اليمن في مواجهة العدوان الصهيوني: إيمان راسخ ومواقف مشرفة
اليمن في مواجهة العدوان الصهيوني: إيمان راسخ ومواقف مشرفة
ألقى السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي، يوم الخميس الماضي، كلمة تناول فيها آخر المستجدات الأسبوعية، مسلطًا الضوء على العدوان الإسرائيلي المستمر على الشعب الفلسطيني، وما يرافقه من جرائم وحشية ضد المدنيين في قطاع غزة والضفة الغربية. كما تطرق إلى الموقف اليمني و تأثيره على الأعداء ضمن معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس وكذلك تناول مناسبة جمعة رجب، مبرزًا مكانتها التاريخية والدينية لشعب اليمن، ومشدّدًا على ضرورة استلهام العبر منها في مواجهة التحديات.
استمرار العدوان الإسرائيلي على فلسطين
في حديثه عن الوضع في فلسطين، أكد السيد القائد أن العدو الإسرائيلي لا يزال مستمراً في ارتكاب جرائم الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني، حيث تجاوزت المجازر الأربعة آلاف، ولا يتوقف عن ممارساته الوحشية، التي أدت إلى استشهاد وجرح مئات الفلسطينيين، وخاصة الأطفال والنساء. وفي هذا الأسبوع وحده، أقدم العدو على أكثر من عشرين مجزرة جديدة، ما أدى إلى سقوط أكثر من تسعمائة شهيد وجريح.
ومن أبرز جرائم العدو في هذه الفترة، جريمة تدمير مستشفى كمال عدوان، حيث دنس العدو هذا المكان الطبي، وأدى إلى إغلاقه بشكل نهائي بعد أن ارتكب اعتداءات وحشية على المرضى والممرضين، بل اقتادهم إلى أماكن مجهولة بعد أن جردهم من ملابسهم واعتدى عليهم جسديًا. هذا في الوقت الذي استمر فيه العدو بمحاصرته للمستشفى على مدار أسابيع، ومنع الإمدادات الطبية، وواصل القصف المتكرر باستخدام مختلف أنواع الأسلحة، بما في ذلك الطائرات المسيَّرة.
ويستمر العدو في استهداف الشعب الفلسطيني في كل مكان، سواء في خيام النزوح أو المباني السكنية، بل وحتى في الشوارع والمدارس، مستهدفًا الأطفال والنساء بوحشية. كما يستخدم سياسة التجويع كأداة للإبادة، حيث يقتصر وصول المساعدات الغذائية على كميات ضئيلة، معظمها مواد غير صالحة للاستخدام، بينما تتعرض تلك المساعدات نفسها للاستهداف من قبل العصابات العميلة، ما يعمق معاناة الشعب الفلسطيني.
فيما يعاني النازحون من البرد القارس والأمطار في خيام مدمرة، أُعلن عنها كمنطقة آمنة، لكنها تتحول إلى مناطق للموت بسبب السيول. كما يعاني العديد من الأطفال من وفيات بسبب البرد القارس، ومن بينهم حديثو الولادة الذين جلبهم القدر ليعيشوا تحت وطأة المعاناة منذ لحظة ولادتهم.
في السجون، يواصل العدو الإسرائيلي تعذيب الأسرى الفلسطينيين، في ظل غياب الرعاية الطبية، وارتكاب أبشع أنواع الظلم بحقهم، حيث تم الإعلان عن استشهاد خمسة أسرى من قطاع غزة هذا الأسبوع، وهو ما يضاف إلى قائمة طويلة من الشهداء في سجون الاحتلال.
وفي الضفة الغربية، تتواصل الاعتداءات الإسرائيلية من قتل واختطاف وتخريب، بينما تستمر السلطة الفلسطينية في حملاتها الأمنية ضد أبناء الشعب الفلسطيني، التي لا تستهدف إلا تخريب النسيج الفلسطيني وتدمير وحدته. لقد تورطت السلطة الفلسطينية في خدمة الأعداء، وكان من الأجدر بها أن تحمي أبناء شعبها من اعتداءات المستوطنين، بدلاً من أن تشارك في إزهاق أرواح الفلسطينيين.
وفي السياق ذاته، أشار السيد القائد إلى أن العدو الإسرائيلي يعمل على توسيع الاستيطان وضم الأراضي الفلسطينية بشكل تدريجي، في ظل دعم أمريكي مطلق، ما يثبت بشكل جلي أن إسرائيل لن تسمح بقيام دولة فلسطينية. رغم مرور أكثر من سبعين عامًا من الاحتلال، لم تشهد القضية الفلسطينية أي تقدم حقيقي في مسار المفاوضات، بل كانت غالبية القرارات الدولية مجرد حبر على ورق، نتيجة للفيتو الأمريكي الذي عطَّل كل محاولة لتحقيق العدالة.
وفي ظل هذه المعطيات، دعا السيد القائد إلى ضرورة تكثيف الجهود لوقف الاعتداءات الداخلية التي تشنها السلطة الفلسطينية ضد المقاومة الشعبية، مؤكداً على أن الخيار الوحيد لتحرير فلسطين هو الجهاد والمقاومة، وأن كل المحاولات السياسية والمفاوضات لم تجلب سوى السراب.
الأوضاع في لبنان
وفيما يخص لبنان أكد السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي أن العدو الإسرائيلي لا يزال مستمرًا في خروقاته واعتداءاته، وهو ما يعكس ضرورة وجود المقاومة كحاجز أمام أطماعه وعدوانه. وأشار السيد القائد إلى أن العدو يتقدم إلى قرى لم يتمكن من الوصول إليها خلال المواجهات السابقة، دون أي اكتراث للجيش اللبناني أو للاتفاقيات الدولية، أو حتى للجنة المشرفة على تنفيذ تلك الاتفاقيات.
وأضاف السيد القائد أن ما يقوم به العدو من أعمال عدوانية، تشمل تدمير القرى والمساكن، وتجريف المزارع والطرقات، يُظهِر مدى حقده ودناءته. وقال: “العدو الإسرائيلي لا يقاتل بشرف، بل يعتمد على أساليب عدوانية دنيئة تعكس طبيعته الطاغية والمستهترة بكل القيم الإنسانية والقوانين الدولية”.
وأكد السيد القائد أن هذه التصرفات العدوانية المتواصلة تُبرز بشكل أكبر أهمية المقاومة، التي تشكل السد المنيع أمام محاولات العدو لفرض سيطرته وعربدته في المنطقة.
التطورات في سوريا
وفي سياق التطورات في سوريا، لفت السيد القائد إلى أن العدو الإسرائيلي يواصل اعتداءاته، حيث تستهدف غاراته الجوية المواطنين السوريين بشكل مباشر، كما حدث في عدة غارات استهدفت الأهالي. وفي حين كانت اعتداءاته السابقة تركز على تدمير القدرات العسكرية السورية بالكامل، بدأ الآن بتوجيه ضرباته نحو المدنيين.
وأكد أن جرائم الاحتلال لا تقتصر على القصف، بل تشمل أيضًا قضم الأراضي، وارتكاب جرائم قتل بحق الأهالي، وطرد الموظفين الحكوميين من المناطق التي يحتلها. ويسعى العدو لتعزيز سيطرته على تلك الأراضي من خلال إجراءات قمعية ومهينة، منها تعطيل عمل المخابز وتفتيشها بذريعة البحث عن أسلحة، فضلًا عن محاولاته تجريد الشعب السوري من أي سلاح شخصي. هذا السلوك يعكس الإذلال الممنهج الذي يفرضه الاحتلال على أبناء الشعب السوري، بالإضافة إلى القيود الشديدة التي تحد من حركتهم داخل قراهم ومنازلهم.
مشيرا إلى تصريح أحد كبار مسؤولي العدو الإسرائيلي، وهو وزير الاتصالات، بأن “مستقبل أبواب القدس، التي تنير دربنا، هو أن نصل إلى أبواب دمشق”. هذا التصريح يكشف بوضوح الأطماع الإسرائيلية ضمن مشروعها الصهيوني، الذي يستهدف التوسع والسيطرة على المنطقة. ويدل على أن الصهاينة يعملون بشكل ممنهج على استغلال الأوضاع في العالم العربي لتفكيك الشعوب ودفعها إلى صراعات داخلية تحت مسميات مختلفة، بهدف تحقيق أهدافهم واستثمار نتائج تلك الفوضى لصالحهم.
الصمود الفلسطيني
كما قال السيد القائد عبد الملك الحوثي: “أمام كل هذه الغطرسة والعربدة الإسرائيلية، اليهودية، الصهيونية، نجد الصمود الفلسطيني هو الموقف الذي يعبر عن الموقف الصحيح، والاتجاه الصحيح المشروع، بالاعتبار الديني، بالاعتبار الإنساني، بالاعتبار القانوني… وغير ذلك، والذي يُجسد الأخلاق والقيم الإنسانية والإسلامية.
يستمر الشعب الفلسطيني ومجاهدوه الأعزاء في قطاع غزة في صمودهم، وفي التصدي للعدو الإسرائيلي، حيث نفَّذت كتائب القسام هذا الأسبوع أربعة عشر عملية متنوعة، منها: خمس عمليات استهداف لآليات العدو، وخمس عمليات لاستهداف قواته الراجلة والمتحصنة، وعملية قنص، وعملية استهداف لطائرة أباتشي، وعمليتي اقتحام لنقاط عسكرية. عمليات قوية، جريئة، وفدائية، في وقت يعاني فيه أبناء الشعب الفلسطيني والمجاهدون هناك من الحصار الشديد والمعاناة الكبيرة.
كما نفَّذت سرايا القدس عدداً من العمليات، كان من أبرزها عمليات بالقصف الصاروخي، منها ما كان باتجاه يافا المحتلة، ومناطق من المغتصبات في إطار مدينة القدس، وأيضاً باتجاه ما يسمى بغلاف غزة. هذا القصف الصاروخي بعد خمسة عشر شهراً من العدوان الإسرائيلي، ومن شمال قطاع غزة المدمر، هو رسالة قوية جداً تُعبِّر عن الصمود والثبات للشعب الفلسطيني ومجاهديه.
وهذا شاهدٌ واضحٌ على مدى التماسك والصمود للمجاهدين في قطاع غزة، وهو بمثابة رد قوي على أولئك الذين ينقدون الشعب الفلسطيني. للأسف، لم يتَّجه العرب بشكل جاد لدعم هذا النموذج الصامد في قطاع غزة، ولو بالحد الأدنى. بل إن المجاهدين في غزة مصنفون عند الكثير من الأنظمة العربية بأنهم إرهابيون، وهذا أمر مؤسف جداً. بدلاً من الدعم، يأتي التصنيف، بينما لا تجرؤ الأنظمة العربية على تصنيف العدو الإسرائيلي الذي ارتكب أفظع الجرائم.
القصف الصاروخي له دلالة مهمة، فهو شاهد على فشل العدو الإسرائيلي ويُمثل إنجازاً فعلياً للمجاهدين في غزة. هناك أيضاً عمليات أخرى فعّالة ومؤثرة نفذتها الفصائل المجاهدة الأخرى في غزة.”
المواقف الداعمة للقضية الفلسطينية
كما أشار السيد القائد عبد الملك الحوثي: “على مستوى التضامن مع الشعب الفلسطيني، يظهر أن التظاهرات هي الحد الأدنى مما يمكن أن تتحرك فيه بعض الشعوب والبلدان والجهات، ليكون لها صوتٌ يتضامن مع الشعب الفلسطيني، ويناصره، ويتضامن مع مظلوميته ومأساته الرهيبة، وأيضًا يندد بالعدوان الإسرائيلي، وبكل ما له صلة باستمرار هذا العدوان من دعمٍ وشراكةٍ أمريكية، وتواطؤٍ من بعض الدول والأنظمة، وكذلك تخاذلٍ في معظم العالم الإسلامي.
في هذا السياق، خرجت العديد من المظاهرات حول العالم، تعبيرًا عن هذا التضامن:
في باكستان، خرجت مظاهرة كبيرة.
وفي المغرب، خرجت مظاهرات وفعاليات متعددة.
وفي موريتانيا، كانت هناك مسيرة حاشدة في العاصمة شارك فيها الآلاف.
في تركيا، خرجت مظاهرة أمام قنصلية العدو الإسرائيلي.
وفي الأردن، نظمت تظاهرات حاشدة دعماً للشعبين الفلسطيني واليمني.
إضافة إلى مظاهرات في بلدان غير إسلامية مثل بريطانيا، أيرلندا، الولايات المتحدة، بلجيكا، فرنسا، ألمانيا، إيطاليا، السويد، كندا، النرويج، هولندا، إسبانيا، وأستراليا.
ومع ذلك، أضاف السيد القائد، لا يوجد إصغاء من قبل الأنظمة الغربية لهذه الأصوات الإنسانية التي تدين العدوان الإسرائيلي وتطالب بحقوق الشعب الفلسطيني، على الرغم من مرور خمسة عشر شهراً من التصعيد الإسرائيلي.
وفي سياق دعم الشعب الفلسطيني، تأتي ذكرى شهادة الحاج قاسم سليماني، والحاج أبو مهدي المهندس “رحمهما الله”، اللذين كان لهما دورٌ مميزٌ في نصرة الشعب الفلسطيني ودعم المجاهدين في فلسطين. حيث كان هناك تعاون كبير بينهما وبين الحركات الإسلامية المجاهدة في قطاع غزة وفلسطين، واهتمام بالغ من قبل الجمهورية الإسلامية في إيران في دعم القضية الفلسطينية، التي هي قضية إسلامية تعني الأمة الإسلامية جميعها.
وأكد السيد القائد على أن البعض يتحمل اللوم ويُنتقد عند اتخاذه مواقف إيجابية لصالح فلسطين، بينما يتخاذل البعض الآخر، يتواطأ مع الأعداء، ويتبنى منطقهم، ثم يحاول تقديم نفسه على أنه يمثل الموقف الإسلامي والعربي، وهو أمر مؤسف للغاية.
وأضاف قائلاً: “الجمهورية الإسلامية تمتلك موقفاً عدائياً شديداً ضد العدو الإسرائيلي، لأنها جزء من الأمة التي يعاديها هذا العدو، ويستهدفها، ولكن أيضًا لإسهامها الكبير في نصرة القضية الفلسطينية، ودعم المجاهدين في فلسطين ولبنان، وما تقوم به من مساندة للشعوب العربية والإسلامية في هذا الصراع.”
اليمن: دعم ثابت للفلسطينيين وعام كامل في المواجهة المباشرة مع ثلاثي الشر
في إطار الدعم اليمني المتواصل للشعب الفلسطيني ومجاهديه الأبطال في معركة “الفتح الموعود والجهاد المقدس”، أكد السيد عبد الملك الحوثي في كلماته الأخيرة أن اليمن تواصل دعمها للشعب الفلسطيني ومجاهديه في إطار المرحلة الخامسة من التصعيد، حيث شهد الأسبوع الماضي تنفيذ العديد من العمليات العسكرية الهامة :.
تم تنفيذ عمليات باستخدام صواريخ متطورة مثل صواريخ (فلسطين 2) الفرط صوتية وصاروخ (ذو الفقار) الباليستي، حيث استهدفت هذه الصواريخ مواقع استراتيجية تابعة للعدو الإسرائيلي في يافا المحتلة، بما في ذلك مطار [بن غوريون]، قاعدة [نيفاتيم] الجوية في صحراء النقب، ومحطة كهربائية جنوب القدس المحتلة، بالإضافة إلى مناطق أخرى.
كما كانت هناك عمليات بالطائرات المسيَّرة.
وعلى صعيد البحر، تم استهداف سفينة حاويات اخترقت الحظر المفروض على العدو الإسرائيلي، وذلك باستخدام طائرات مسيَّرة في البحر العربي.
وفي تطور لافت، تم استهداف حاملة الطائرات الأمريكية [ترومان] للمرة الثانية، بواسطة (أحد عشر صاروخًا مجنحًا وطائرة مسيَّرة)، بالتزامن مع التحضيرات الأمريكية لتنفيذ عملية عدوانية واسعة على بلادنا تشمل عدداً من المحافظات، وقد تحقق النجاح في إفشال هذه العملية وصدها، مما أجبر حاملة الطائرات والقطع البحرية المرافقة لها على الهروب إلى أقصى شمال البحر الأحمر.
بلغت العمليات في هذا الأسبوع 22 صاروخًا باليستيًا وفرط صوتيًا ومجنحًا، بالإضافة إلى الطائرات المسيَّرة.
كما نفذ الدفاع الجوي عملية ناجحة بإسقاط طائرتين أمريكيتين من طراز [MQ9] في محافظتي البيضاء ومأرب، ليصل عدد الطائرات الأمريكية التي تم إسقاطها إلى 14 طائرة من هذا النوع خلال مرحلة الإسناد.
تجسد هذه العمليات نوعًا من الردع الاستراتيجي والفعّالية الكبيرة التي تجسدها عمليات الإسناد اليمني المكثف، والتي فاجأت العدو الإسرائيلي الذي كان يأمل في محاصرة الشعب الفلسطيني في غزة. من الواضح أن هذه العمليات قد تركت أثرًا بالغًا على العدو، وهو ما أشار إليه مسؤولوه في تصريحاتهم وفي الإعلام الإسرائيلي، الذين لا يخفون تأثير هذه العمليات في تغيير مجريات الصراع.
- العدو يعترف (اليمن عدو معقد للغاية)
أشار السيد القائد إلى التصريحات الإسرائيلية التي تفيد بأن عمليات اليمن تسببت في جعل ملايين الإسرائيليين يفرون إلى الملاجئ كل ليلة، مشيراً إلى تأثير هذه العمليات في معنويات العدو الإسرائيلي، التي أدت إلى حالة من الذعر والخوف الشديد بين المغتصبين، ما يضعف قدرتهم على التصدي لمزيد من الهجمات.
كما أضاف السيد القائد بأن العدو يرى في اليمن “العدو المعقد للغاية”، ما يعد إشارة إيجابية لثبات وصمود الشعب اليمني في مواجهة التحديات، مؤكداً أن هذا التوصيف يعكس قوة وتماسك اليمن، الذي يعتمد في موقفه على الله وعلى ثقته بالإيمان والاعتماد على القوة الإيمانية التي لا يوقفها شيء: “إن هذه القوة تعود إلى إيمان شعبنا وثقته بالله، فالله كافٍ لعباده المؤمنين”.
وعن محاولات العدو لردع الشعب اليمني عبر الهجمات الجوية، أكد السيد القائد أن هذه المحاولات لن تؤثر في مواقفنا الراسخة، مشيراً إلى أن “الضربات التي يتلقاها شعبنا لن تثنيه عن مواصلة القتال ضد العدو الإسرائيلي، بل تزيده إصراراً وعزيمة”.
وتابع السيد القائد قائلاً: “إنه لا شيء يمنعنا من استمرار دعم المقاومة الفلسطينية، مهما كانت التضحيات، لأننا نشعر بالمسؤولية تجاه إخواننا في فلسطين، وهو ما يدفعنا إلى تقديم الدعم العسكري والعملي بلا توقف”.
أما بشأن قدرات اليمن العسكرية، فأكد السيد القائد أن هذه القدرات تتطور باستمرار، موضحاً أن “القدرات العسكرية اليمنية تتصاعد، وأن أنظمة الملاحة الصاروخية أصبحت أكثر تعقيداً وصعوبة على العدو الإسرائيلي من اعتراضها، ما يجعل محاولات إيقافنا أمراً صعباً”.
وأشار السيد القائد إلى الهجوم الإسرائيلي الأخير على اليمن، الذي شمل غارات جوية على عدة منشآت مدنية في العاصمة صنعاء ومحافظات أخرى، ما أسفر عن ارتقاء سبعة شهداء وسبعة وثلاثين جريحاً.
وبين السيد القائد أن هذه الغارات لن تزيدنا إلا صلابة في مواصلة الدفاع عن اليمن وفلسطين، مستمرين في مقاومة الاحتلال الإسرائيلي مهما كانت التحديات.
كما أشار السيد القائد إلى أن بداية شهر رجب، يمثل اكتمال عامٌ كامل على العدوان الأمريكي البريطاني على بلدنا، وقد بلغت عمليات القصف الجوي والبحري على بلدنا: (تسعمائة وواحدٍ وثلاثين غارةً وقصفاً بحرياً)، وعدد الشهداء: (مائة وستة شهيداً)، والمصابين: (ثلاثة مائة وأربعة عشر مصاباً).
- العدوان الأمريكي على اليمن
في كلمته، أكد السيد القائد على موقف الولايات المتحدة الأمريكية كشريك أساسي في العدوان الإسرائيلي ضد اليمن، الذي جاء بعد إعلان موقفنا الثابت في دعم الشعب الفلسطيني. فبينما سعى الأمريكي لتوفير الدعم الكامل للعدو الإسرائيلي، أراد أن ينفرد الأخير بالشعب الفلسطيني ويكمل مخططه الإبادي ضد قطاع غزة. لكن رغم كل هذه المحاولات، فشل الأمريكي فشلاً ذريعًا في التأثير على عملياتنا العسكرية سواء في البحر أو عبر الضغط على موقفنا العسكري والسياسي.
وأضاف السيد القائد أن الهجوم الأمريكي كان بداية لفرصة ثمينة لتطوير قدراتنا العسكرية، خاصة بعد استخدامه لقدرته العسكرية المتقدمة في محاولات الدفاع عن إسرائيل. هذا العدوان أتاح لنا فرصة لتطوير تقنياتنا العسكرية بشكل ملحوظ، وهو ما أسهم بشكل مباشر في تعزيز قدرتنا على مواجهة الأمريكي والإسرائيلي. مشيرًا إلى أن الفشل الأمريكي في التأثير على موقفنا ليس فقط في الميدان العسكري، بل في كافة الضغوط الاقتصادية والإعلامية، كان بمثابة انتصار لشعبنا العزيز، وبرهانًا على دعم الله تعالى ورعايته.
وتطرق السيد القائد إلى الجانب الإيماني الذي يميز الموقف اليمني. ففي الوقت الذي عجز فيه الأمريكي عن إجبارنا على التراجع، استندنا إلى مبدأ إيماني ثابت لا يتأثر بالمصالح السياسية أو الاقتصادية. وأوضح أن هذا الموقف القوي هو نتاج الثقة بالله تعالى، وما يتبعها من استعداد للتضحية في سبيله، ووعي بأهمية الموقف في سياق التحديات التي تواجه الأمة، خاصة في دعم القضية الفلسطينية.
وأشار السيد القائد إلى أهمية الموقف اليمني في تعزيز وحدة الأمة الإسلامية التي باتت في حالة من التفرقة والخذلان، وأن السكوت والخنوع لا يفضي إلى احترام من الأعداء، بل يعزز طمعهم وجرأتهم. في حين أن موقف اليمن، الذي يستند إلى إيمان قوي واستعداد للتضحية، يجعل منه نموذجًا يحتذى به في بناء القوة العسكرية والتعبئة الإيمانية، وهو ما يفرض احترامًا على مستوى العالم.
كما أكد السيد القائد أن اليمن، بفضل موقفه الثابت، يعيش حالة من التصاعد والتطور في كافة المجالات، وأنه لن يتراجع عن موقفه مهما كانت التحديات، موجهًا رسالة للأمة الإسلامية بضرورة التضامن والوقوف جنبًا إلى جنب في مواجهة الطغيان الأمريكي والإسرائيلي.
جمعة رجب: جذور الإيمان اليمني ومصدر العزة
و في كلمته سلط السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي الضوء على مناسبة جمعة رجب كمناسبة هامة تحتل مكانة خاصة في الوجدان اليمني، كونها محطة تاريخية ودينية فارقة تُذكّر بأحد أعظم التحولات في مسيرة هذا الشعب، وهي اعتناق اليمنيين الإسلام طواعية وقناعة.
أهمية هذه المناسبة، تأتي من قيمتها التاريخية والدينية، وما تحمله من دروس عميقة يجب أن تُستلهم في واقعنا الراهن.
وأشار السيد القائد إلى أن جمعة رجب ليست مجرد ذكرى دينية، بل هي محطة تبرز الروح الإيمانية الأصيلة التي تميز بها اليمنيون منذ دخولهم الإسلام. وقال: “جمعة رجب هي من المناسبات التاريخية الخالدة لشعبنا اليمني، حيث تعكس ارتباطه العميق بالدين الإسلامي، وقناعته التامة بهذا الدين العظيم منذ اللحظة الأولى”.
وأضاف أن الشعب اليمني تميز عبر التاريخ بإيمانه العميق الذي انعكس في مواقفه وسلوكياته، مشيرًا إلى الحديث النبوي الشريف: “الإيمان يمانٍ، والحكمة يمانية”.
العبر والدروس المستمدة من مناسبة جمعة رجب
أكد السيد القائد إلى أن هذه المناسبة تحمل الكثير من العبر التي يجب أن تكون حاضرة في وجدان الشعب اليمني في كل الأوقات. ومن أهم هذه العبر:
- الارتباط بالإيمان كمصدر للقوة: أوضح السيد القائد أن الإيمان ليس مجرد معتقد، بل هو أساس القوة التي يجب أن يعتمد عليها الشعب اليمني في مواجهة التحديات.
- التحرر من حسابات المصلحة والخوف: استذكر السيد القائد كيف أن اليمنيين في صدر الإسلام تحرروا من الخوف والمصلحة الشخصية عندما استجابوا لدعوة النبي محمد (صلى الله عليه و و على آله)، قائلًا: “الشعب اليمني اتخذ قراره بدخول الإسلام طواعية، دون مساومات أو اشتراطات كما فعلت بعض القبائل الأخرى”.
جمعة رجب والصمود في وجه العدوان
ربط السيد القائد بين هذه المناسبة التاريخية والصمود اليمني الراهن في وجه التحديات. وقال: “إننا في اليمن نستلهم من جمعة رجب قيم الثبات والعزة والكرامة، وهي القيم ذاتها التي تدفعنا اليوم لنصرة قضايانا العادلة وعلى رأسها القضية الفلسطينية”.
وشدد على أن الانتماء الإيماني الذي تعزز في جمعة رجب هو ما يحرك الشعب اليمني للدفاع عن حقوقه ومواجهة الطغاة، قائلًا: “الإيمان الذي ترسخ في القلوب هو أساس المواقف الشجاعة التي يعبّر عنها اليمنيون اليوم في مختلف الميادين”.
إن جمعة رجب ليست مجرد ذكرى عابرة، بل هي رمز للانتماء الإيماني العميق للشعب اليمني، ومصدر إلهام يُستمد منه العزة والكرامة. وكما كانت محطة البداية للإيمان اليمني، فهي اليوم منارة تدعو إلى الثبات والصمود في وجه الطغيان والعدوان. ومن خلال إحياء هذه المناسبة، يجدد الشعب اليمني العهد بمواصلة طريق الإيمان، والتمسك بالمبادئ التي جعلت منه نموذجًا للعزة والشموخ على مر التاريخ..
في الختام يؤكد السيد عبد الملك الحوثي في مجمل كلمته أن العدوان الإسرائيلي على فلسطين ليس مجرد صراع سياسي، بل هو معركة بين الحق والباطل، بين الإيمان والطغيان. وفي ظل تواطؤ العالم، يبقى دور المقاومة والشعوب الحرة هو السبيل الوحيد لتحقيق النصر وإعادة الحقوق المسلوبة.
مؤكدا على أن المقاومة والصمود هما السبيل الوحيد لتحرير فلسطين، قائلاً: “لن يتحقق العدل في هذه الأرض إلا بتضحيات المؤمنين وصمودهم أمام الطغيان، وهذه مسؤولية دينية وأخلاقية يجب أن نتحملها جميعًا”
واشار السيد القائد إلى أن اليمن، بمواقفه وثباته، يقدم نموذجًا فريدًا يُحتذى به، ويؤكد أن الصمود والاعتماد على الله هما أساس أي مواجهة مع قوى الظلم والاستكبار.