اليمن في عامه التاسع من الصمود بوجه العدوان.. كل الاحتمالات ضد الغرب واردة
بعد تسعة أعوام من العدوان والحصار، فاجأ اليمن العالم بقدرات عسكرية نوعية برزت خلال معركة المواجهة مع الكيان الصهيوني والعمليات البحرية اليمنية التي تستهدف السفن المرتبطة بـ”إسرائيل” والسفن الأميركية والبريطانية بدءًا من البحرين الأحمر العربي وخليج عدن وصولًا إلى المحيط الهندي، ورأس الرجاء الصالح، ليصبح اليمن اليوم حديث العالم الذي وقف مذهولًا من خروج اليمن بعد هذه السنوات من العدوان والحصار بهذه القدرات العسكرية التي مكَّنته من ضرب عمق الكيان الصهيوني، والدخول في مواجهة بحرية مباشرة مع أميركا دعمًا وإسنادًا للشعب الفلسطيني وغزة التي تتعرض لعدوان وحصار إسرائيلي بدعم أمريكي منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر الماضي.
ولم يكن اليمن ليصل إلى هذه المرحلة لولا التطوير المستمر لقدراته العسكرية التي فرضتها ظروف المعركة مع تحالف العدوان الأميركي السعودي التي كانت تتطلب منه أن يكون عند مستوى هذه المعركة في قدراته العسكرية ليتمكن من تغيير موازين المعركة لصالحه.
وفي حديث لموقع “العهد” الإخباري بمناسبة الذكرى السنوية التاسعة للعدوان الأميركي السعودي على اليمن، أكَّد رئيس لجنة المتحدثين العسكريين في اليمن العقيد مجيب شمسان أنَّ التصعيد على الجبهة اليمنية إلى حد الآن يأخذ مساره في الجانب البحري وذلك ضمن استراتيجية قيادة العمليات ضد التحالف الأميركي البريطاني الصهيوني حتى منذ بداية العدوان على اليمن.
واعتبر أنَّ القوات المسلحة اليمنية لا ترمي أوراقها مرة واحدة، بل توظف الأوراق إلى أقصى درجة، الأمر الذي جعلها تحقق نجاحًا عسكريا غير مسبوق، وبالتالي فإن إدارة العمليات من قبل الشخصيات القيادية من قائد حركة أنصار الله السيد عبد الملك الحوثي وصولًا إلى وزير الدفاع والقادة العسكريين تجلَّت في نتائجها على الميدان بنجاح وانتصارات على المستوى الذي لم يكن في الحسبان.
وأضاف: “توظيف عناصر القوة واعتماد استراتيجية محنكة يمزج ما بين الصبر الاستراتيجي والذكاء التكتيكي، بمعنى أنك تقارب ما بين الإمكانات والوسائل والأهداف التي تريد الوصول إليها، ولذلك ما يمكن أن يُقرأ في ضوء هذه المعطيات في تعاملنا مع الأميركي والبريطاني والكيان الصهيوني من عمليات هو أن التصعيد سيستمر في الجانب البحري إلى أقصى نقطة يمكن أن تصل إليها صواريخنا وطائراتنا المسيّرة ووسائلنا الأخرى”.
وأشار شمسان إلى أنَّ القوات المسلحة ستنتقل من التقدم في النوع والمدى إلى التقدم في الفاعلية والتأثير، كما جرى الانتقال في الضرب على البريطاني إلى إغراق سفينته، ستنتقل بعد ذلك عملية الإغراق إلى ما يخص السفن الأميركية والصهيونية، فالوسائل الأخرى التي إلى الآن ربما لم تستخدم، مثل الغواصات المسيّرة والطوربيدات التي هي كابوس بالنسبة للأميركي ولبوارجه وقطعه البحرية سيكون هناك تفعيل لها، وسيكون هناك تشتيت لقدرات الأميركي والبريطاني والكيان الصهيوني في هذا المسرح الواسع الممتد من البحر الأحمر إلى البحر العربي إلى خليج عدن إلى المحيط الهادئ”.
وشدد على أنَّ كل الاحتمالات واردة في ما يتعلق بتلك الأسلحة البحرية، سواء من حيث المدى أو القوة التدميرية، والأميركي بات يعترف بتلك القدرات المتعلقة بالتأثير والمدى والدقة والمناورة الإلكترونية وتجاوز المنظومة الدفاعية، فكل ذلك جرى العمل عليه وتطويره، وتجربته على أرض الواقع ما يجعل كل الاحتمالات واردة.
وبيّن أنَّ إحدى المُدمرات البريطانية أُصيبت بضررٍ بالغٍ في إحدى العمليات البحرية، وجرى نقلها إلى مضيق جبل طارق لإصلاحها بعيدًا عن الأنظار أو الرأي العام الذي يمكن أن يبدأ بوضع علامات الاستفهام حول ما تعرضت له أقوى قوة بحرية في العالم من مآسٍ في البحر الأحمر وباب المندب في التعامل مع بحرية لا تزال في طور النشأة، بل وتم إعادة بنائها في ظرف الحرب والحصار والإمكانات المحدودة.
وقال رئيس لجنة المتحدثين العسكريين إنَّ “أميركا وبريطانيا وكل الغرب الإمبريالي، لم يتعرَّض لهزة فقط، بل تعرَّض لصفعة مُدوِّية أسقطت ما تبقى من هيبته في المنطقة. نحن نتحدث عن أقوى قوتين بحريتين في العالم، جلبتا أساطيلهما وبوارجهما ومدمراتهما التي لم تجلباها ولم تحشدا مثلها في حرب الخليج الأولى والثانية، وجاءتا بها لردع اليمنيين”.
وتابع: “هذه التجربة اليمنية التي جاؤوا لردعها تم تدميرها من قبل الأميركي والبريطاني منذ بداية الألفية، وحرصوا على ألا يكون هناك قوات بحرية يمنية أصلًا، وبعد ذلك جاء العدوان ليقضي على ما تبقى من تلك الإمكانات التي لم تكن لتذكر”، لافتًا إلى أنَّه أُعيد بناء تلك القدرات والإمكانات في ظرف سنوات محدودة وبإمكانات محدودة رغم الحرب والحصار، لتصل اليوم إلى أن تقارع أقوى قوتين بحريتين في العالم.
وبحسب العقيد شمسان، فإن اليمن اليوم يخوض لأول مرة معركة بحرية بهذا المستوى، بل هي المعركة الأولى بالنسبة للأميركي والبريطاني التي تواجههما في البحر الأحمر وفي أعالي البحار وفي أهم نقطة في أعالي البحار، وتتعرضان فيها لمثل هذه الصفعة المدوية. لذا فإن الرسائل اليوم لا تُقرأ فقط بأن صنعاء حققت أهدافها في ما يتعلق بالسفن الصهيونية والأمريكية والبريطانية، بل إن الرسائل التي باتت تُخشى اليوم من الأميركي ومن الغرب الإمبريالي بشكل عام هي أنَّ اليمن عاد إلى الواجهة كقوة وازنة على المستويين الإقليمي والدولي، وذلك لأن العنصر الأساسي في قوة أي دولة هو القوة البحرية، وطالما أنَّ القوة البحرية اليمنية استطاعت أن تجبر الأميركي والبريطاني والكيان الصهيوني ومعهم الغرب على القبول بالأمر الواقع، وأن تحقق أهدافها، وأن تُفشل أهداف الغرب الإمبريالي بشكل عام، فهذا يعني أن من يمسك بزمام المبادرة هو صنعاء.
وأضاف: “بحكم هذا الموقع الاستراتيجي الفعَّال فإن اليمن سينتقل بذلك إلى الوزن الإقليمي والدولي، وهذا ما يخشاه الغرب، لأن اليمن عبر التاريخ متى ما وجد القيادة التي تستطيع أن توازن بين القوة والثروة فإنها تغدو ذات وزن دولي، نظرًا لأهمية موقعها الاستراتيجي الحساس، والمتمثل بمضيق باب المندب الذي يشرف على التحركات البحرية كافة، والذي يوصف بأنه القلب الاستراتيجي للعالم، حيث كل المضائق تتحرك إليه”.
وفي كلمة أخيرة لموقعنا، شدَّد على أنَّ إغلاق الطريق في المحيط الهندي المتجه نحو رأس الرجاء الصالح سيتصاعد ضمن خطوات، وكل خطوة باتت محسوبة ومدروسة على مستوى المدى والقوة والتأثير والقدرة التدميرية، وبالتالي هذا التهديد لم يطلق إلا وقد أعدت له العدة بما يضمن تحقيقه بشكل كامل على أرض الواقع.