النفط السعودي مقابل الحماية
الحقيقة /صفاء إسماعيل
لا يفوّت الرئيس الأمريكي دونالد ترامب فرصة دون أن يهين فيها النظام السعودي علانية ويذكّره أنه لولا الحماية الأمريكية لما استطاع البقاء في الحكم لأكثر من أسبوعين. الحماية التي تفرض على بني سعود أن يفتحوا خزائنهم أمام ترامب ليغرف منها مليارات الدولارات مقابل أن يظلوا تحت العباءة الأمريكية يقتاتون على فتات الدعم مسبق الدفع.
إهانات ترامب المتكررة لملك بني سعود بوصفه العاجز عن حماية عرشه والاحتفاظ حتى بطائراته الواقعة تحت حماية الجيش الأمريكي, لم تكن زلة لسان من ترامب أو مجرد استعراض عضلات أمام تجمعات الناخبين في الولايات الأمريكية, وإنما كانت طلباً صريحاً لثروات السعودية بأكملها ثمناً للحماية الأمريكية التي يروّج لها ترامب بأنها ذات تكلفة عالية نظراً لحجم الأطماع الخارجية والداخلية التي «تهدّد استقرار السعودية» والتي اختلقت واشنطن معظمها.
وجرياً على العادة, مرّت إهانات ترامب مرور الكرام على أسماع بني سعود الذين التزموا الصمت ولم ينبسوا ببنت شفة, لعلمهم أن تقييم ترامب لهم في محله وأن بقاءهم في الحكم مرهون بتنفيذ الأوامر ودفع ثمن الحماية الأمريكية. وأكبر دليل على ذلك مسارعة السلطات السعودية لتنفيذ أوامر ترامب والإعلان عن زيادة إنتاجها من النفط وتخفيض سعره بغية خفض تكاليف الوقود قبل انتخابات الكونغرس النصفية في تشرين الثاني القادم, رغم ما يعنيه ذلك من تعرض المملكة لأزمة اقتصادية خانقة ستدفع إلى حملة تقشف جديدة سيدفع ثمنها الشعب السعودي.
تصريحات ترامب أن ثمن حماية واشنطن للسعودية يتجاوز كثيراً ما تدفعه من مئات المليارات باعتبار أنها دولة ثرية وتمتلك تريليونات الدولارات، جاءت بمنزلة إعلان أمريكي رسمي عن انتهاء مرحلة أموال النفط مقابل الحماية والإقرار بأمر واقع جديد هو حرية التصرف الأمريكي بكل النفط السعودي مقابل الحماية, في إشارة واضحة إلى أن السلاح الذي تشتريه السعودية من واشنطن والدول الغربية لا يكفي لحمايتها.
إذاً, فالحقيقة المتفق عليها اليوم هي أن السعودية عاجزة عن حماية نفسها من دون دعم أمريكا وحمايتها. وهذا واقع الحال الذي يفرض على بني سعود أن يدفعوا الجزية وأن يقولوا السمع والطاعة كلما طلب منهم سيدهم ترامب أن يدفعوا المزيد من الأموال سواء عبر مشاريع استثمارية بملايين الدولارات في أمريكا أو عبر صفقات الأسلحة التي تستنزف الاقتصاد السعودي دون أن تحقق لمملكة الرمال حماية مستقلة من غير الوصاية الأمريكية وإذلال ترامب لنظام بني سعود في كل مناسبة.