اليمن.. يكشف القناع الدولي المزيف…بقلم/ صادق البهكلي
يستغرب الكثير من الناس التواطئ الدولي المفضوح مع العدوان السعودي الأمريكي على اليمن وفرض الحصار الخانق جواً وبحراً وبراً بالتزامن مع القصف الجوي المستمر والمدمر حتى وصل الأمر لاقتراف مجازر بشعة ليس آخرها مجزرة القاعة الكبرى بصنعاء التي سقط فيها أكثر من (700) بين شهيد وجريح وحسب الإحصائيات لمراكز ومنظمات قانونية ورسمية فأن العدوان اقتراف أكثر من 300 مجزرة منذ أول غارة على اليمن في مارس من العام 2015م طالت الكثير من المناطق واستهدفت الكثير من الفعاليات الاجتماعية (اعراس – عزاء – أسواق …الخ) و الغريب ان العالم يتفرج بصمت رهيب وتمر المجزرة بعد أخرى دون أن نسمع ولو تصريح مسؤول يدين تلك المجازر حتى الأمم المتحدة تكتفي في أغلب الأحيان بالتعبير عن القلق.. فلماذا اختفت مفاهيم حقوق الانسان وشعارات الحرية والرأي والرأي الآخر وغاب القانون الدولي وسقطت تلك القرارات الدولية فيما يخص احترام سيادة الدول وحماية المرأة والطفل …الخ ؟ ما هي الأسباب وما هي حسابات تلك الدول التي كنا نعتقد بأنها لن تتردد في اتخاذ مواقف حازمة كروسيا مثلاً والصين والمانيا؟ وهذه الدول أعضاء دائمة في مجلس الأمن وفقط تكتفي روسيا مثلاً والصين بإرسال رسائل باهته ومواقف مترددة عبر سفرائهم بالرغم أن هناك دور سياسي واقتصادي وحتى عسكري لأغلب الدول المشاركة في العدوان على اليمن ضد دول كروسيا ونسبياً الصين كما يجري في سوريا بالنسبة لروسيا وكما يجري أيضاً من صراع في بحر الصين بالنسبة للصين وكل هذه الصراعات تقودها أمريكا.
فهل اليمن مثلاً منطقة غير ذات جدوى للحسابات الجيوسياسية الاستراتيجية بالنسبة للدول الكبرى؟ أم ان اليأس من أي مكاسب سياسية واقتصادية في المستقبل مع اليمنيين هي ما يدفع بمثل هذه الدول بالنأي بعيدا ًعن الأزمة اليمنية والاكتفاء بما يقدمه النظام السعودي من حوافز مقابل الصمت وترك الشأن اليمني باعتباره يخصه لوحده؟
الأمر لم يتوقف عند حالة الصمت بل أمتد إلى تقديم بعض المساعدات العسكرية للسعودية على شكل تدريبات عسكرية كما الحال مع الصين او اتفاقيات تسليح كما مع روسيا مع أنهم يدركون الأهمية الكبيرة لموقع اليمن الجيوسياسي والاقتصادي ولكن لهم حسابات أخرى هي حسابات يعتقدونها ويريدونها تحدث بكل عفوية في المستقبل على أساس أن اليمن بحاجتهم سوى انتصر أو لم ينتصر.
وكي نعرف اللعب الدولي المكشوف وصراع الأقطاب وخلفيات الصمت الدولي على مجازر السعودية وأمريكا في اليمن، يجب أن يكون لنا نظرة سريعة على المنطقة برمتها وهي تعيش حالة ملتهبة من الصراع المحموم منذ الربيع العربي قبل خمس سنوات حتى أصبحت منطقة مفتوحة وساحة لتصفية الحسابات بين الدول الكبرى أساسها الهاجس الأمني والاقتصادي.
الدول الغربية بشكل عام والدول دائمة العضوية في مجلس الأمن مستفيدة بشكل كبير من الصراع العربي العربي وأمريكا والكيان الصهيوني مستمران بشكل أساسي على تخويف دول خليجية من دول عربية أو إسلامية أخرى وفي الأخير لا تجد هذه الدول من وسيلة سوى اللجوء لعقد صفقات أسلحة بمليارات الدولارات ولأنه لم يكن هناك عدو لهم لا عربي ولا إسلامي فقد جرتهم أمريكا لصراعات عبثية كما تفعل دول خليجية بدعم الجماعات الإرهابية في سوريا بالسلاح والمال و كذلك في العراق واما في اليمن فقد شنوا عليه حرب ضروس لم تشهد لها المنطقة مثيل من قبل وحينما نسأل من المستفيد وماهي المبررات لا نجد سوى أمريكا وإسرائيل ودول غربية أخرى مستفيدة أما الدول العربية فما الذي يفيدهم من تدمير بعضهم البعض؟
ولنأتي إلى موضوع التلاعب الدولي بأزمة اليمن فروسيا والصين مثلاً وهما الدولتان اللتان يعول عليهن البعض لهم حساباتهم على أساس في حال انتصر اليمن سيكون سوقاً مهماً لأسلحتهم باعتبار وضعه يتطلب حماية مكاسب النصر وإيجاد قوة دفاعية تسد الثغرات التي دخل منها العدوان اما وكان الحال ـ وهو بناء على الواقع والوقائع شبه مستحيل ـ لصالح العدوان فهو ايضاً مفيد لروسيا والصين على أساس انهم تعاونوا مع دول العدوان بالصمت وببعض الدعم اللوجستي. وإن انتهى الأمر بحل سياسي على أساس لا غالب ولا مغلوب فهم ايضاَ رابحون مع الطرفين، هذه هي ربما حساباتهم التي جعلتهم يتذبذبون فيما تكتفي أمريكا وبريطانيا بالدفع بالسعودية لمواصلة الحرب حتى انهاكها اقتصادياً فإذا ما انهارت يكون قد جففوا مخزونها النقدي وأرصدتها ونتيجة لكونها دولة نفطية كبيرة سيبقى الصراع يغذيه ملايين من براميل النفط الذي يتدفق يومياً وعلى كل حال سيبقى سوق السلاح رائجاً وسيحاولان بأي طريقة البحث عن موطئ قدم لهم في المنطقة برمتها يضمن لهم حصة لا بأس بها من أكبر سوق مستورد للأسلحة. إنها حرب المصالح والنفوذ ولن تجد المنطقة العربية سلام واستقرار ما لم تنهض الشعوب العربية نفسها بمسؤولياتها.
ان علينا كشعب يمني هو ان نعتمد على الله وعلى أنفسنا، وأن نتحرر من أي ضغوطات مستقبلية تدفعنا لتقديم تنازلات لأي دولة فدماء اليمنيين ليست سوقاً للبيع والشراء ومن ضحوا بأروحهم من أجل حريتنا واستقلال الوطن فجدير بمن ورائهم أن يكونوا أوفياء وان يعملوا من الآن على ترسيخ ثقافة الاعتماد على الذات وتشجيع النزعة الاستقلالية فهناك دول خرجت من بين الرماد لتصبح من عمالقة الاقتصاد العالمي دول يحسب لها اليوم ألف حساب.