بتولي الله ورسوله والذين آمنوا ما يمكن أن يميل إليهم، يبقى سليماً منهم، سليماً من هذه المخاطر الرهيبة.
ومرض القلوب يتجلى بعناوين متعددة قد يصبح نفاقاً، شكاً، ارتياباً، إيثاراً لمصالح خاصة على الدين، إيثار لمصلحته الخاصة على الدين مما هو مرض مشين. عادة قد لا تحتسب فعلا أن يكون صادقاً من يدعي أنه من منطلق الحفاظ على المصلحة العامة، هذا ما يحصل من القلوب المريضة.
فمن يسارع فيهم في قلبه مرض، وغير صادق عندما يدعي أنه من أجل الحفاظ على المصلحة العامة، على مصلحة شعبه أو على مصلحة المسلمين، غير صادق. القلوب المريضة ليست هي من تهتم بمصالح المؤمنين بمصالح المسلمين، القلوب السليمة هي وحدها التي تهتم بمصالح المسلمين، هي التي تتجاوز خارج إطار وحدود شخصيتها، أما القلب المريض فلا يمكن أن يحمل اهتماماً بمصالح الآخرين؛ ولهذا يأتي بعبارة (يقولون) {يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ}. فنحن نحافظ على المجتمع من أن يحصل عليه ضربة.
دروس من هدي القرآن سورة المائدة الدرس الأول للسيد حسين بدر الدين الحوثي