الهدنة تزداد هشاشة..تأجيل فتح مطار صنعاء
حتى أمس، لم تصل أول رحلة جوية للطيران المدني التجاري إلى مطار صنعاء الدولي، على رغم مضيّ أسبوع على موعد تدشين أولى الرحلات المقرّرة، وفق اتفاق الهدنة الإنسانية. وبعد تأجيل تلك الخطوة من الاثنين حتى الجمعة، مضى الموعد من دون أن يدخل بند فتح المطار حيّز التنفيذ. وفيما أرجع المبعوث الأممي لدى اليمن، هانس غروندبرغ، تأجيل تدشين أولى الرحلات الجوية إلى «إجراءات لوجستية»، لم يجد أي مبرّر آخر خلال لقائه رئيس وفد صنعاء المفاوض، محمد عبد السلام، في العاصمة العُمانية مسقط، السبت.
هكذا، يقف غروندبرغ بصمت أمام تنصّل السعودية من التزاماتها برفع الحظر الجوي عن اليمن، كعادة مبعوثي الأمم المتحدة السابقين. ويأتي ذلك على رغم أن مدير مطار صنعاء، خالد الشائف، أكد أن المرفق جاهز لاستقبال كل الرحلات الجوية التجارية، وهو يستقبل يومياً رحلات جوية تابعة للأمم المتحدة. وأشار إلى أن الخدمات التي يقدّمها المطار للمنظمة هي ذاتها التي يقدّمها لشركات الطيران الأخرى، إلا أن «دول العدوان السعودي الإماراتي تماطل في تنفيذ البند الخاص بعودة رحلات الطيران المدني». وكان اليمنيون ينتظرون هبوط الطائرة الأولى للناقل الجوي الوطني، شركة «اليمنية»، في مطار صنعاء، إلا أن «الأخبار» علمت، من مصدر في مكتب الشركة في العاصمة، أن مجلس إدارتها لم يوجّه مكاتبها في القاهرة والأردن بتسجيل أي رحلات من مطار القاهرة الدولي إلى مطار صنعاء، علماً بأن الرحلة الأولى المقرّرة ستنقل مواطنين يمنيين قادمين من مصر إلى اليمن.
وفي السياق نفسه، لم تتسلّم صنعاء ملفات خاصة بأسماء الأسرى، بعدما كان من المحدّد تبادل الكشوفات أواخر الأسبوع الماضي. وفي الوقت الذي سمح فيه التحالف السعودي ــــ الإماراتي لعدد من سفن الوقود التي كانت محتجزة قبالة ميناء جيزان بالإبحار مجدداً، احتجز سفناً جديدة كانت في طريقها إلى الميناء خلال الأيام الماضية، من دون أي مبرر. وقالت مصادر في شركة النفط في العاصمة إن قوات «التحالف» احتجزت السفينة «ديتونا» التي تحمل على متنها أكثر من 29 ألف طن من مادة السولار «الديزل»، والسفينة «سي هارت» التي تحمل أكثر من 28 ألف طن من مادة البنزين، بعد سريان الهدنة، ولم تفرج عنهما حتى اليوم.
لا يُستبعد أن يكون غروندبرغ قد طلب تدخّل عُمان لدى السعودية لتنفيذ بنود الهدنة
ميدانياً، جدّدت القوات الموالية لـ»التحالف» خرقها الهدنة العسكرية في جبهات مأرب يوم أمس. وأفادت مصادر محلية، «الأخبار»، بأن تلك القوات شنّت، فجر الاثنين، هجمات متعدّدة على مواقع الجيش و«اللجان الشعبية» في الجبهتين الجنوبية والجنوبية الغربية في محيط مدينة مأرب. وأوضحت أن المواجهات استخدمت فيها مختلف أنواع الأسلحة، واستمرت لساعات، وسقط فيها قتلى وجرحى، معتبرة ما حدث «نتيجة للقاءات العسكرية التي جرت في العاصمة السعودية بين عدد من القيادات الموالية لتحالف العدوان ووزير دفاع المرتزقة». وكانت جبهات مأرب قد شهدت أكثر من محاولة اختراق للهدنة منذ بدء سريانها مساء السبت قبل الماضي. وعلّق نائب وزير الخارجية في حكومة صنعاء، حسين العزي، على تصاعد تلك الخروقات بالقول «إننا بالفعل أمام خصوم لا يحترمون التزاماتهم».
في هذه الأثناء، عاد غروندبرغ إلى مسقط، الأحد، في محاولة منه لتثبيت الهدنة، والتقى لهذه الغاية الناطق باسم حركة «أنصار الله»، الذي قال في تغريدة إن النقاش دار حول ضرورة الإسراع في تسيير الرحلات من مطار صنعاء الدولي، وسلاسة دخول السفن من دون تعقيدات وعراقيل. وطالب بوضع حدّ للخروقات التي يقوم بها الطرف الآخر، إضافة إلى الشروع في مناقشة الملف الإنساني. وللغاية نفسها، ناقش غروندبرغ مع وزير الخارجية العُماني بدر البوسعيدي، وكبار المسؤولين العُمانيين، مسار الهدنة. ولا يُستبعد أن يكون قد طلب تدخل السلطنة لدى الجانب السعودي لتنفيذ بنود الاتفاق، ومنها رفع الحظر عن مطار صنعاء. ويوم أمس، بدأ غروندبرغ أول زيارة له منذ تسلّمه منصبه، إلى العاصمة اليمنية، حيث التقى، ابتداءً، وزير الخارجية في حكومة الإنقاذ، هشام شرف، الذي أكد أن «أي ترتيبات للسلام لن تكون تحت سلطة ورعاية الإمارات أو السعودية المشاركتين في الحرب على اليمن، وإنّما تحت إشراف مظلة الأمم المتحدة وبعد إنهاء الحرب والحصار وإخراج القوات الأجنبية». وكان عضو «المجلس السياسي الأعلى، محمد علي الحوثي، قد استبق الزيارة متسائلاً في تغريدة له: «بماذا سيأتي (غروندبرغ)؟ بعودة عمليات البنك وصرف الرواتب أم بالإغاثة التي خفضتها أميركا، أم بإطلاق الرحلات العلاجية التي تعهّدت بها منظمة الأمم المتحدة ولم تفِ بها حتى الآن.. أم بماذا؟». من جهته، أقرّ السفير البريطاني لدى اليمن، ريتشارد أوبنهايم، في تصريحات صحافية، بهشاشة الهدنة، مطالباً الأطراف باتخاذ خطوات متقدّمة لتثبيتها.
الأخبار اللبنانية