اليمن في زمن الكوليرا السعودي..
عين الحقيقة / المنار / ذوالفقار ضاهر
تتزايد بشكل مخيف الارقام الواردة من اليمن حول وباء الكوليرا وسرعة انتشاره وأعداد المهددين بالاصابة به، من دون القدرة حاليا او في المستقبل المنظور على التحرك لوقف هذا الخطر المنتشر او الحد من امكانية انتقاله عبر الاشخاص في ظل العدوان السعودي الاميركي على اليمن والحصار الذي تفرضه قوى العدوان على البلاد برا وبحرا وجوا، ما تسبب بنقص كبير في المواد الطبية اللازمة والضرورية للوقاية من الامراض المختلفة او العلاج منها في حال وقوعها.
وترتفع الاصوات اليمنية والدولية لا سيما من بعض المنظمات الانسانية والصحية بضرورة التدخل الفوري كي لا نصبح امام كارثة غير قابلة للمواجهة في اليمن، في ظل التزايد المخيف في اعداد المصابين او المهددين بالكوليرا، وفي هذا الشأن قال المتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان دو جاريك “أبلغنا زملاؤنا في الیمن أن ما یقدر بنحو 7.6 ملیون شخص یعیشون في المناطق المعرضة لخطر انتقال الكولیرا”، وأضاف “يؤدي عدم كفاية البنية التحتية للصرف الصحي بجانب النزوح وأماكن الإيواء والمستوطنات المكتظة إلى زيادة خطر انتقال الكوليرا من شخص إلى آخر”.
اجتياح الكوليرا.. ماذا عن الانظمة العربية؟
واشارت “اللجنة الدولية للصليب الأحمر” الى أن “180 شخصا على الأقل قتلوا جراء الإسهال الحاد منذ 27 أبريل/نيسان وأن هناك 11 ألف حالة أخرى يشتبه في إصابتها بالكوليرا في أنحاء اليمن”، وبينما حذرت منظمات اخرى ان “أعداد المصابين بالكوليرا ستشهد تزايدا خلال الأسابيع والأشهر المقبلة وأن انتشار المرض سيتواصل ليبلغ مناطق جديدة في ظل انهيار النظام الصحي”.
يذكر ان وباء الكوليرا يجتاح المحافظات اليمنية منذ ما يقارب أسبوعين، علما انه منذ حوالي الثلاثة اشهر انتشرت موجة من الكوليرا لكن سرعان ما انحسرت، وقد اعلنت “وزارة الصحة اليمنية” العامة الأحد 14-5-2017 حالة الطوارئ في العاصمة اليمنية صنعاء، واعتبرت انها مدينة “منكوبة” بسبب انتشار وباء الكوليرا فيها.
ولكن من يتحمل المسؤولية حول انتشار هذا الوباء المميت في اليمن؟ هل تتحمل قوى العدوان هذه المسؤولية بشكل منفرد ام ان هناك من يشاركها في ذلك؟ أين المنظمات الدولية الانسانية والحقوقية وأين الامم المتحدة ومجلس الامن وجامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الاسلامي من كل ذلك؟ أليس من الواجب القانوني والاخلاقي والديني ان تتحرك هذه الجهات؟ وهل فقط القصف والحصار من تسبب بانتشار الكوليرا ام ان هناك ممارسات معينة قامت بها قوى العدوان لزيادة انتشار هذا الوباء؟
وأين دول العالم التي تتغنى بحقوق الانسان والديمقراطية والحريات؟ هل سمعت هذه الدول بما يجري من قتل بطيء للشعب اليمني بالتوازي مع القتل السريع والعشوائي عبر قصف الطائرات والمدافع وغيرها من الاسلحة الاوتوماتيكية الحربية الفتاكة؟ أين الدول الصناعية الكبرى التي تبيع السلاح للسعودية والامارات وغيرها من دول العدوان؟ أليس لدى هذه الدول الصناعية ادوية وعلاجات مصنعة كي تبيعها لعلاج اليمنيين المرضى والمهددين بالموت المحتم في كل لحظة؟ وكيف يمكن مساعدة الشعب اليمني في ظل كل هذا التواطؤ الغربي والعربي الرسمي وربما الشعبي احيانا؟ ومن الذي سيحمي هذا الشعب امام آلة القتل المستمرة منذ اكثر من سنتين؟ وبعد ايام ستعقد “قمة” في السعودية تجمع زعماء عرب ومسلمين مع الرئيس الاميركي دونالد ترامب فهل ستحضر مآسي اليمن في هذه القمة؟
محلل يمني: احتمال استخدام العدوان لسلاح بيولوجي
حول كل ذلك، قال الاعلامي والمحلل السياسي اليمني علي الجاحز إن “هذا الوباء اصبح اليوم حديث الناس وينتشر بكثرة في مختلف المحافظات اليمنية في الجنوب كما في الشمال وفي المدن اكثر من الارياف”، ولفت الى ان “هناك احتمالات وتحليلات تتحدث عن امكانية استخدام قوى العدوان لسلاح بيولوجي خاصة ان الوباء ظهر في بعض الاماكن كالآبار الارتوازية ومكان وجود المياه في عدة محافظات”، وأوضح ان “وزارة الصحة اليمنية تُجري اليوم التحقيقات والفحوصات المخبرية اللازمة للكشف عن الاسباب الحقيقية لانتشار الوباء”، مشيرا الى ان “هناك مطالبات شعبية للسير بمثل هذا التوجه”.
ولفت الجاحز في حديث خاص لموقع “قناة المنار” الى انه “قبل فترة تزيد عن الشهر ونصف سُرقت مواد وعينات بكتيريا من مراكز تحليل ومختبرات في احد مستشفيات تعز حيث كانت تقام عليها بعض الفحوصات والتحاليل، ويمكن الربط بين سرقة هذه العينات وما يجري اليوم من انتشار للكوليرا”، ورأى انه “ربما قد استخدمت هذه العينات والبكتيريا المسروقة بقصف معين من الطائرات التابعة للعدوان او عبر إلقائها من الطائرات بطريقة خاصة في اماكن محددة”، وتابع انه “في الفترة الماضية كان يسجل تحليقا مكثفا للطائرات في سماء صنعاء وغيرها من المحافظات اليمنية بدون اي قصف مباشر او واضح”، واكد “نحن لا نستبعد اي شيء من قبل قوى العدوان خاصة انه سبق ان استخدمت الاسلحة البيولوجية وجربت انواع مختلفة من الاسلحة والقذائف”، مذكرا “بحصول ولادات كثيرة تشوبها تشوهات خلقية بالغة بسبب هذا النوع من القصف والاسلحة المستخدمة”.
وقال الجاحز إن “هناك حملات توعية على مستوى واسع في محاولة لتفادي الاصابة بوباء الكوليرا والوقاية منه بالاضافة الى جهود محلية لمنع انتشاره والعمل على مكافحته بالسبل المتاحة”، وتابع “إلا ان الجميع يعرف ظروف اليمن فهو محاصر ويعاني نقصا شديدا في الامكانات الصحية والادوية ما يؤدي الى تزايد مستمر في عدد الاصابات”، ولفت الى انه “قبل ايام قليلة كان عدد المصابين 8000 واليوم وصل العدد الى 14000 حالة ومن المتوقع ان تصل في نهاية الاسبوع الى 20000 حالة”، واضاف “ربما الشعب كله معرض لأن هذا الوباء من الاوبئة المعدية وسريع الانتقال والانتشار”.
وحول مواقف الحكومة التابعة للرياض من انتشار الكوليرا، قال الجاحز إن “هذه الحكومة التي اعتبرت ان الاعلان عن الوباء في اليمن غير شرعي تؤكد انها لا تعرف ولا تعاني ما يعانيه الشعب اليمني وان السياسييين التابعين للسعودية لا يعيشون حقيقة ما يعيشه شعب اليمن من مأساة وبالتالي هم لا يدركون الخطورة التي يمر بها اليوم هذا الشعب”، واصفا مواقف هذه الحكومة من الكوليرا “بالمضحكة والسخيفة”.
النظام العالمي بأكمله داخل دائرة الشبهة..
وبالنسبة لدور المنظمات الدولية، قال الجاحز إن “هذه المنظمات لم تبذل اي جهد في سبيل مكافحة هذا الوباء وكلام ممثل الامم المتحدة الاخير يؤكد ذلك”، ولفت الى ان “المدنيين اصبحت لديهم قناعة ان العالم كله متواطئ والنظام العالمي كله بما فيها الامم المتحدة والمنظمات الدولية وحتى غير الحكومية كلها دخلت في دائرة الشبهة لانها لا تتحرك خاصة بخصوص مسائل خطيرة كالكوليرا او المجاعة في اليمن”، وتابع ان “ما يجري في بعض الدول تقوم الدنيا من اجله ولا تقعد رغم عدم صحته او بالحد الادنى عدم ثبوت حصوله”، سائلا “أين هذا العالم وهذه الدول والمنظمات من كل ما يجري اليوم في اليمن من جرائم بحق الانسانية؟”.
وفيما يتعلق بزيارة الرئيس الاميركي دونالد ترامب الى السعودية وعلاقتها بما يجري في اليمن، قال الجاحز إن “قوى العدوان استخدمت في السابق كل الاساليب المتاحة لتحقيق انتصار لها في اليمن من دون جدوى وهم يمنّون أنفسهم بالخروج من المأزق الذي أدخلوا أنفسهم به في اليمن وما يحصدونه من فشل ذريع هناك”، واعتبر ان “الاستنفار الدولي الى المنطقة سببه الفشل في اليمن نتيجة صمود الشعب اليمني غير المألوف وهذا الاستنفار سيتوج بزيارة ترامب الى السعودية ومن ثم الى اسرائيل”، واشار الى ان “هذه الزيارة ستهدف الى إحداث تغييرات في المنظومة العدوانية او تغييرات في منظومة التحالفات او الادوات او الخطاب او اشكال هذه الادوات”، ورأى ان “أداء الادوات بعد زيارة ترامب سوف يتغير باتجاه اليمن وسوريا والعراق”، ولفت الى ان “كل ذلك سببه بشكل مباشر واساسي صمود شعوب المنطقة وعلى رأسها الشعب اليمني المحاصر منذ ما يزيد عن السنتين”، منوها “بالصمود الاسطوري لهذا الشعب الذي تتآمر عليه كل هذه الجهات وهو لا يملك الا الدعم من رب العالمين”.