اليمن والتنكيل بسفن العدو الصهيوني.. المهمة والحصاد
بعد دخول الحرب ضد كيان العدو الصهيوني نصرة للشعب الفلسطيني الذي يتعرض لحصار وعدوان وحرب إبادة في قطاع غزة المحاصر، نفذت القوات المسلحة اليمنية وفق تسلسل زمني متصاعد ضربات عسكرية على الكيان، وعمليات دقيقة ضد سفن كيان العدو في البحرين الأحمر والعربي.
في العاشر من أكتوبر الفائت، بعد ثلاثة أيام من بدء العدوان الصهيوني على غزة، أعلن قائد الثورة السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي استعداد اليمن “للمشاركة بالقصف الصاروخي والمسيرات و(الخيارات العسكرية) وذلك ضمن ” التنسيق مع محور الجهاد والمقاومة وضمن مستويات معينة للأحداث وخطوط حمر من ضمنها إذا تدخل الأمريكي بشكل مباشر في العدوان.
وبعد 25 يوما من العدوان الأمريكي الصهيوني على غزة، “رسميا” أعلنت القوات المسلحة اليمنية عن أولى عملية واسعة بإطلاق عدد كبير من الصواريخ الباليستية والمجنحة والطائرات المسيرة، كاشفة أن هذه هي العملية الثالثة التي ضربت أهدافا صهيونية في الأراضي المحتلة الفلسطينية نصرة للشعب الفلسطيني، وخلال أقل من 24 ساعة أعلنت اليمن أيضا استهداف كيان العدو للمرة الرابعة بدفعة كبيرة من الطائرات المسيرة الهجومية، وبعدها تواصلت عملية ضرب كيان العدو خصوصا ميناء أم الرشراش ضمن مسار متصاعد أخرها يوم أمس الثلاثاء 26 ديسمبر الجاري.
ومع استمرار العدوان على غزة وتصاعد ارتكاب المجازر بحق الشعب الفلسطيني وتشديد الحصار على القطاع، بدعم وغطاء أمريكي، لجأت القوات المسلحة فيما يبدو إلى (الخيارات العسكرية) الأخرى، فارضة وضمن خطوات متصاعدة حصارا بحريا على الكيان المؤقت، ومنفذة عدة عمليات في البحرين الأحمر والعربي.
وحتى الآن أدت عمليات القوات المسلحة اليمنية المباشرة والدقيقة في البحرين الأحمر والعربي، إلى تغيير عدد من السفن المرتبطة بكيان العدو مسارها استجابة لتحذيرات ونداءات البحرية اليمنية، وكذلك استهداف 7 سفن بعد رفضها لتحذيرات، بالإضافة إلى الاستيلاء على سفينة خرقت الحظر اليمني على كيان العدو.
فرض معادلة الحصار البحري والتنكيل بسفن الكيان
في 14 نوفمبر أعلن قائد الثورة عن معادلة التنكيل بسفن العدو وفرض الحظر على سفن العدو في البحر الأحمر والبحر العربي مؤكدا أن “أعيننا مفتوحة للرصد الدائم، والبحث عن أي سفينة إسرائيلية في البحر الأحمر، وبالذات في باب المندب، وما يحاذي المياه الإقليمية اليمنية”، مضيفا “سنبحث حتى نتحقق من السفن التي هي تابعةٌ، للعدو، ولن نتوانى عن استهدافها…. وسنظفر- بتوفيق الله – بهم، وسننكل بهم، وفي أي مستوى تناله أيدينا وإمكاناتنا”، مشيرا إلى أن اعتماد العدو الإسرائيلي أسلوب التهريب والتمويه في البحر الأحمر دليل خوفه ودليل على جدوائية وتأثير موقف بلدنا وشعبنا عليه.
وفي 14 نوفمبر أعلنت القوات المسلحة اليمنية، في بيان، البدء في اتخاذ كافة الإجراءات العملية لتنفيذ التوجيهات الصادرة بشأن التعامل المناسب مع أيّ سفينة “إسرائيلية” في البحر الأحمر، مؤكدة أنها لن تتردد في استهداف أي سفينة للعدو في البحر الأحمر أو أيّ مكان تطاله أيدينا ابتداء من لحظة نشر البيان، مشددة على أن العمليات ضد العدو الإسرائيلي لن تتوقف حتى يتوقف العدوان الإسرائيلي على إخواننا في غزة الباسلة.
وذلك عقب يوم واحد من كشف مصدر عسكري يمني من أن القوات البحرية اليمنية قادرة على استهداف السفن الإسرائيلية في البحر الأحمر أو أي مكان آخر لا يتوقعه العدو الصهيوني، موضحا أن القوات المسلحة بصدد استهداف كافة السفن الإسرائيلية، سواء كانت متجهة إلى فلسطين المحتلة أو أي دولة أخرى.
وفي 19 من ذات الشهر، جددت القوات المسلحة اليمنية، في بيان، التأكيد على أنها ستقوم باستهداف جميع أنواع السفن التي تحمل علم الكيان الصهيوني أو تشغلها شركات إسرائيلية أو تعود ملكيتها لها، مهيبة بجميع دول العالم سحب مواطنيها العاملين ضمن طواقم سفن كيان العدو، وتجنب الشحن عليها.
وشدد البيان على أن القرار جاء “انطلاقا من المسؤولية الدينية والوطنية والأخلاقية ونظرا لما يتعرض له قطاع غزة من عدوان إسرائيلي أمريكي غاشم حيث المجازر اليومية والإبادة الجماعية واستجابة لمطالب شعبنا اليمني ومطالب الشعوب الحرة ونجدة لأهلنا المظلومين في غزة”.
وفي 19 نوفمبر، بعد ساعات من إعلانها السابق، أعلنت القوات المسلحة اليمنية الاستيلاء على سفينة إسرائيلية بعملية عسكرية للقوات البحرية في البحر الأحمر، موضحة في بيان متلفز، إن العملية جاءت “تنفيذاً لتوجيهات السيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي -يحفظه الله-، واستجابةً لمطالب أبناء شعبنا اليمني العظيم، وكل الأحرار من أبناء الأمة، وانطلاقاً من المسؤولية الدينية والإنسانية والأخلاقية تجاه الشعب الفلسطيني المظلوم وما يتعرض له من حصار ظالم واستمرار المجازر المروعة والبشعة من قبل العدو الإسرائيلي”.
وأوضح البيان أن قواتنا البحرية اقتادت السفينة الإسرائيلية إلى الساحل اليمني، مؤكداً التعامل مع طاقم السفينة الإسرائيلية وفقا لتعاليم ديننا الإسلامي، مجددا تحذير جميع السفن التابعة للعدو الإسرائيلي أو التي تتعامل معه، بأنها سوف تصبح هدفا مشروعا لقواتنا المسلحة، مهيباً بكل الدول التي يعمل رعاياها في البحر الأحمر بالابتعاد عن أي عمل أو نشاط مع السفن الإسرائيلية أو السفن المملوكة لإسرائيليين.
وأكد البيان الاستمرار في تنفيذ العمليات العسكرية ضد العدو الإسرائيلي، حتى يتوقف العدوان على قطاع غزة والجرائم بحق إخواننا الفلسطينيين، لافتاً أن من يهدد أمن واستقرار المنطقة والممرات الدولية هو الكيان الصهيوني.
وقد اعترفت وسائل إعلام العدو الإسرائيلي، أن السفينة التي سيطر عليها “الحوثيون” تعود ملكيتها إلى رجل الأعمال الإسرائيلي رامي أونجر المقرب من الموساد.
وفي 22 نوفمبر، أعلنت القوات البحرية اليمنية أنها ستستمر في تنفيذ عملياتها العسكرية ضد السفن الإسرائيلية حتى يتوقف العدوان على غزة ويكف العدو عن جرائمه بحق الشعب الفلسطيني، مجددة التأكيد على أن عملياتها تستهدف السفن التي ترفع العلم الإسرائيلي أو تديرها شركات إسرائيلية أو يملكها أشخاص إسرائيليون، مطالبة من كافة السفن العابرة في البحر الأحمر ألا تبحر بالقرب من السفن الإسرائيلية وكذلك عدم إطفاء أجهزة التعارف.
وحذر البيان كافة الشركات والتجار من شحن بضائعهم ومصالحهم مع السفن الإسرائيلية أو التعامل معها، مؤكدا أن أي قطعة عسكرية تحمي السفن الإسرائيلية ستكون هدفا مشروعا لعمليات القوات البحرية اليمنية.
في 03 ديسمبر، أعلنت القوات المسلحة اليمنية عن استهدف سفينتين إسرائيليتين في باب المندب، يونِتي إكسبلورر” وسفينة ” نمبر ناين” بعد رفضهما الرسائل التحذيرية من القوات البحرية، موضحة أن استهداف السفينة الإسرائيلية الأولى تم بصاروخ بحري، فيما تم استهدف السفينة الثانية بطائرة مسيرة بحرية.
توسيع الحظر على كيان العدو
في 09 ديسمبر وسعت القوات المسلحة اليمنية، من دائرة الحصار البحري المفروض على كيان العدو معلنة منع مرور السفن المتجهة إلى الكيان الصهيوني من أي جنسية كانت، إذا لم يدخل لقطاع غزة حاجته من الغذاء والدواء، موضحة في بيان، متلفز، أن هذا القرار جاء نتيجة لاستمرار العدو الصهيوني في ارتكاب المجازر المروعة وحرب الإبادة الجماعية والحصار بحق إخواننا في غزة.
في 12 ديسمبر، أعلنت القوات المسلحة، في بيان، تنفيذ عملية عسكرية نوعية ضد سفينة “استريندا” تابعةٍ للنرويج كانت محملة بالنفط ومتجهةً إلى كيان العدو الصهيوني، “بصاروخ بحري مناسب”، وذلك بعد رفض طاقم السفينة لكافة النداءات والتحذيرات الموجهة لها، موضحة أنها خلالَ اليومينِ الماضيين من العملية في منعِ مرورِ عدةِ سُفُنِ استجابتْ لتحذيراتِ القواتِ البحريةِ اليمنيةِ ولم تلجأْ لاستهدافِ السفينةِ النرويجيةِ المحملةِ بالنفطِ إلا بعدَ رفضِ طاقمِها كافةَ النداءاتِ التحذيرية، مشددة على أنها “لن تترددَ في استهدافِ أي سفينةٍ تخالفُ ما وردَ في البياناتِ السابقة.
في 14 ديسمبر، أعلنت القوات المسلحة اليمنية عن تنفيذ عملية عسكرية ضد سفينة حاويات “ميرسيك جبرلاتر” كانت متجهة إلى الكيان الإسرائيلي، موضحة أن العملية نُفِّذَت بطائرة مسيرة، وكانت الإصابة مباشرة، مؤكدة أن عملية الاستهداف جاءت بعد رفض طاقم السفينة الاستجابة لنداءات القوات البحرية اليمنية.
وأوضح أن القوات المسلحة اليمنية نجحت في منع مرور عدة سفن كانت متجهة للكيان الإسرائيلي خلال ٤٨ ساعة الماضية، مجددة تأكيدها أنها ستواصل منع كافة السفن المتجهة إلى الموانئ الإسرائيلية من الملاحة في البحرين العربي والأحمر حتى إدخال ما يحتاجه إخواننا الصامدون في قطاع غزة من غذاء ودواء.
في 18 ديسمبر، أعلنت القوات المسلحة اليمنية تنفيذ عملية عسكرية نوعية ضد سفينتين الأولى تحمل باسم “سوان اتلانتك” محملة بالنفط والأخرى سفينة “إم إس سي كلارا” تحمل حاويات لهما ارتباط بالكيان الصهيوني، وقد تم استهدافهما بطائرتين بحريتين.
وجددت طمأنة كافة السفن المتجهة إلى كافة الموانئ حول العالم عدا الموانئ الإسرائيلية، منوهاً بأنه لن يصيبها أي ضرر وأن عليها الإبقاء على جهاز التعارف مفتوحاً، كما جددت التأكيد بأنها لن تتردد في استهداف أي سفينة تخالف ما ورد في بياناتها السابقة.
استمرار المعادلة اليمنية رغم التحالف الأمريكي
في 26 ديسمبر، القوات المسلحة تعلن استهدف سفينة تجارية متجه إلى كيان العدو، تحمل اسم (إم إس سي يونايتد MSC UNITED) بصواريخ بحرية مناسبة، موضحة عملية استهداف السفينة جاءت بعد رفض طاقمها ولثلاث مرات نداءات القوات البحرية، وكذلك الرسائل التحذيرية النارية المتكررة.
ولهذه العملية الأخيرة أهمية خاصة حيث أنها جاءت بعد تشكيل الولايات المتحدة الأمريكية تحالفها البحري لحماية سفن كيان العدو في 19 من ديسمبر، حاملة عدة رسائل منها أن القوات المسلحة اليمنية قادرة على الاستمرار في فرض الحصار على كيان العدو وفي المقابل عجز هذا التحالف في حماية سفن الكيان، “فلو كانت القوات اليمنية تقيم وزنا لقوات التي جاءت من خلف البحار، لكانت اختلفت المنظومة، لكن اليمن تعاملت وكأنه لا أحد سواها في البحر الأحمر” وواصلت عملياتها ضد سفن العدو.
من الواضح أن الجيش اليمني أعلن أسماء جميع السفن التي استهدفها في البحر، وهو ما يؤكد تركيز ودقة العمليات اليمنية وحصرها على السفن الصهيونية أو المرتبطة بكيان العدو، ويشار هنا إلى أن عمليات القوات البحرية اليمنية كانت متناسبة مع الحاجة، إذ أكدت في جميع بياناتها أن عمليات استهداف السفن جاءت بعد رفض السفن لتحذيرات ونداءات البحرية اليمنية، وكما بينت القوات المسلحة أن عملياتها “نصرة لغزة ضد السّفن الإسرائيلية أو المتجهة إلى موانئ فلسطين المحتلة حتى إدخال ما يحتاجه قطاع غزة من غذاء ودواء” ، وأنها ستتوقف حال رفع الحصار الصهيوني عن غزة.
وفي هذا الشأن يوضح الخبير العسكري أمين حطيط أن القوات المسلحة اليمنية التزمت استراتيجية “التحذير والإنذار ثم التأثير”، وأن اليمن يعترض فقط السفن المتجهة لـ”إسرائيل” أو الآتية منها، بينما يسهل الملاحة للآخرين، معتبرا ذلك تسفيها للاستراتيجية الأمريكية التي اتجهت لزعم أن اليمن يهدد الملاحة الدولية، فإذا باليمن بسلوكياته الإعلامية والميدانية والسياسية يؤكد أن اليمن حريص على حرية الملاحة الدولية وأن لا أحد يهدد هذه الملاحة، مضيفا أن اليمن قادر على توجيه الضربات للملاحة التي تخدم العدو الإسرائيلي، وبالتالي على الولايات المتحدة الأمريكية بدلا من أن تتجه إلى عسكرة البحر الأحمر وإغلاقه بوجه الملاحة الدولية كليا، أن ترضخ للطلبات اليمنية برفع الحصار عن قطاع غزة.
تقرير :محمد الحاضري