اليمن .. يصنع معجزات اضافية … بقلم / علي احمد جاحز
اليمن .. يصنع معجزات اضافية ... بقلم / علي احمد جاحز
لم يعد ثمة جديد يمكن ان يجربه العدوان على اليمن في سبيل تحقيق ما عجز عن تحقيقه طوال ما يقارب عام ونصف ، فالتهديدات التي يطلقها العدوان واخرها تهديد عسيري الاخير ، انما هي مناورات بائسة و يائسة تعكس الخيبة وتعترف وتقر بالفشل وتعطي دلالات واضحة على المأزق الذي باتوا غارقين في وحوله .
***
اليمن ، الدولة المفككة والاقتصاد المنهار ، لاتزال اليمن الشعب القوي الصامد الشجاع الذي احدث خللا في موازين القوى واربك معادلات وحسابات العالم ، وهذا مالم يكن ضمن حسابات الاغبياء على مستوى حكام الخليج الذين جربوا تجربة قد خاضتها امبراطوريات في اليمن ، او على مستوى حكومات الاستكبار العالمي وعلى راسها امريكا ، فبعد تلك الشهور الطويلة من الاداء العدواني المغرور البلطجي على اليمن لم تات النتيجة في حدود ما يمكن تسميته ” عكس التوقعات ” بل تجاوزت تلك الحدود لتكون النتيجة فوق المألوف .
***
وفي حين كان المتوقع في عقلية العدوان ان ينهار اليمن و يستسلم ، فان التوقع الطبيعي في عقلية محايدة ان يصمد اليمنيون ويبقوا على قيد الحياة في اسوأ الحالات ان لم ينهزموا ، غير ان الذي حصل هو ان العدوان بتحالفه المدعوم امريكيا والمسكوت عنه امميا بات يبحث عن مخرج من المستنقع اليمني ومدد لايقاف الزحف اليمني على الحدود السعودية بينما الجيش واللجان اليمنيون يتقدمون في جبهات الداخل بشكل حثيث ويستعيدون السيطرة على مديريات بكاملها في تعز و مارب والجوف اضافة الى اسقاط مساحات واسعة داخل اراضي السعودية ونقل ميدان المعركة بين الحين والاخر الى العمق السعودي ، و فوق ذلك القيام بخطوات وترتيبات سياسية وادارية في العاصمة صنعاء .
***
هذه ليست مجرد انجازات اعتيادية نتناولها بشكل عابر او نحتفل بها كما لو اننا انجزنا شيئا في معركة متكافئة الاطراف ، بل هذه معجزات تاريخية لايصنعها الا اليمن واليمنيون عبر التاريخ البشري باختلاف مراحله وادواته وظروفه ، فالانسان اليمني ليس محتاجا اليوم ان يثبت بانه وحده من يصنع معجزات التاريخ و خوارقه فقد اثبت ذلك في حقب مختلفه وانما هو اليوم يضيف صفحة مشعة في صفحات التاريخ اليمني المشع .
***
من المفترض ان نراجع اداءنا الاعلامي بالدرجة الاولى حين نتعاطى مع ما يجري اليوم ، لا ينبغي ان نتوقف على مجرد نشر الخبر و المشاهد كحدث آني وحسب ، و انما يجب ان نقرأ أبعاد و معاني ودلالات ماوراء الحدث في صيغ عميقة تعطيه حقه من التناول و التحليل ، فليس امرا اعتياديا ان يأتي العالم بقضه وقضيضه ليقضي علينا و يجبرنا على الاستسلام ويحشد اعلى درجات الكم والكيف من السلاح والعتاد و المرتزقة في معركته معنا ثم لايخسر وحسب ، بل ينتقل الى مربع الدفاع و الانهيار والتداعي .
***
لم تأت مبادرة كيري الاخيرة حرصا على سواد عيوننا ولا عالى سواد عيون المملكة ، بل جاءت نتيجة شعور بالخطر من الفضيحة اولا ومن الهزيمة ثانيا ، وقد قالها كيري بنفسه في المؤتمر الصحفي الاخير بان هناك خطرا على المملكة وعلى امريكا مصدره العمليات التي ينفذها المقاتلون اليمنيون داخل اراضي المملكة وهو ما يعني ان الانجازات كبيرة تجاوزت مجرد الانتصار على العدوان بكونه فشل في تحقيق اهدافه التي نستطيع ان نقول انه فشل في ذلك منذ الشهر الاول .
***
المكابرة و المقامرة التي تحكم مزاج العدوان تقف وراءها امريكا الدولة التي تسيطر على العالم ، وليست مجرد غباء سعودي ، فامريكا تستثمر ذلك الغباء وتغذيه لتلعب لعبتها الكبيرة في المنطقة ، ونحن نعي تلك اللعبة الكبيرة ونتحرك في الاساس من منطلق مواجهتها منذ البداية ، وهو ما تعيه امريكا وتلمسه و ترى فيه خطورة بالغة عليها ، وهي تدرك ان ادواتها ضعيفة وان عمدت الى تقويتها بشتى السبل .
***
امريكا ، وبعد ان اعطت السعودية وتحديدا بن سلمان ضوءا اخضرا لافشال مشاورات الكويت و العودة للخيار العسكري في ما يشبه الفرصة ، هرعت الان مجددا لتلعب دور المنقذ للسعودية لكن ليس عسكريا بل عبر مبادرة حل سياسي ، وجرى على وقع ذلك تحريك ولد الشيخ الذي جاء متوسلا ان يوافق وفدنا الوطني على العودة لطاولة المشاورات مستخدما الوساطة العمانية .
***
ما حمله ولد الشيخ هو نفس مقترح كيري ، بداخله اشارات وتنازلات و مطبات و مؤامرات، وهذا هو المتوقع وليس في ذلك مشكلة فهو مقترح مطروح للنقاش في كل الاحوال، لكن ان ياتي ولد الشيخ وقد تنازل عن الخطة السعودية السابقة فهذا بحد ذاته اقرار كاف بان الميدان قلب الطاولة وغير المعادلة بشكل قوي واستراتيجي .
—–
يوميات – صحيفة الثورة – عدد اليوم الاربعاء الموافق 7 سبتمبر 2016م
—–
الصورة تعبيرية عن اهم مظاهر تلك المعجزات التاريخية – الرياض والطائف على خط طول واحد