اليمن بين احتلالين ..!!
عين الحقيقة/ حمير العزكي
مرت الخمسون عاما الأولى الشاهدة على رحيل اخر جندي بريطاني محتل من ثرى هذا الوطن ومر نصف القرن الأول على أصيل اليوم الذي شهد على إنزال علم الإحتلال وتلاشي ظلال سيطرته وتمزق نعال عمالته ، اليوم تمت العقود الخمسة على الاستقلال الأول في الثلاثين من نوفمبر ، بفضل الله ونضال الرجال الأبطال ، وتضحيات الأنفس الحرة والهامات الشامخة ، التي تعهدت بالكفاح المسلح ان تطهر الاوطان من رجس المحتل وخبث عملائه وعاهدت الأرض الا تنبت إلا الكرامة والبحر ألا يموجإلا بالعزة والسماء ألا تمطر إلا بالإباء ، وأن تشمخ الجبال كلما ارتوت بدماء الشهداء .
اليوم وجب الاحتفال باليوبيل الذهبي لعيد الجلاء بالذكرى التي نادرا ما تسنح الفرصة لإنسان أن يحتفل بها لأكثر من مرة حسب معدلات الاعمار الطبيعية ، احتفال بذكرى لم تنل للأسف حقها من الإحتفاء والفعاليات والمهرجانات رغم تنبيه السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي حفظه الله الى ضرورة الاهتمام بتاريخ فترة الاحتلال البريطاني تلافيا لما حدث في الماضي وذلك بقوله : ” هناك تقصير كبير في المناهج التعليمية والنشاط الإعلامي حول حقبة الاحتلال البريطاني لعدن والمحافظات الجنوبية ” وحسب قوله فإن هذا التقصير تسبب فيما يحدث اليوم امام الاحتلال الجديد فيقول : “ما يحدث اليوم من حالة استقطاب لمصلحة المحتلين الجدد كان نتاج لتقصير ثقافي وإعلامي خلال المرحلة الماضية ” ولكن المعنيون لم يتلقفوا تلك الرسالة بإهتمام بالغ كما يجب ولم يتم التعاطي مع الموضوع كما يستحق وكما ينبغي فعلا.
بين احتلالين قديم وجديد تقف اليوم المحافظات الجنوبية شامخة رغم انحناء مترفيها وأبية رغم هوان اكابر مجرميها ، تتكرر المشاهد وتتطابق المواقف ويتعاظم الإذلال والاستعباد وتتفاقم المعاناة والألم ، العملاء ذاتهم مهما اختلفت الاسماء والصفات والوجوه الكالحة ، ومهما اختلفت مكانة المحتل بين دولة عظمى ودولة على هامش القوى واختلفت اهداف المحتل بين باحث عن مصالحه وباحث عن مصالح غيره من أسياده واختلفت مبرراته من حماية المصالح الاستراتيجية أو حماية الأمن القومي .
بعد خمسين عاما على تعفن ” الليوي ” الجيش المنشئ برعاية بريطانية في مزبلة التاريخ وتحلل أدواته خزيا وعارا في قعر الخيانة تظهر تشكيلات جديدة مشابهة تهتف بحياة المحتل وتسبح بحمد دراهمه وريالاته وتخدم أحذية جنوده ، قوات النخبة وقوات الحزام الأمني ،كما ينوب عن عمالة السلاطين أمراء حرب مهانين وعلماء ضلال مفتين بالانبطاح ثم مذبوحين في كل الميادين .
انها الذكرى الثالثة للإستقلال من الاحتلال القديم والجنوب يرزح في قبضة احتلال جديد ولم تحرك الذكرى الأولى ولا الثانية شعرة كرامة ولا ذرة غيرة ولا نبض إباء في أبناء لبوزة ومدرم وغيرهما ، فهل سيتحرك الجنوب اليمني الحر الأبي في هذه الذكرى ، هل سيكون لإستثنائية الذكرى وندرة حدوثها بالتزامن مع ممارسات المحتلين الجدد الاجرامية والوحشية التي بدأت تتكشف وتتداول فضائحها وسائل الإعلام المختلفة ، أثر فعال وملموس في نفوس ابناء اليمن شمالا وجنوبا للتحرك الجاد والفعال في سبيل التحرير والسيادة والاستقلال ؟ متى نسمع عن انطلاق حركات النضال الوطني والكفاح المسلح وبدء العمليات الفدائية للمقاومة الحرة والوطنية ضد الاحتلال الجديد البليد ؟؟ متى نبدأ العد التنازلي لعمر المحتلين وسيطرتهم وعملائهم وأدواتهم ؟؟ لابد من ذلك مهما بدى ذلك مستحيلا او بدى مداه طويلا فقادم الأيام يحمل الكثير الكثير من المفاجئات والمتغيرات ولاشك الإنتصارات .