المونيتور: السعودية تنفق أموالاً طائلة لتقوية نفوذها في أمريكا وتحسين صورتها
– نشر موقع “المونيتور” الأمريكي تقريراً أشار فيه إلى أن السعودية تنفق ملايين الدولارات سنوياً لتحسين صورتها وتقوية نفوذها في أمريكا.
وكشف التقرير إن الرياض تسعى لترويج سياساتها في أمريكا وسط التوتر الكبير في علاقاتها مع واشنطن والظروف الحرجة التي تمر بها على مستوى المنطقة وملفاتها الساخنة خاصة في سوريا واليمن.
وأضاف الموقع إن السعودية ضاعفت إنفاقها على أنشطة الضغط في واشنطن خلال العام الجاري مقارنة بالعام الماضي للتغلب على المصاعب التي تواجه علاقاتها مع واشنطن والحملات الإعلامية بشأن دورها في أحداث 11 سبتمبر/أيلول 2001، وتداعيات الإتفاق النووي بين إيران والمجموعة السداسية الدولية التي تضم بالإضافة إلى أمريكا كلاً من روسيا والصين وبريطانيا وفرنسا وألمانيا.
وأوضح الموقع الأمريكي إن الرياض رفعت إنفاقها إلى 9.5 مليون دولار مقارنة بـ ـ4.1 مليون دولار العام الماضي، وتعاقدت مع مكتب المحاماة الدولي دي إل بي بايبر (DLP piper) واحتفظت بخدمات “هالي هاربور” لأعمال الضغط بالإضافة إلى شركة العلاقات العامة بي جي آر (BGR).
ووفقاً للتقرير، عملت الرياض مع البيت الأبيض للحد من تداعيات جهود ربط السعودية بهجمات 11 سبتمبر/أيلول. في حين أقر مجلس الشيوخ الأمريكي قانوناً في مايو/أيار الماضي يسمح لعائلات ضحايا هذه الهجمات بمقاضاة الرياض.
وقادت مجموعة كورفيس (Qorvis group) للعلاقات العامة عمليات الضغط لصالح الرياض على مدار السنوات الـ 14 الماضية لمنع الإفراج عن الـ 28 صفحة التي تشير إلى روابط لمسؤولين سعوديين بأحداث 11 سبتمبر/أيلول.
وفي عام 2014، طورت “كورفيس” محتوى حسابات السفارة السعودية في واشنطن على موقعي “تويتر” و”يوتيوب”، كما أدارت حساب ما يسمى “إئتلاف المعارضة السورية” على موقع التواصل الاجتماعي تويتر.
ومع إنحسار جدل يمتد عمره إلى 15 عاماً، نشأ جدل جديد حول الدور السعودي في اليمن، حيث يشير تقرير “المونيتور” إلى أن إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما كانت تدفع سابقاً باتجاه مواصلة إمداد الذخائر للعدوان السعودي على اليمن بالرغم من تصاعد حدّة الانتقادات من قبل الكثير من المنظمات الحقوقية والإنسانية الدولية بشأن أعداد الضحايا اليمنيين خصوصاً في صفوف المدنيين، إلاّ أن المتحدث باسم البنتاغون “آدم ستامب” أشار في مؤتمر صحفي إلى أن تعاون واشنطن مع الرياض بشأن اليمن ليس شيكاً على بياض. وأضاف إن هذا التعاون لا يعني أن الإدارة الأمريكية سوف تمتنع عن التعبير عن قلقها بشأن الحرب في اليمن والطريقة التي يتم شنها بها.
والتوترات بين الرياض وواشنطن حول اليمن ليست سوى جزءاً من المخاوف التي تشعر بها السعودية في الوقت الحاضر، خصوصاً إذا ما أخذنا بنظر الاعتبار القلق الذي تعاني منه بشأن الأزمة السورية وتحديداً مصير الرئيس بشار الأسد الذي سعت للإطاحة بحكومته بشتى الوسائل لاسيّما من خلال دعم الجماعات الإرهابية بالمال والسلاح والسياسة والاعلام، بينما تشعر إدارة أوباما بالقلق إزاء مستقبل سياستها في المنطقة ولهذا باتت تسعى لتعزيز تعاونها مع روسيا الحليف الإستراتيجي للأسد.
وفي جانب آخر منه أشار تقرير “المونيتور” إلى أن دولة الإمارات العربية المتحدة لا تزال تتصدر قائمة المنفقين على أنشطة الضغط في الشرق الأوسط في إطار سعيها لتعزيز موقعها باعتبارها واحدة من أقرب حلفاء أمريكا الإستراتيجيين في المنطقة.
ووفقا للتقرير، أنفقت الإمارات 13.5 مليون دولار خلال العام الماضي على وكلاء النفوذ وخبراء العلاقات العامة في أمريكا، وقد ساعد هذا الإنفاق بالفعل في تدعيم الشراكة الإستراتيجية بين الجانبين.
وتهيمن مجموعة كامستول (Camstoll) على معظم عمليات التأثير والضغط التي قامت بها الإمارات في الآونة الأخيرة بقيمة 6.5 مليون دولار، تليها مجموعة هاربر (Harbour) بواقع 4.5 مليون دولار.
وأظهرت الإمارات على مدى السنوات الثلاث الماضية إهتماماً بشراء أحدث الطائرات المقاتلة الأمريكية من طراز “أف-35” إلاّ أن واشنطن كانت قد أكدت بأنها لن تفعل ذلك قبل أن يقوم الكيان الإسرائيلي بإدماج هذه الطائرات في ترسانته. وقد تم الإتفاق على تسليم هذه الطائرات لكيان الاحتلال في يونيو/حزيران الماضي، ومن المتوقع أن تتم عملية التسليم بحلول نهاية العام الجاري.
وقال التقرير نقلاً عن سجلات وزارة العدل الأمريكية، إن عدداً من أبرز شركات المحاماة والضغط والعلاقات العامة في واشنطن مكلفة حالياً بمهام من قبل مؤسسات حكومة سعودية. وقد كشفت هذه السجلات إن الرياض تعاقدت مع خمس شركات ضغط وعلاقات عامة خلال عام 2015 فقط؛ ما يعكس إهتماماً متصاعداً من الأخيرة بتعزيز علاقاتها مع واشنطن.
وتعمل هذه الشركات على تنسيق الاجتماعات بين رجال أعمال ومسؤولين سعوديين من جهة والإعلام الأمريكي من جهة أخرى، كما تحرص على التشجيع على الإستثمار الأجنبي في السعودية.
في هذا السياق قال “جوش ستيوارت” المتحدث باسم مؤسسة سان لايت (Sunlight Foundation) التي تتتبع تأثير المال على السياسات في أمريكا، إن السعودية تُعد على الدوام واحداً من أكبر اللاعبين عندما يتعلق الأمر بالتأثير الأجنبي في واشطن، ويشمل ذلك بناء علاقات مع الإدارة الأمريكية وجماعات الضغط السياسي.
وفي وقت سابق أشارت صحيفة “واشنطن بوست” إلى أن تزايد التعاقدات السعودية مع شركات الضغط والمحاماة والعلاقات العامة في أمريكا يأتي في وقت تشهد فيه العلاقات السعودية الأمريكية توتراً ملحوظاً، وقد تجلى ذلك في المقابلة التي أجراها باراك أوباما مع مجلة “ذي أتلانتك” الأمريكية؛ حيث إنتقد فيها حليفه السعودي. وجاءت هذه الإنتقادات في أعقاب سنوات من العلاقات المتوترة بين الجانبين خاصة بعد الإتفاق النووي مع إيران، الأمر الذي دفع بالعديد من المسؤولين السعوديين إلى التساؤل حول مكانة بلادهم بالنسبة لواشنطن.
وقد عبّرت مرشحة الحزب الديمقراطي لانتخابات الرئاسة الأمريكية “هيلاري كلينتون” عن مساندتها لمشروع قانون يسمح لعائلات ضحايا أحداث 11 سبتمبر أو أيّ هجمات إرهابية أخرى بمقاضاة حكومات أجنبية مثل السعودية. وكرد فعل، هددت الأخيرة ببيع أسهمها في أمريكا والتي تقدر بحوالي 750 مليار دولار؛ وذلك في حال تمّت الموافقة على القانون. ومن غير الواضح ما إذا ستقوم مجموعات الضغط وشركات العلاقات العامة بالتأثير على أعضاء الكونغرس في ما يتعلق بمشروع القانون.