اليمن العضو القوي في محور المقاومة…بقلم/ حميد رزق
بعد عملية حقل الشيبة، اليمن على عتبات مرحلة الردع والتكافؤ العسكري مع تحالف السعودية وقائد الثورة اليمنية يبعثُ رسائلَ هامةً واستراتيجية في الاتّجاهات الداخلية والخارجية
للمرة الأولى يظهر السيد عَبدالملك بدر الدين الحوثي لإلقاء كلمة أَو خطاب بالتزامن مع عملية عسكرية كبرى كالتي شهدتها منطقةُ الربع الخالي عبر استهداف حقل الشيبة النفطي الاستراتيجي جنوب شرق السعودية، كلمة السيد عَبدالملك لم تخلُ من البُعد الإقليمي، لا سيما في ظل تسارع الأحداث بالمنطقة وتنامي العلاقات بين اليمن ومحور المقاومة ممثلاً بإيران وحزب الله، وهو المحور الذي يعيش حالة اشتباك سياسية وميدانية متقطعة مع المشروع الأمريكي الإسرائيلي.
السيد عَبدالملك استفاض في الحديث عن البُعد الاقتصادي للعملية الأخيرة التي طالت حقل ومصفاة الشيبة جنوب شرق السعودية وكعادته حرص على توجيه النصح للنظام السعودي لا سيما والجميعُ يعرف أن الأهدافَ الاقتصادية والنفطية على وجه الخصوص أكثر خطورة وحساسية بالنسبة للنظام السعودي وحلفائه الغربيين من الأهداف العسكرية، والعملية تمثل رسالةً تتجاوز المملكة إلى أمريكا وبقية الدول الغربية الداعمة سياسياً وعسكرياً لعاصفة الحزم، وقد أشار قائدُ الثورة إلى محورية النفط الذي يتصدر أسباب الحرب نتيجةَ حسابات أمريكا والغرب الذي يرى في ورطة آل سعود فرصة لا تعوض لحلب الأموال من خزائن المملكة وتبعاً لذلك صار استهدافُ الضرع ” النفط” في السعودية ضرورة دفاعية لوقف نزيف الدم في اليمن والمنطقة عموما.
ولأهميّة الخطاب الأخير لقائد الثورة اليمنية نتوقف مع أبرز نقاطه ومحطاته كالتالي:
أولاً: ظهر السيد عَبدالملك باعتباره أخاً لأحد الشهداء الذين طالتهم يدُ الغدر التابعة لتحالف العدوان، وفي الأمر دلالة على أننا أمام قيادة يمنية تقدم التضحية وتصاب في أهلها ورجالها مثل بقية اليمنيين، لا فرق بين القائد الذي ظهر ينعى أخاه وبين أي مواطن يمني عادي يقدم فلذةَ كبده أَو أحد أشقاءه وأفراد أُسرته على مذبحِ الحرية والكرامة التي يسعى تحالفُ آل سعود لمصادرتها من جيرانه في اليمن.
ثانياً: وفي البُعد المحلي تأتي كلمةُ السيد ولأول مرة في نفس اليوم الذي يشهدُ تنفيذَ أهمّ وأكبر عملية عسكرية تطال العمق السعودي وتتزامن كلمة قائد الثورة اليمنية ورسائله بخصوص الأحداث في المناطق المحتلّة مع حالة الاضطراب والتصدع الذي تعيشُه جبهة العدو وأدواته كما هو حاصلٌ في عدن وبعض المحافظات الوسطى والجنوبية.
ثالثاً: في البعد الإقليمي، تطرق السيد عَبدالملك الحوثي ولأول مرة عن العلاقة اليمنية مع إيران وبقية أعضاء محور المقاومة وكان أمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله الذي أكّــد في كلمته يوم أمس بمناسبة انتصار تموز على وحدة محور المقاومة وقوته وجاهزيته للدفاع عن كافة أعضائه من إيران شرقاً إلى سوريا ولبنان غرباً وليس انتهاءً باليمن جنوباً، ما يعني أن اليمن لم يعد وحيداً في المعركة المفتوحة مع مشروع الهيمنة الأمريكية وأذرعته السعودية والعربية، وأصبح اليمانيون جزءاً من محور المقاومة ومثلما لدى السعودية تحالفها الخاص فمن حق اليمن أن يكونَ له تحالفاته.
رابعاً: تكتسبُ عمليةُ حقل الشيبة وقبل ذلك قصف مدينة الدمام بصاروخ بالستي مجنح أهميّةً بالغةً؛ كونها تأتي لتسقط ما تبقى من هيبة للنظام السعودي وتتزامنُ أيضاً مع انكسار شوكة ترامب وغطرسة أمريكا أمام إيران في مضيق هرمز ومياه الخليج، وتكتسب القوة العسكرية اليمنية المتصاعدة أهميّة اضافية نظراً لكونها أصبحت بمثابة التوأم للقوة العسكرية الكبيرة والاستراتيجية التي يمتلكها حزبُ الله في لبنان ويرسي من خلالها معادلةَ الردع مع الكيان الإسرائيلي.
خامساً: عمليةُ حقل الشيبة تتوج انتقال الجيش اليمني بشكل شبه كامل من الدفاع إلى الهجوم عبر الأسلحة غير التقليدية ولم يعد العالم ينتظر أية مفاجئات من قبل السعودية سوى ارتكاب مجازرَ ضد المدنيين بينما يتطلع الجميعُ إلى طبيعة المفاجئات الجديدة والأهداف الإضافية التي سيطالها سلاحُ الطيران المسيّر أَو الصواريخ البالستية اليمنية.
وفي سياق كلمته الهامة والاستراتيجية المتزامنة مع أكبر العمليات العسكرية لسلاح الطيران المسيّر باتّجاه الأهدافِ النفطية السعودية خَلُصَ السيدُ عَبدالملك بدر الدين الحوثي إلى نتائجَ مهمةٍ أبرزها:
أولاً: أن اليمنَ لن يعودَ إلى سابق الوصاية السعودية مهما ارتكب تحالفُ العدوان من جرائمَ ومهما راهن على استمرار الحرب.
ثانياً: أكّــد قائد الثورة اليمنية أن استمرار الحرب لن يضعفَ القدرات العسكرية لليمن بل سيزيدها تطوراً وتقدماً في الكم والنوع.
ثالثاً: استمرار السعودية في الحرب لن يوفر لها الأمن والطمأنينة ولكنه أصبح أهمّ أسباب الخطر الذي يحدق بمستقبل المملكة.
رابعاً: استمرار محمد بن سلمان ووالده في الرهان على الحرب لن يوفر لهما الزعامة الإقليمية ولا الهيبة في المنطقة بقدر ما يبعد هذه الأهداف عنهما ويبعدهما عنها مسافات طويلة.
خامساً: على المستوى الاقتصادي سيستمر النزيف السعودي، بالإضافة إلى عمليات الحلب الترامبية التي تؤدي في المستقبل إلى مضاعفة الخسارة الاقتصادية للمملكة المنهكة بعد خمس سنوات من المغامرة غير المسحوبة.
وفي رسائله إلى الداخل خَاصَّــة لجهة الأحداث الأخيرة في عدن أكّــد السيد عَبدالملك بدر الدين الحوثي على النقاط التالية:
للمجلس الانتقالي ألّا تفرحوا بمَا حقّــقتموه في عدن طالما وأنتم تابعون وأدواتٌ لدى الأجنبي (الإماراتي) الذي يمتلك حقَّ الأمر والنهي ويقتصر دورُكم على التنفيذ والطاعة.
أكّــد أن ليس من حق أية جماعة أَو طرف أن يحلُمَ باقتطاع أي جزء من الأرض اليمنية أَو إقامة دولته الخَاصَّــة في ظل الاحتلال تحت أي عنوان أَو شعارات مناطقية أَو جهوية.
دعا السيد عَبدالملك المغرّر بهم والمخدوعين من أبناء اليمن للعودة إلى حُضن الوطن حيث العزة والكرامة والحرية والاستقلال.
وفيما يخُصُّ العلاقات مع الخارج، أشاد السيد القائد بالزيارة التي يجريها الوفدُ اليمني إلى طهران، مُشيراً مرحلة جديدة من التحَــرّك في العلاقات الخارجية بين اليمن والجمهورية الإسْــلَامية في إيران، مؤكّــداً انفتاحَ اليمن على كُــلّ بلدان العالم من موقع التكافؤ والندية.
وبرغم ذلك كله واضحٌ من نصائح السيد عبدالملك وكلامه الموجّه بحرص صادق نحو النظام السعودي أن اليمنَ لم يصل في حسابات الحرب إلى مرحلة اللا عودة، ولا تزال عملياتُ الطيران المسيّر والصواريخ البالستية تستهدفُ إيقاظَ النظام السعودي وردعَه وإعادتَه إلى جادَّة الصواب للكف عن سفك الدم اليمني والمقامرة بمستقبل المنطقة