بدأت صنعاء والرياض مفاوضات في مسقط، يرعاها الجانب العُماني، في مسعى للتوصّل إلى اتفاق يَنتج منه تمديد الهدنة في اليمن وتوسيع نطاقها. وفي هذا الإطار، كشفت مصادر في «أنصار الله»، لـ«الأخبار»، أن الجانب السعودي أرسل، قبل أيام، وفداً رفيع المستوى إلى العاصمة العُمانية لإجراء مباحثات حول التمديد، مشيرة إلى أن عملية التفاوض تَجري بين الرياض وصنعاء عبر الوسيط العُماني الذي تُعوّل عليه المملكة لجهة إحداث اختراق جديد يُبقِي التهدئة سارية. ولفتت المصادر إلى أن المملكة حاولت، في الآونة الأخيرة، فتح خطوط تواصل مباشرة مع «أنصار الله»، إلا أن الحركة رفضت ذلك لِما يعنيه من تصوير السعودية نفسها كوسيط سلام.
ومع عودة المبعوثَين الأممي هانس غروندبرغ، والأميركي تيم ليندركينغ، إلى المنطقة لاستكمال المباحثات الخاصة بالهدنة مع كل من الرياض وأبو ظبي ومسقط، اتهمت وسائل إعلام تابعة للحكومة الموالية لـ«التحالف»، غروندبرغ، بممارسة أقصى الضغوط على «المجلس الرئاسي» للقبول بشرط صنعاء الخاص بصرف رواتب منتسبي وزارتَي الداخلية والدفاع وفق كشوفات عام 2014. وجاء ذلك في ظلّ الحديث عن قيام الأمم المتحدة بإدخال تعديلات جديدة على المقترح السابق الخاص بدفع المعاشات، تضمّنت، وفق مصادر، آلية للصرف وضمانات باستمراريّته، لكن موقف «الرئاسي» إلى الآن لا يزال يعاكس التفاهم بهذا الخصوص. ومن هنا، اتهم ناشطون سياسيون وديبلوماسيون يمنيون موالون لـ«التحالف»، «الرئاسي»، بـ«التعاطي غير المسؤول» مع مطالب صرف رواتب شريحة واسعة من المجتمع اليمني، عادّين مستحقات العسكريين القُدامى «قضيّة إنسانية قبل أن تكون حقوقية لا تقبل التسييس»، كما لفتوا إلى أن المجلس يصرف معاشات مئات الآلاف من عناصر الميليشيات التابعة لـ«التحالف» من المال العام، على حساب موظّفي الدولة الأساسيين.
من جهتها، أكدت مصادر مقرّبة من الحكومة الموالية لـ»التحالف»، لـ«الأخبار»، أن رواتب العسكريين وآلية صرفها ونوع العملة التي سيتمّ الصرف على أساسها والضمانات الكفيلة باستمرار هذه العملية، لا تزال حتى الآن محلّ خلاف رئيسي، في حين تُشدِّد صنعاء على دفع معاشات جميع الموظفين، وبالعملة التي يباع على أساسها الخام (أي الدولار)، إلى جانب مطالبتها بضمانات تكفل مواصلة الصرف من دون توقُّف، على أن يتمّ الاتفاق على آليه مرنة تفضي إلى دفْع المتأخرات المستحَقّة للموظفين، والبالغة – وفق التقديرات – نحو أربعة مليارات دولار. وفي محاولة لتخفيف الضغط الخارجي على «المجلس الرئاسي» والحكومة التابعة له، تقود وزارة الخارجية في الأخيرة حملة تستهدف الدفاع عن موقفها الرافض لمطالب «أنصار الله».
حاولت السعودية، في الآونة الأخيرة، فتح خطوط تواصل مباشرة مع صنعاء وفي هذا الصدد، قالت مصادر ديبلوماسية، لـ«الأخبار»، إن السفراء التابعين لتلك الحكومة تلقّوا توجيهات بالحديث عن أن «الحوثيين يستغلّون الضغوط الدولية التي تواجهها لفرض رواتب لمقاتليهم، وأن قبولها بهذه المطالب سيطيل من أمد الحرب». ووفقاً لهذه المصادر، فإن لقاء سفير الحكومة التابعة لـ«التحالف» في موسكو، الاثنين الماضي، بمبعوث الرئيس الروسي إلى الشرق الأوسط وأفريقيا، نائب وزير الخارجية ميخائيل بوغدانوف، جاء في السياق المذكور، بعدما قادت موسكو، الأسبوع الماضي، وساطة غير معلَنة بين صنعاء والرياض أدّت إلى منع التصعيد. ولفتت المصادر إلى أن الوساطة الروسية لدى صنعاء جاءت بناءً على طلب سعودي، إذ طلبت موسكو من «أنصار الله» منْح المفاوضات مهلة إضافية للتوصّل إلى اتفاق في شأن النقاط الخلافية، في حين جدّدت روسيا، هذا الأسبوع، تأييدها الجهود الأممية الهادفة إلى إحلال السلام في اليمن.
في هذا الوقت، فإن السعودية التي لجأت، منذ انتهاء صلاحية الهدنة مطلع الشهر الجاري، إلى جهات عديدة للتوسّط لدى صنعاء، مِن مِثل العراق وإيران وألمانيا وغيرها من الدول، لمنْع التصعيد ومواصلة المفاوضات، لمّحت، خلال لقاء جمع مسؤول الملفّ اليمني في الديوان الملكي، وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان، إلى رئيس «المجلس الرئاسي» المقيم في الرياض، رشاد العليمي، فجر الثلاثاء، إلى إمكانية اللجوء إلى القوّة وتحريك بعض الجبهات – وبخاصة جبهة الجوف -، وتالياً عودة الوضع إلى ما كان عليه قبل الثاني من نيسان الفائت، في ما لو فشلت مفاوضات تمديد الهدنة، وفق ما أفادت به مصادر مقرّبة من «الرئاسي».
جريدة الأخبار