النازحون… أداة التحالف السعودي لتجنُّب «نكسة رهيبة»..!
جدّدت صنعاء مطالبتها الأمم المتحدة بما سمّته «وقف المتاجرة» بمعاناة اليمنيين، والكفّ عن التعامل مع المآسي الناتجة من استمرار العدوان والحصار كأرقام، بهدف حشد المزيد من الأموال. كما طالبت بفتح ممرّ آمن للنازحين في مدينة مأرب، متّهمةً التحالف السعودي ــــ الإماراتي باستهداف مخيّماتهم في جبهات محيط المدينة، ومحمّلةً إيّاه المسؤولية الكاملة عن تداعيات إقحام هذا الملفّ في الصراع.
واتّهمت صنعاء، التي تعيش أسوأ أزمة وقود جرّاء القرصنة السعودية لسفن المشتقات النفطية، على لسان عدد من مسؤوليها، المنظّمة الدولية، بطريقة غير مباشرة، بالمشاركة في مفاقمة الأوضاع الإنسانية في اليمن، مشدّدة على أن الحلّ للأزمة المتفاقمة من عام إلى آخر يتمثّل في وقف العدوان ورفع الحصار وإحلال السلام.
وعلى رغم تحذير «مجلس الشؤون الإنسانية» في صنعاء من مغبّة إقحام مخيّمات النازحين في الصراع، إلا أن القوات الموالية للتحالف وحكومة هادي، عمدت إلى اقتحام مناطق آمنة في مديريتَي رحبة والعبدية جنوب مأرب بموجب اتفاقيات أُبرمت بين قبائلها وسلطة صنعاء.
كما شنّ طيران «التحالف» سلسلة غارات جوية بالقرب من مخيّمَي «الهيال» و»الصوابين» في محيط سدّ مأرب، عقب سيطرة الجيش واللجان الشعبية على تلك المنطقة الواقعة أقصى مديرية صرواح أمس، ما تسبّب بموجة نزوح منها.
وقالت مصادر محلية إن المئات من الأسر النازحة أخلت مخيّماتها أمس، جرّاء استمرار الهجمات الجوّية التي أدّت إلى تضرُّر المخيّمَين ونفوق أعداد كبيرة من المواشي.
ويأتي استهداف مخيّمات النازحين في جبهات مأرب بالتزامن مع دعوات أميركية وفرنسية إلى وقف المواجهات، وذلك على هامش مؤتمر المانحين الذي عقدته الأمم المتحدة أول من أمس لحشد المزيد من الأموال باسم معاناة الشعب اليمني، وحصدت فيه قرابة ملياري دولار من أصل 3.7 مليارات تُمثّل الاحتياجات الإنسانية التي رصدتها الأمم المتحدة للعام الجاري.
وكانت المنظّمة الدولية قد حذّرت، قبل انعقاد المؤتمر الذي شاركت فيه 100 دولة ومنظمة دولية، من كارثة إنسانية في اليمن، لافتة، في تقرير أصدرته أواخر الأسبوع الماضي، إلى أن 16 مليون يمني يعانون الجوع ولا يستطيعون تأمين وجبات كافية لأطفالهم بشكل يومي، وأن خمسة ملايين منهم على شفا المجاعة. لكنها، كالعادة، تجنّبت ذكر السعودية أو تحميلها المسؤولية عن تلك المأساة.
وعلى رغم دأب دول العدوان ورعاتها الغربيين على استعراض دور إنساني مدّعى في اليمن بهدف التملّص من مسؤوليتهم عن الجرائم المرتكَبة في هذا البلد، إلا أن مؤتمر المانحين الأخير خَيّب آمال الأمم المتحدة.
وفي أوّل تعليق لها على تراجع معدّل المِنَح المعلَنة، اعتبرت المنظّمة الدولية أن تقليص المانحين دعمهم لبرامجها الإنسانية يُعدّ بمثابة حكم بإعدام عشرات الآلاف من الأطفال والنساء في اليمن.
يُذكر أن الأمم المتحدة كانت أوّل من بادر إلى تنفيذ قرار إدارة الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب، تصنيف حركة «الحوثي» في قائمة الإرهاب، حيث رفضت رفضاً قاطعاً التدخُّل لدى دول العدوان للإفراج عن سفن الوقود المحتجزة، مبرِّرةً ذلك بسريان قرار التصنيف.
وعلى رغم إلغاء إدارة جو بايدن القرار، لا تزال المنظّمة الدولية ترفض أيّ تدخُّل من هذا النوع، علماً بأن آثار هذه الجريمة طالت كلّ نواحي الحياة، وأضحت تُهدّد الأطفال حديثي الولادة، وعَرّضت الآلاف من المصابين بالفشل الكلوي لخطر الموت جرّاء توقُّف الكثير من مراكز الغسيل.
وخلال الأيام الماضية، تَوقّفت حركة الإمدادات الأساسية من ميناء الحديدة إلى المحافظات، إذ تعطّلت ألفا قاطرة تعمل في نقل الواردات الغذائية من الميناء، جرّاء نفاد جميع احتياطات شركة النفط من مادّتَي البنزين والديزل (السولار). كذلك، حذّرت وزارة الصحة في صنعاء من توقُّف المستشفيات العامة والأهلية جرّاء نفاد الوقود.
رشيد الحداد