يوماً بعد آخر تؤكّـدُ القواتُ المسلحة اليمنية أنها لن تقفَ عند سقف معين من القدرات، لا سيَّما مع التزامِها الديني والقيمي بالتصدي لتحالف العدوان والحصار الأمريكي السعوديّ الإماراتي الإجرامي الذي استهدف اليمن أرضاً وإنساناً طيلة نحو سبع سنوات ونصف، لتوصلَ رسالةً للعالم أن الزئير اليمني قد اقترب أكثرَ من أي وقت مضى بعد أن طال الأمَدُ على العدوان ورعاته الدوليين والمجتمعِ الدولي وهم في غفلةٍ مقصودة تؤمل خضوعاً وتطويعاً لشعب الإيمَـان والحكمة أمام المشاريع الاستعمارية والعدوانية الهدامة التي تقودها أمريكا في اليمن والمنطقة، وما شهدته اليمن خلال الأشهر الأخيرة من عروض عسكرية وتصريحات كشفت جانباً من القدرات العسكرية والقتالية، إلا خير دليلٍ على أن اليمن اليوم لم يعد يمن الأمس، وهو ما يستوجبُ على تحالف العدوان أخذَ الحيطة والحذر، بدلاً عن التلكؤ والالتفافات والمناورات ذات الأهداف المشبوهة.
وعلى لسان القائد الأعلى للقوات المسلحة اليمنية المشير الركن مهدي محمد المشاط، جاء الإنذارُ الأخيرُ مع الساعات الأخيرة من الهُدنة الإنسانية والعسكرية التي ولدت مريضة ولم تتمكّن من معالجة ما يعانيه اليمنيون، ليؤكّـد الرئيس أن الحربَ القادمة المتوسعة ستكونُ على حساب تحالف العدوان وقواته واقتصاده، واعداً الشعبَ ومتوعداً تحالف العدوان بأن العام الهجري الجديد سيكون عام النصر والحسم.
وفي عرض عسكري مهيب، أمس الأول، في محافظة ذمار، خلال تخرُّجِ دفعة عسكرية حاشدة تحت عنوان “وإن عُدتم عُدنا”، ألقى القائدُ الأعلى للقوات المسلحة والأمن المشير الركن مهدي المشاط، كلمةً ما أحوج تحالف العدوان أن يدرك كُـلّ حرف منها، قبل فوات الأوان.
وفي الكلمة، استهل الرئيسُ المشاط حديثه بالقول: “ندشّـن العام الهجري من المنطقة العسكرية الرابعة ونؤكّـد أنه سيكون عام الانتصار”، في رسالة تحمل معها العديد من الخبايا والمفاجآت التي حتماً ستقلب الطاولة على العدوّ.
وَأَضَـافَ المشير المشاط “دشّـنا هذا العرضَ العسكري في المنطقة العسكرية الرابعة وستليها كُـلّ المناطق الممتلئة بالتدريب والتحشيد”، في إشارة إلى أن المرحلة العسكرية القادمة ستصلُ بالقوات المسلحة اليمنية إلى مستويات متطورة ومتفوقة أكثر من المراحل السابقة، رغم أنها حملت الكثير من المفاجآت والمعادلات التي عكست جانباً من مستقبل جيش اليمن.
في خضم حديثِه وسط أجواء “سلام” وتلكؤ سعوديّ ينذر باستعار تصعيد، أكّـد الرئيس المشاط أن “الجاهزية العالية والتدريب والتأهيل والوعي والبصيرة للقوات المسلحة من الأشياء المهمة جِـدًّا في الحرب وفي السلم”، في إشارة إلى أن رسائل العروض العسكرية تحمل هدفي السلم والتصدي في آن واحد، حسب ما يقرّره تحالُفُ العدوان ورعاتُه الدوليون.
وأكّـد الرئيسُ المشاط إلى أن “العدوّ بدأ يشعر بالإحباط وسنسعى لنيل حق شعبنا في الحرية والاستقلال والسيادة الكاملة غير المنتقصة”، في رسالة تحمل استعداداً كاملاً للتصدي والرد والردع، وأكثر منه للسلام العادل والمشرف الذي يضمن مصالح اليمنيين ولا ينتقص من أي حق مشروع لأي طرف محلي أَو إقليمي أَو دولي.
ومع رسم الخريِّجين لوحاتٍ عسكريةً باهرةً واستعراضِهم بالأسلحة المتنوعة والمصنعة محلياً، قال الرئيس المشاط: “بهذه الجحافل القوية والمقتدرة الممتلئة بالإيمَـان والبصيرة والوعي سنواجه وسيتحقّق لشعبنا حريته واستقلاله”، متبعاً حديثه “بفضل الله وبفضل قائد مسيرتنا المباركة وبفضل جهودكم أصبح العالم ينظر لشعبنا نظرة إعجاب وإعزاز”.
ومن خلال قول المشاط: “كلّ جهودنا وكلّ تضحياتكم وكلّ دمائكم الزكية والطاهرة التي تراق في سبيل الله هي؛ مِن أجلِ رفع معاناة هذا الشعب وتأمين حريته واستقلاله”، فَـإنَّه قد أوصل رسالة نوّه بها إلى أن العروض العسكرية ليست لاستعراض عضلات بقدر مَـا هِي لمساعدة العدوّ على معرفة الطريق الأسرع والأسلم للسلام العادل والمشرف، ومؤكّـداً في الوقت ذاته أن أي رد عسكري يمني يهدف بأن لا يتجاوز الدفاع عن الحقوق المشروعة التي يسلبها تحالف العدوان وأدواته.
وتابع بالقول: “من خلال صمودكم أثبتنا أن الجمهورية اليمنية باقية لا تستطيع أي قوى في هذا العالم أن تمحو خريطتها أَو تشطبها وهذا هو المستحيل بعينه”، في رسالة للعدوان طالما تكرّرت، مفادُها أن ما تسعون له غيرُ آتٍ”.
وأكّـد أن “القوات المسلحة والأمن رهاننا بعد الله وهي رهان شعبنا ورهان قائدنا التي ستتحطم عليها كُـلّ مؤامرات الأعداء”، مُضيفاً “سنكون بمستوى المسؤولية وسنبذل كُـلّ جهُدنا لتعيش حراً كريماً وهذا من حقوقك وسننتزعه من أشداق كُـلّ أعدائنا”.
وعزّز المشاط رسالتَه بمخاطبته الأبطال الخريجين: “سيروا أيها الأبطال فمعكم شعبُ الإيمَـان والحكمة الظهر والسند، ومعكم القوة الصاروخية والطيران المسيَّر وقيادة حكيمة لا تضاهيها قيادة في الدنيا، وثقوا بأننا سنبذل كُـلّ ما بوسعنا؛ مِن أجلِ استمرار البناء والتدريب والتحديث والتطوير لقواتنا المسلحة”.
وأشَارَ الرئيس المشاط إلى أن “استغلال الوقت بالتدريب المكثّـف والتأهيل المُستمرّ والمركز هام جِـدًّا فقطرة العرق توفر قطرة الدم في الميدان”، في تأكيد على أن عمليات بناء القوات المسلحة اليمنية لن تقفَ عند أي طابق حتى تعلوَ لتتمكّن من أن تكونَ كفيلةً بالسير باليمن وأهميته الاستراتيجية إلى أن تكون كما هي في مصاف اللاعبين المحوريين في المنطقة والعالم.
وعرّج الرئيس المشاط على ما حملته المراحل السابقة، مؤكّـداً أن “الأداءَ العالي والمتميز للمؤسّسة الأمنية والعسكرية أفشل كُـلّ رهانات الأعداء في جميع الجبهات”، مُضيفاً “بفضل الله ووعي وصمود أبناء الشعب اليمني تحطمت كُـلّ مؤامرات الأعداء”.
وفي كلمته لم يغفل الرئيسُ المشاط طبيعةَ السيناريوهات القادمة ومسارات التعامل معها، واستشرف جانباً من ملامحها بناءً على ردود الفعل السعوديّة الإماراتية تجاه المطالب المشروعة والمحقة المشروطة بأي سلام قادم، والتي يستبعدها تحالف العدوان وأدواته ورعاته؛ باعتبَارها خطًّا أحمرَ وورقةَ حرب لا يمكنُ الاستغناءُ عنها، لا سيَّما بعد فشل خياراته العسكرية وكلّ الأساليب العدوانية التي حشدها وجنّدها ضمن منظومته العدوانية الاستعمارية.
وأكّـد الرئيس المشير مهدي المشاط أن “الحربَ ستستمرُّ في مجالات متعددة وسلاحنا الوعي والبصيرة والإيمَـان”، مُضيفاً “على الصعيد العسكري وبمسرح العمليات العسكرية ستسعر الحرب أكثر فالأطراف تستعد لها، ونحن لها جاهزون بإذن الله سبحانه وتعالى”، في تأكيد ضمني على أن تحالف العدوان برفضه المطالب الإنسانية المشروعة والمحقة يسعى للتصعيد، وإن لم يكن كذلك، فَـإنَّه يفرض على الطرف الوطني الرد العسكري المشروع، خَاصَّة وأن معيار السلام لديه ضيق ويرتكز على سلامته من الردع اليمني وزحف التحرير الذي تتولاه القوات المسلحة اليمنية، مقابل معالجات إنسانية طفيفة جِـدًّا ومصابة بداء العجز الأممي، لا تقدر على حَـلّ معاناة الشعب اليمني وتوفير حاجاته الإنسانية الضرورية، وهو ما أكّـدت صنعاء رفضه بعد التجربة المريرة من هُدنة الأربعة الأشهر السابقة المريضة التي لم تعالج حتى 5 % من الاحتياجات الإنسانية الضرورية والعاجلة، فضلاً عن باقي المطالب المحقة والمشروعة التي توفر حياة كريمة لليمنيين.
ونوّه الرئيس المشاط إلى أن “الدعايةَ والزيفَ والتضليلَ هي الأسلحة التي سيستخدمُها العدوانُ في هذه المعركة وسلاح شعبنا في مواجهتها هو التحلي بالصبر والبصيرة والوعي”.
وفي ختامِ كلمته، قال الرئيس المشاط: “نراهنُ بأن شعبَنا قد بلغ رُشْدَه وتسلَّحَ بالوعي بفضل الجرعات البصائرية والثقافية التي يتلقاها من قائد مسيرتنا المباركة”، في رسالةٍ توحي بأن اليمنَ سيدخُلُ المرحلةَ القادمةَ بكل قوة، سواء في السلم أَو في الحرب، ليترك للمرة “الـ 1000” الخيار بيد تحالُفِ العدوان الذي يحبُ عليه أن يُحسِنَ الاختيارَ وأن لا يقودَه سوءُ التقديرات والحسابات إلى نتيجة تجعلُه نادماً على الوصول إليها بغطرسته وأطماعه.