الواهمون وسلاح المقاومة
الحقيقة: ليلى عماشا
يؤدي الإفلاس السياسي وما يرافقه من فراغ وإحباط إلى سلوكيات خيانية أحيانًا، ومنها تأدية خدمات “مجانية” للعدو الصهيوني، وأحيانًا بدافع “النكاية” ليس إلا..
إن طرح شعار “حصر السلاح بيد الجيش” ليس مستجدًا، هو مطلب يكرّره الصهاينة منذ ما قبل ٢٠٠٠ وسيظلّ يتكرّر بصيغ مختلفة حتى زوال “إسرائيل” من الوجود.
رغم ذلك، وفي ظل الاختلاف حتى على البديهيات التي أبسطها وأعمقها العداء للصهاينة، برز إلى الساحة قلّة يدعون إلى نزع سلاح المقاومة وحصر السلاح بيد الجيش اللبناني.
والمطالبة هنا تُظهر نفاقًا وقحًا تجاه الجيش، ففي عسل الكلام ثقة به وفي السمّ المدسوس فيه يقين بأنّ الجيش اللبناني غير مجهّز بالعتاد وبالأدوات وبالأسلحة التي تمكنه من مواجهة جيش العدو.
هؤلاء أنفسهم، يمتعضون حين يتصدى الجيش للاعتداءات الصهيونية ويعتبرون أن من الأفضل تجاهلها، بل ويهزأون من قلة تجهيز جندي لبناني يمتلك روحًا قتالية عالية حين يواجه دبابة “إسرائيلية” تستعرض عند الحدود مع فلسطين المحتلة، وفي الوقت نفسه، يتسابقون إلى المزايدة في إبداء الثقة بالجيش واحترامه، حدّ المطالبة الوقحة بنزع السلاح المقاوم!
يتميّز الجيش اللبناني بكونه المؤسّسة العسكرية التي حافظت على عقيدة قتالية تعادي الصهاينة، رغم وجود أطراف “رسمية” وممثّلة في الحكومات المتعاقبة لا تعادي الصهاينة وتصوغ مطالبها في شعارات ظاهرها “شعبوي” وباطنها “خدمة لإسرائيل”.
ولأن المحور الأميركي ووكلاءه في لبنان والمنطقة يعرفون حقيقة أن العداء للصهاينة جزء أساسيّ من عقيدة الجيش اللبناني، عملوا على إضعاف هذا الجيش لناحية العتاد والتجهيز عبر تدخلات ذات طابع حكوميّ.
من هنا، حصر السلاح بيد الجيش والاعتماد عليه كمواجه وحيد في أي معركة مقبلة مع الصهاينة هو عمليًا نوع من السعي إلى تصفيته تمهيدًا لتحقيق حلم البعض بوضع لبنان في الكفّ الصهيونية.
كذلك، المطالبة بنزع سلاح المقاومة وكلّ ما يذكر معها من حجج وأسباب واهية سببها الوحيد هو حماية الصهاينة من الهزيمة في أي معركة مقبلة. وبالتالي، لا يمكن التعامل مع حاملي هذا الشعار إلا بارتياب، فإن كانوا يدرون معنى شعارهم فتلك مصيبة، وإن كانوا لا يدرون فالمصيبة أعظم!
يتداول معظم الناشطين “افتراضيا” هذه الدعوات بشكل ساخر لا سيّما في ما يخص قلة عدد الداعين اليها، رغم تواجد هذه القلة كأبناء طرح انهزامي منذ أن وجد لبنان.. ويحاول البعض الآخر محاججتهم في سعي إلى جعلهم يدركون خطورة ما يطالبون به، لا سيّما أن من بينهم بعض السذّج والذين يكررون ببغائيًا ما يقال على مسامعهم. وفي الحالتين، يشكّل هذا النوع من التجمعات مادة صحافية وإعلامية لقنوات “خدمة الصهيونية” فتصورها، حتى يبدو للسامع وكأنها مظاهرات حقيقية ترفع مطلبًا يتوحّد حوله اللبنانيون.
على أرض الواقع، هذه التحركات لا تعني شيئًا، مهما تخلّلها من استعراض مخاوف ومن مواقف مشبوهة. هي أشبه بآخر حشرجات احتضار المشروع “الصهيوني” وممثليه في لبنان. ولو ثمّة تأثير لها على سير الصراع ولو شكلًا، لكان الصهاينة اعتمدوها كأسلوب يسرّع في تحقيق رغبتهم بإسقاط سلاح المقاومة في لبنان.
وبعد، لقد سعى هؤلاء سعيهم وهُزموا في كلّ مرة.. بذلوا كلّ ما بوسعهم عسكريًا واقتصاديًا لهزيمة هذا السلاح، وهم يعرفون أكثر من سواهم أن اعتماد الأسلوب الثورجي المستحدث والذي يعني تجميع بعض من يهتفون ضدّ سلاح المقاومة لن يؤثر على مئات الآلاف من الأرواح التي قاتلت وتقاتل وستظل تقاتل حتى زوال “إسرائيل” من الوجود..