النظام السعودي ..والفرصة الأخيرة
الحقيقة/ تقرير/صادق البهكلي
بعد ثمان سنوات من الحرب لم يدخر فيها العدو أي وسيلة في سبيل تركيع الشعب اليمني وبذل جهود كبيرة جداً من أجل دخول العاصمة صنعاء، استخدم كل وسائل الحرب العسكرية ونفذ عدوانه بمختلف أنواع الأسلحة، وفرض الحصار البحري والجوي والبري لتسع سنوات، جلب الكثير من المرتزقة إلى اليمن واستغل الكثير من الداخل اليمني ، قاد حرباً تشويهية وإعلامية غير مسبوقة، استمال الكثير من الأقلام المأجورة وفتح خزائنه لإسكات الكثير من الأصوات المنددة وتحولت الحرب إلى ما يشبه سوقا تجارية تتصارع فيه المنظمات التي تدعي دفاعها عن حقوق الإنسان، ويهرع إليه ضعاف النفوس وبات الكثير يرى في الحرب فرصة للإثراء سوى من الناشطين إعلاميا وسياسيا وحتى بعض الأنظمة التي ساندت النظام السعودي في عدوانه على اليمن من أجل الحصول على الأموال كل هؤلاء عملوا على شيطنة المدافعين عن أرضهم وعرضهم وكرامتهم ورأينا حتى مؤسسات دينية كبيرة وعلى امتداد الساحة الإسلامية تتاجر بدماء الأبرياء وأصدرت الكثير من البيانات والفتاوى التي تهاجم الشعب اليمني المظلوم وتبرئ ساحة المعتدي الظالم، ولكن إرادة الله كانت إلى جانب إرادة الاحرار الأباة الكرام من أبناء اليمن الذين صمدوا وثبتوا وقدموا اعظم صور التضحيات وأجل مواقف البسالة والصمود الأسطوري الغير مسبوق ما جعل كل تلك الحشود وكل تلك الأموال وكل تلك القنابل والصواريخ والأسلحة الفتاكة والقصف والتدمير الهمجي والحصار الخانق تتبخر أمام موقف اليمن الصامد وشجاعة الشعب اليمني وحكمة القيادة الربانية .. هذا الصمود الأسطوري والتضحيات الجسيمة والصبر والثبات العظيم جعل قوى العدوان تبحث لها عن مخرج ينتشلها من المستنقع اليمني ولكنه مع ذلك ما تزال تراوغ وتحاول تحقيق مكاسب من على طاولات المفاوضات لم تحققها لهم جحافل المرتزقة ولا طائرات الـ إف 35 الأمريكية والصهيونية، ومن ذلك أن قوى العدوان استنجدت بالسلطان العماني والذي تحظى سلطنته باحترام كبير لدى الشعب اليمني لدورها المسالم والمساند للشعب اليمني في مظلوميته الكبيرة واحتوائها للوفد الوطني واتخاذه منها محطة وهمزة وصل بينه وبين بقية الكثير من الجهات الساسية وبالذات قوى العدوان التي أجرت الكثير من المفاوضات واللقاءات معه خلال بقائه في السلطنة وكان زيارة وفد سعودي إلى صنعاء في شهر رمضان الفائت ضمن الجهود العمانية لإيجاد حل سياسي وإخراج النظام السعودي من مأزقه كونه من يقود العدوان ظاهريا وضمن مسعى إقناع النظام السعودي النزول من على شجرة الغرور والكبر ذهب الوفد الوطني إلى الرياض مع الوفد العماني فهل سينجح الوفد الوطني ورفيقه العماني في اقناع النظام السعودي بإنهاء عدوانه والانسحاب من الأراضي اليمنية؟ أم ستكون هناك تطورات أخرى؟ هذا ما سنحاول الإجابة عنه في هذا التقرير:
نظامٌ لَعِينٌ وحقدٌ دفين
بالنظر إلى مدة الحرب الطويلة وما تركته من مآسي إنسانية ودمار كبير ومشاكل اقتصادية كبيرة ومنها حرمان الموظفين اليمنيين من رواتبهم لأكثر من تسع سنوات يجد الكثير من الناس صعوبة كبيرة في فهم واستيعاب أن كل هذه المآسي المهولة التي خلفها العدوان هي بفعل جيران يدعون أنهم عرب ومسلمين ولكن بمقاربة بسيطة لطبيعة النظرة السعودية تجاه الشعب اليمني نجد أن الحقد السعودي تجاه اليمنيين بكل اطيافهم قديم جداً يعود إلى فترة نشوء النظام السعودي على يد الانجليز ويشبه بحد كبير نظام الفصل العنصري الصهيوني وإن كان يتلبس بلباس الإسلام ويطبع كلمة لا إله إلا الله على علمه السياسي، فإن أول ترجمة فعلية لهذا الحقد الأسود تجاه الشعب اليمني كان في بداية القرن الماضي مع توسع عصابات بن عبد العزيز وبدعم القطعان البريطانية المتواجدة في الجزيرة العربية حيث أقدمت هذه العصابات على نحر أكثر من ثلاثة آلاف يمني وهم ذاهبون لتأدية مناسك الحج في جريمة مروعة سميت بجريمة وادي تنومه وهو المكان الذي حدثت فيه الجريمة بمنطقة عسير..
أيضا من مظاهر الحقد السعودي على اليمن هو احتلال أجزاء واسعة من الأراضي اليمنية منها جيزان وعسير ونجران في منتصف القرن الماضي مستغلا ضعف اليمن وسيطرة بريطانيا على الجزء الجنوبي منه إضافة إلى خيانته للإدريسي بعد أن استجار به.. تلى ذلك تدخل النظام السعودي السافر في الشأن اليمني وشراءه للكثير من الشخصيات المؤثرة في الداخل اليمني كالمشائخ وتخصيص لجنة خاصة باليمن مهمتها تمزيق اليمن وضرب أبنائه ببعضهم ببعض.. كما أقدم النظام السعودي على اغتيال الرئيس اليمني الراحل إبراهيم الحمدي بعد أن حقق نجاحات مؤثرة في بناء المؤسسات اليمنية خاصة مؤسستي الجيش والأمن وتحسين المستوى المعيشي للشعب اليمني وهو ما جعل الاقتصاد اليمني يتراجع بشكل كبير وانتشار للفساد والمحسوبية دفع بالكثير من أبناء اليمن للذهاب إلى المناطق السعودية بحثا عن عمل وفي الداخل السعودي مارس آل سعود عنصرية واستهزاء واحتقار واسع للعامل اليمني وما زال المواطن اليمني يعامل معاملة عنصرية قذرة داخل المملكة السعودية..
كما أن النظام السعودي تآمر بشكل كبير الاقتصاد اليمني ومنع السلطات اليمنية من استخراج النفط من الأراضي اليمنية ومنها الجوف ومناطق أخرى وشكلت احتياطي كبير لآباره النفطية وتم نهب الاحتياطي اليمني بشكل منظم وبالتآمر مع راعية الإجرام والإرهاب أمريكا والكيان الصهيوني..
وقد ترك ابن سعود وصية لأبنائه بأن “رخاؤكم في بؤس اليمن”
ويرى الكاتب عبدالله بن عامر في سلسلة تغريدات على التويتر:” إن المقولة التي يتداولها اليمنيون لها أصل ومصادر وثيقة”.
وأضاف بن عامر:” وقد عثرت على5مصادر تثبت حقيقة تلك الوصية أبرزها ما تحدث به المفكر المصري محمد حسنين هيكل بأنه سمع من أحد ابناء عبدالعزيز تلك الوصية “احذروا اليمن, وحدته خطر عليكم, “رخاؤكم في بؤس اليمن”.
“ونقل بن عامر في تغريدة أخرى عن “سايمون هندرسون” مدير برنامج الخليج وسياسة الطاقة في معهد واشنطن قوله:” إن السعودية تعاني من جنون الشك تجاه اليمن فهو مشكلة لن تحل إلا بتفكيكه وقد قال عبدالعزيز قبل وفاته لاتدعوا اليمن يتّحد أبدا..
وبقراءة هذه المعطيات نجد أن النظام السعودي يحمل احقاد قديمة متوارثة وبالتالي قد يكون الأمل ضعيف جداً في نجاح الوفد الوطني في ارغام النظام السعودي على الموافقة على الشروط والنقاط التي اشترطتها صنعاء لإنهاء العدوان السعودي ورفع الحصار وحل الملف الإنساني ومنها التعويض ودفع المرتبات والافراج عن الأسرى وهي بمثابة اختبار لجدية النظام السعودي في قبول الحل واختيار نهج السلام بدلاً من عقلية العدوان والاحقاد والحروب وبالتأكيد لو افترضنا أن النظام السعودي قد وصل إلى قناعة تامة بانها الخاسر الوحيد من استمرار الحرب فإن من الصعب إقناعه بوقف استهداف اليمن والشعب اليمني..
تعنتٌ سعودي .. يكشفه التعاطي الإعلامي
من ضمن المؤشرات على تعنت النظام السعودي هو استمراره في غيه وتعنته وبشكل يظهر حتى محدودية إدراكه تجاه التعاطي الإيجابي مع جهود الوساطة إذ نشرت الخارجية السعودي بعد وصول الوفد الوطني والوفد العماني إلى الرياض بياناً لها تدعي فيه أنها تمارس دور الوسيط لا دور الند مع صنعاء وأنها تعمل جنبا إلى جنب مع سلطنة عمان لإنهاء ما أسمته النزع بين اليمنيين وكأنها تحاول استغلال زيارة الوفد الوطني للتنصل عن مسؤوليتها تجاه أكثر من 9 سنوات من العدوان الإجرامي والكوارث التي تركتها على الساحة اليمنية، إن ذلك يؤكد حقيقة أن هذا السلوك الشيطاني لن يتوقف تجاه اليمن واليمنيين وحتى لو افترضنا نجاح الوساطة العمانية في تحقيق السلام وخروج القوات الأجنبية من اليمن فإن ذلك ليست بالتأكيد نابع عن رغبة سعودية بقدر ما هي حاجة لأبن سعود فرضتها عجزه الميداني وتطور القدرات العسكرية اليمنية وبالتالي فإن استمرار النهج العدائي السعودي لليمن سيتواصل مالم يشعر النظام السعودي ويلمس في الواقع ضرره عليه.
الإطلاق في استهداف بلدنا، ونحن نسعى لدحر هذا العدوان، سواءً كان في الجزر، أو في البر، أو في البحر، وكل ما يمثل انتهاكاً لاستقلال بلدنا وسيادته جواً أو براً أو بحراً، وسنستمر في كل جهودنا وأعمالنا، وبكل الخيارات، بكل الجهود في كل المجالات، للوصول إلى تحقيق الهدف المنشود في نيل الحرية الكاملة، والاستقلال التام لشعبنا، وتطهير كل أرجاء وطننا من كل احتلال، ومن كل سيطرةٍ أجنبية، هذه أولوية لنا جميعاً في هذا البلد.
ذهب الوفد الوطني إلى الرياض برفقة الوفد العماني الذي يقود جهود الوساطة بين اليمن ودول العدوان بقيادة السعودية
السلام هو خيار اليمن فما هو خيار السعودية؟
إن خيار السلام والتقارب الأخوي بين أبناء الأمة لمواجهة المخاطر الكبرى التي تحدق بها هو نهج قرآني ومن ضمن أدبيات المشروع القرآني الذي اطلقه الشهيد القائد السيد حسين بدر الدين الحوثي (رضوان الله عليه) وهو هدف من اهداف ثورة الواحد والعشرين من سبتمبر التي قضت على الوصاية الأمريكية والسعودية وبرغم العدوان السعودي الأمريكي إلا أن قائد الثورة السيد عبد الملك يحفظه الله ظل يكرر دعوته للسلام والتآخي وفي اغلب خطاباته كان دائما ما ينصح النظام السعودي بالجنوح عن غيه وإنهاء عدوانه ولكن جنون العظمة وأوهام المراهقين جعلت بن سعود يواصل جرائمه معتقدا أنه سينتصر وأن أمريكا بيدها شؤون السماوات والأرض..
كما أن المجلس السياسي اليمني منذ تأسس كان دائما ما يركز على حث قوى العدوان على إنها عدوانهم والدخول في مشاورات سلام شامل سلام يحفظ للشعب اليمني كرامته وسيادته وكأن آخر تعليق للرئيس المشاط عندما زار الوفد الوطني والوفد العماني صنعاء قبيل مغادرته إلى الرياض حيث قال: (( إن “السلام كان وما يزال خيارنا الأول”، وأكد أن “استجابة” لوساطة عمان، سيتوجه الوفد الوطني برفقة الوفد العماني إلى الرياض لاستكمال المشاورات مع الجانب السعودي.
كما علق عضو المكتب السياسي للحوثيين، علي القحوم، أن هذه الزيارة تأتي لاستكمال اللقاءات التي تمت في مسقط لأكثر من مرة مع الوفد السعودي وقبلها في صنعاء لفترتين سابقتين، وكذلك زيارة الوفد السعودي خلال شهر رمضان الماضي.
وأشار إلى أن المواضيع التي ستتم مناقشتها في الرياض بجهود ووساطة عمانية ستركز على “الملفات الإنسانية”، وعلى رأسها صرف مرتبات موظفي حكومة الحوثيين غير المعترف بها دوليا عن طريق السلطة اليمنية، إضافة إلى تدشين وجهات جديدة من مطار صنعاء، وإعادة فتح الموانئ والمطارات، وفتح المسارات الإنسانية في الأراضي اليمنية، وإلغاء القيود المفروضة من قبل التحالف الذي تقوده السعودية3.
كذلك ستُناقش ملفات “الأسرى والمعتقلين وخروج القوات الأجنبية وإعادة الإعمار”، وأضاف أن هدف الزيارة عقد جولة مفاوضات والتوصل “لاتفاق نهائي بشأن تفاصيل الملفين الإنساني والاقتصادي”.
وعن طبيعة زيارة الوفد الوطني إلى الرياض علق الناطق الرسمي باسم حكومة الإنقاذ ووزير الإعلام ضيف الله الشامي بقوله في لقاء على قناة الميادين:
أنّ “زيارة الوفد الوطني إلى الرياض هي لإبداء حسن النوايا”.
ولفت إلى أنّ “السعوديين تبلغوا قبل زيارة الوفد الوطني إلى الرياض أن هذه الجولة من المفاوضات التي كانت في مسقط ربما تكون الأخيرة”.وتابع الشامي أنّ “معطيات زيارة ابن سلمان إلى مسقط تشير إلى أنه هو من طلب منها المبادرة بشأن زيارة وفد صنعاء إلى الرياض”، مضيفاً أنّ “السعودية تحاول أن تقدم نفسها وسيطاً في حرب اليمن وهذا لن ينجح لأنها طرف في العدوان”.
وقال الشامي إنّه “لا يمكن القفز فوق القضايا الإنسانية في مفاوضات الرياض والذهاب إلى السياسية أولاً”، مشيراً إلى أنّ “قضية إيقاف الحرب على اليمن هي في أيدي السعودية”.
أخيراً الكرة الآن في معلب النظام السعودي وعليه أن يختار فإن أراد السلام فاليمن جاهز لسلام مشرف يعالج القضايا الإنسانية ويعيد لليمن كرامته جراء الاعتداء عليه بدون أي مبررات.. وإن أراد الحرب فذهاب الوفد الوطني إلى الرياض بمثابة آخر فرصة والشعب اليمني جاهز للحرب وما يزال رجاله الأبطال وقواته المسلحة ولجانه الشعبية مرابطون في متارسهم في الثغور وعلى حدود مملكة بن سعود منتظرين اللحظة الفاصلة لمنازلة نهائية من نظام بن سعود والذي أصبح عبئا على الأمة وعلى المقدسات الإسلامية وبقائه في ظل سياسة الانفتاح والخلاعة والمجون خطراً يهدد قبلة المسلمين ومحج المؤمنين ومدينة رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله)..
وسننتظر ما ستفضي إليه جولة المفاوضات في الرياض ولكل حادثة حديث..