الهجرة النبوية اختبارٌ للمؤمنين في ولائهم
بقلم:كوثر محمد
كانت معجزة الهجرة حقيقة مبهرة عجز كفار قريش عن وصفها أو حتى تكذيبها فالنبي صل الله عليه وآله وسلم غادر من بينهم مستهزأ بهم وبالقوة التي جمعوها بمكرهم ولكن مكر الله أعظم (وإذ يمكر بك الذين كفروا ليُثبتوك أو يقتلوك أو يُخرجوك ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين)
فكان ذلك فتحاً لرسول الله والمؤمنين وإيذاناً بالهجرة إلى المدينة التي تنورت بنور رسول الله صل الله عليه وآله مستقبلين له بفرحة كبيرة، هنا وجد أنصاره من الأوس والخزرج من نصروه وكانوا نعم الحاضنة للإسلام .
إن الامتداد العظيم ل٢٣ عام من حياة الرسول ونشره للإسلام يشملنا نحن اليوم أيضاً ، يالها من بركة وصلت إلينا ومن مسؤولية يجب الحفاظ عليها حتى تصل إلى غيرنا أيضاً ، ولكن للأسف ها هي الأمة تخرج عن أصلها إلى واقع مزري مليء بالاختلالات في دينهم وكثيرا من الجدال والنقاش، مع أن الرسول قد عرّفنا على الطريق التي تجعلنا مرتبطين بالله وبهذا الدين العظيم لا انحراف عنه وهو إتباع القرآن الكريم و آل البيت عليهم السلام ،وما حدث يوم الهجرة كان إعلان عن انتهاء الاختبار الإلهي لأهل قريش من اختارهم الله مكانا لرسالته الخاتمة، انتقل رسول الرحمة ليعيش بين قلوبٍ تعلقت به قبل أن يأتي إليها وتعلقوا به وقدّموا أرواحهم وأموالهم فداءً للدين الخاتم فما كانت هجرته الشريفة من مكة إلى المدينة إلا تحول كبير في الدين الحنيف لينتشر إلى كل مكان .
كان الدين الإسلامي نقطة تحول من واقع الجاهلية إلى الإسلام وعبادة الله الواحد فكانت امتيازات المكان مهمة جداً، في ظل محاربة قريش للنبي و من دخلوا في الإسلام لن يكونوا إلا في محاولة مستمرة لممارسة الدين الإسلامي فقط وهذا ما كان سيجعله محصورا في منطقة مكة، ولكن الهجرة وتغيير المكان مهم جداً في صناعة جيش قوي يحارب هذه الدولة التي بنت نفسها لتواجه كل من يحاول القضاء عليها؛ فكانت مرحلة اختبار للمؤمنين من أعلنوا إسلامهم في قريش و موافقتهم للانتقال إلى المدينة و إلى أن يكونوا أولياء لرسول الله يأتمرون بأمره ويعملون ما يطلب منهم أمام تهديد قريش لهم تارةً وترغيبها لهم تارة أخرى .
بعد ترسيخ مبادئ دولة الإسلام في أرض رضيها الله ورسوله للمؤمنين باتوا في اختبار صدق إيمانهم ولن يكون هذا الاختبار بطريقة يعرفها الناس وبصورة مباشرة ، بل كان عن طريق الهجرة و بدء مرحلة الحرب والجهاد في سبيل الله في الغزوة التي كان يخوضها الرسول صلى الله عليه وآله وسلم مع الكفار ، وهنا الكشف عن صدق التولي للرسول الأكرم وفي كل توجيهاته التي يطلبها من المسلمين، نجد أن التاريخ تحدث عن المنافقين وعن المتخلّفين والمتحججين عن القتال هنا يظهر صدق إيمانهم، فالدين لديه الكثير من التوجيهات والتعليمات وعلى المسلمين تنفيذها دون جدال أو تراجع أو أدنى تفكير ومن هنا كان الفتح العظيم لمكة المكرمة بدون قتال بقوة الحق والتأييد الإلهي الذي نجح في تطبيقه الكثير من المؤمنين من كانوا مع النبي بكل خطوة، مناصرين له ومتسابقين لتلبية نداءه ورفع رأيته ، ذلك النموذج هو ما يتحقق اليوم مع القيادة الحكيمة من أعلام الهدى الذي استشرى الظلم من حولهم وها هم يمدون يد المبايعة على الجهاد والولاء كجدهم رسول الله صل الله عليه وآله وسلم ليتم الفتح وتحرير المقدسات المحتله اليوم بإذن الله .