اليمنيون يحتفلون بعيد الأضحى وسط ظروف بالغة الصعوبة يخلقها الحصار
إبراهيم الوادعي
لن يكون بمقدور اليمنيين زيارة أرحامهم في عيد الأضحى لأن تحالف العدوان الذي تقوده السعودية برعاية أمريكية وصمت أممي يمنع دخول سفن الوقود إلى اليمن منذ ما قبل رمضان الفائت.
لمدة 4 أشهر يحتجز تحالف العدوان 20 سفينة نفطية أفرج فقط عن اثنتان منها صغيرة الحمولة مما لا تكاد تكفي لأسبوع، بهدف ذر الرماد على عيون المجتمع الدولي.
سياسة صنع أزمة في مشتقات النفط اعتمدتها السعودية كعقاب كلما عجزت في الميدان العسكري، فتلجأ إلى فرض العقاب الجماعي، وشل مفاصل الحياة في القطاعات الحياتية للمواطنين.
عشية عيد الأضحى المبارك أعلنت وزارة الصحة العامة أن المستشفيات والمراكز الصحية اليمنية دخلت الوضع الحرج، بسبب عدم حصولها على مادة الديزل واضطرارها إلى تقنين تشغيل أقسامها بما في ذلك أقسام الحضانات للمواليد وغرف العناية المركزة والعمليات وعمليات الاسعاف.
وبحسب وزارة الصحة فإن اقسام حضانات المواليد لم تعد قادرة على استقبال 200 مولود وهو المعدل الطبيعي، وتركهم يواجهون مصيرا مجهولا بسبب اقتراب نفاد مادة الديزل.
وفي وقت سابق قالت مصادر صحية إن المضي في سياسة تقليص الخدمات الصحية وشحة المشتقات النفطية خاصة مادة الديزل سيرفع معدلات الوفيات إلى 500% وفي عمليات الإسعاف إلى نحو 300% عن المعدل الطبيعي، وأن لا أحد يمكنه التنبؤ بالوضع حال توقف المستشفيات والمراكز الصحية عن العمل كلية بسبب نفاد مخزونها من المشتقات النفطية.
وفي وقت سابق قالت شركة النفط اليمنية: إن مخزونها من مادة الديزل قد نفد، وأن آخر كمية حصلت عليها كانت قبل 4 أشهر، ودقت ناقوس الخطر، مما يعنه ذلك من شلل سيصيب القطاع الصحي وقطاع المياه وقطاع النقل مع نفاد آخر الكميات من الديزل لدى عملاء الشركة.
منذ ثلاثة أشهر الطوابير أمام محطات التزود بالوقود لم تنقطع، شاشات التلفزة المحلية والدولية نقلت آلاف المشاهد والصور للمعاناة، ومئات التقارير التلفزيونية تحدثت عن آثار الوضع وانعكاس ذلك على الأزمة الإنسانية الأكبر في العالم نتيجة 6 سنوات من العدوان والحصار، كما تلقت الأمم المتحدة عشرات التقارير عن الأزمة الخانقة التي تصنعها سياسة العقاب الجماعي التي يمارسها التحالف بقطع المشتقات النفطية عن اليمن.
الأمم المتحدة تقوم منذ ست سنوات بتفتيش السفن القادمة إلى اليمن ومنح تصاريح لسفن الغذاء والوقود وفق نظام مقنن واشتراطات وضعها تحالف العدوان على اليمن لدخول السفن إلى ميناء الحديدة الميناء الذي يعتمد عليه في الحياة نحو 20 مليونا من السكان.
كان من المفترض أن تنتقل آلية التفتيش الأممي يونيكوم إلى الحديدة وفقا لاتفاق السويد، وأن يعمل مكتب المبعوث الأممي مارتن غريفث كمسهل لدخول سفن النفط إلى الحديدة، لكن مكتب المبعوث الأممي تحول إلى معرقل للاتفاق، وساع بريد لاشتراطات التحالف، قبل أن يظهر انحراف المبعوث عن مهمته عقب عملية البنيان المرصوص في فبراير من العالم الحالي.
وخلال مقابلة لرئيس الوفد الوطني محمد عبد السلام مع صحيفة 26 سبتمبر الناطقة باسم الجيش تحدث بوضوح عن انحراف مهمة المبعوث الأممي، وتحول مارتن غريفث عن مهامه كمبعوث أممي وسيط ومحايد إلى مبعوث بريطاني مع تنام تدخل لندن في الحرب اليمنية وسياسة تقسيم اليمن واغراقه بالصراعات.
وخلال الأيام الفائتة رفضت صنعاء عرضا تلقته يعتقد عبر مكتب المبعوث الأممي بالامتناع عن صرف نصف راتب للموظفين في المناطق المحاصرة ورغم أن حكومة المجلس السياسي بالكاد تصرف راتبين إلى ثلاثة رواتب في السنة بعد نقل البنك المركزي اليمني إلى عدن، إلا أن ذلك لم يرق للتحالف ولم يرق للمبعوث الأممي الذي يصطف إلى جانب التحالف بدل أن يرى في الخطوة تحركا إيجابيا يخفف من وقع الأزمة الإنسانية، وإجراءً أساسيا نص عليه اتفاق السويد الذي يخالفه المبعوث مارتن غريفث.
وفي الضفة الأخرى اكتفت المنسقة الإنسانية للأمم المتحدة في صنعاء ببيان رفع عتب خجول لا يرقى إلى حجم الكارثة التي سيخلفها انعدام الوقود الذي ينفد كل يوم من خزانات شركة النفط.
ويرى مراقبون بأن حديث الأمم المتحدة عن الأزمة الإنسانية الأكبر عالميا لا يتسق وصمتها أمام إجراءات التحالف التعسفية لتشديد الحصار على اليمن، وبأنها اتخذت من الأرقام وسيلة لجني الأموال ومن السكوت على تصعيد التحالف وتعميقه الأزمة الإنسانية وسيلة أكثر ربحا لتحقيق الإثراء الشخصي وتغطية الفساد الذي يعتري آلية المساعدات الأممية إلى اليمن.
وعودة إلى الوضع الكارثي الذي يقترب شبحه أكثر فأكثر وجهت الحكومة اليمنية عبر قطاعات حيوية نداءات استغاثة للعالم للضغط على تحالف العدوان لإدخال سفن المشتقات النفطية المحتجزة والكف عن سياسة العقاب الجماعي على اليمنيين، وحيت في هذا المقام سلطنة عمان والجمهورية الإسلامية في إيران ودول أخرى على إرسالها مساعدات طبية إلى صنعاء رغم تململ الأمم المتحدة في نقلها ل3 أشهر، لتنقل مؤخرا منظمة الصليب الأحمر الدولي.
ومهما كانت قساوة الوضع فسيحتفل اليمنيون مع مأسيهم بعيد الأضحى كشعيرة إسلامية، 6 سنوات من الحصار وقصف لم يوفر حرمة لأي شيء لا مسجد ولا سوق ولا مدرسة ولا طريق ومنزل، وقتل لم يستثن طفلا أو شيخا أو أمرأة، وتخاذل عربي وإسلامي وإنساني غير مسبوق.