المواجهة اليمنية مع الولايات المتحدة الأمريكي من منظور مركز باكو المتخصص في التحليل الاستراتيجي للأحداث والعمليات الدولية

سلط مركز باكو المتخصص في التحليل الاستراتيجي للأحداث والعمليات الدولية على الحرب الأمريكية التي يقودها ترامب على اليمن والتحديات التي تواجها مفنداَ مزاعم ترامب بتحقيق انتصار وكذلك تطرق إلى علاقة صنعاء مع طهران والترسانة العسكرية اليمنية وأورد المركز في تحليل له نماذج للفشل مي مواجهة اليمنيين ” صحيفة الحقيقة ” ترجمة أبرز ما ورد في التحليل

مزاعم ينفيها الواقع

في مارس 2025، استأنفت القوات الجوية الأمريكية غاراتها الجوية ضد اليمن ولم يُضِع الرئيس الجديد دونالد ترامب أي وقت، مُشيدًا بالضربات ووصفها بأنها “أفضل بكثير من المتوقع”، لكن وراء هذا الخطاب المُتغطرس، تكمن حقيقة أكثر إثارة للقلق وتعقيدًا فمزاعم ترامب بتحقيق انتصارات في اليمن مشيراً إلى إن الوقائع تثبت العكس فالهجمات لم تحقق أهدافها بل تحولت إلى استنزاف مقلق مخيف لوزارة الدفاع الأمريكية

اليمنين مستقلين وملوك
وحول العلاقة مع إيران يقول المركز المركز المختص في التحليل الاستراتيجي إن اليمنيين يثبتوا كل مرة إنهم ملوك وليس كما يصورهم خصومهم بل ويثبتوا بالفعل أنهم أكثر استقلالية وقوتهم أكثر فتكًا من قوات طهران النظامية مشيراً إلى إن واشنطن تخاطر بالتقليل من شأن اليمنيين بشكل كبير بوصفهم مدعومين من ايران لكن الحقيقة انهم أصبحوا لاعبين جيوسياسيين جادين، وتجاهلهم الآن قد يكون خطأً فادحًا في التقدير

الترسانة العسكرية “
قال المركز إن الأمر الأكثر إثارة للدهشة هو موهبة اليمنيين الجديدة في بناء آلتهم العسكرية الصناعية الخاصة
الطائرات المسيرة
أشار المركز إلى إن الطائرات اليمنية المسيرة – والتي تُستخدم بلا هوادة لضرب المنشآت العسكرية اعتمدت على محركات الاحتراق الداخلي التقليدي مما ضاعف من قوتها وطول مداها كما أنها تمكنت من التحفي عن أنظمة الدفاع الجوي ووحدات مكافحة الطائرات المسيرة المتخصصة مضيفاً إن الطائرات المسيرة الجديدة لا تترك أي أثر حراري تقريبًا، ولا تُصدر سوى صوت خافت وهو ما يجعل إجراءات التصدي التقليدية عديمة الفائدة.
وبحسب المركز فإن من أكبر مشاكل المنطقة حاليًا هو الحجم الهائل لبرنامج الطائرات المسيرة لليمنيين. فبالنسبة لهم، لا تُعدّ الطائرات المسيرة مجرد دعم تكتيكي، بل أصبحت محورًا لاستراتيجيتهم بأكملها، مُغيّرةً موازين القوى جذريًا. وقد انتبهت القوى العالمية الكبرى لذلك، وبدأت تُعامل الحوثيين كمنافسين أقوياء.

الصواريخ الباليستية
أكد المركز إن اليمن أتقن دورة إنتاج الصواريخ الباليستية بأكملها والاستخبارات الأمريكية تُقر بأن البنية التحتية لأسلحة الحوثيين مخفية ومتفرقة ومتجذرة بعمق، لدرجة أن محاولات القضاء عليها أثبتت صعوبتها البالغة، بل وفشلها التام
وذكر المركز : كان اليمن هو أول من أظهر في الشرق الأوسط الإمكانات الحقيقية لحرب الطائرات المسيرة، محطمين بذلك أوهام منظومات الدفاع الجوي المتطورة بأنها لا تُقهر

قلق وخوف البنتاجون
ووفق المركز فالعمليات العسكرية اليمنية النشطة ذات الفعالية العالية على البحرية الأمريكية اقلقت وازعجت البنتاغون فمقابل كل طائرة مُسيّرة رخيصة يطلقها اليمن، والتي لا تتجاوز تكلفتها بضعة آلاف من الدولارات، يُجبر الجيش الأمريكي على إطلاق صواريخ اعتراضية بملايين الدولارات
وتابع المركز : لقد حوّل اليمنيون أسطولًا من الطائرات المُسيّرة الرخيصة إلى سلاح يُستنزف ميزانية الدفاع الأمريكية التي تبلغ مليارات الدولارات بأسلوب بارع

مدرسة عسكرية بارعة
المركز قال إن التكتيكات العسكرية اليمنية كانت خطيرة وجديدة وبلغ الأمر من الخطورة حدًا دفع مشاة البحرية الأمريكية إلى دراسة تكتيكات اليمنيين  كنموذج لكيفية خوض أمريكا حربًا ضد الصين في أي صراع مستقبلي بالمحيط الهادئ.

أشد مواجهة للبحرية الأمريكية منذ الحرب العالمية الثانية

المركز قال إن  المحللون العسكريون وصفوا  المواجهة المتصاعدة بين الولايات المتحدة واليمن بأنها أشد مواجهة للبحرية الأمريكية منذ الحرب العالمية الثانية. وقد أقرّ كبار القادة علنًا بأنهم قللوا من شأن حجم التهديد الصاروخي والطائرات المسيرة الذي يشكله المتمردون ومدى فتكه. فكل طائرة حوثية مسيّرة رخيصة تُدمرها صواريخ الاعتراض الأمريكية تُكلّف مئات – وأحيانًا آلاف – أضعاف تكلفة الطائرة نفسها، مما يُعطي المتمردين، دون قصد، زمام المبادرة الاستراتيجية

نموذج للفشل
المركز أورد نماذج للفشل في مواجهة اليمن كحرب السعودية وشركائها الذين شنوا حرب بدأت في العام  ٢٠١٥م،والتي تحولت إلى مستنقع مستوحى من حرب فيتنام الأمريكية ورغم تفوق التحالف السعودي  الهائل في القوى البشرية والمال والمعدات العسكرية، خسرت الرياض الحرب فعليًا بينما كان ولي العهد الأمير محمد بن سلمان يريد ان تكون استعراضاً للقوة وأصبحت اليمن دولة  لها اقتصادها وميزانيتها  وقد اعترفت القوى العالمية الكبرى بنفوذها

إنجازات حطمت أوهام منظومات الدفاع الجوي المتطورة بأنها لا تُقهر
المركز أكد إن اليمن هو أول من أظهر في الشرق الأوسط الإمكانات الحقيقية لحرب الطائرات المسيرة، محطمين بذلك أوهام منظومات الدفاع الجوي المتطورة بأنها لا تُقهر
– هل تذكرون هجوم سبتمبر 2019 على موانئ النفط السعودية؟ لم يكن الأمر محرجًا فحسب، بل أظهر أيضًا أنه حتى بطاريات الباتريوت الأمريكية المتطورة يمكن التفوق عليها بذكاء.
– عندما أطلقوا قاربًا مسيرًا انتحاريًا على فرقاطة سعودية، عرّف اليمنيين العالم على نوع جديد ومرعب من التهديد غير المتكافئ. من الواضح أن حرب اليمن تُعيد صياغة قواعد اللعبة في كيفية تطور الصراعات الحديثة.

نجاح أي عدوان على اليمن غير مضمون
المركز خلص في تحليله إن شن أي عدوان على اليمن لن يكون النجاح فيه مضمون حتى لقوة عسكرية عظمى كالولايات المتحدة. فقد أثبت الحوثيون مرارًا وتكرارًا قدرتهم الخارقة على تحدي المنطق التقليدي في ساحة المعركة. فبينما أنفقت السعودية والإمارات مليارات الدولارات على المعدات العسكرية الغربية المتطورة، حافظ الحوثيون على صمودهم باستمرار، وأحيانًا بأسلحة بالكاد تتفوق على بنادق الحرب العالمية

خيارين أمام ترامب

وتوصل المركز  في تحليله إلى إن ترامب يواجه خيارين حاسمين:
الأول : إن يسمح للصراع بأن يصبح حربًا لا نهاية لها تستنزف الكنوز الأمريكية،
الثاني : اعلان نصر سريع بعد غارات جوية مكثفة رفيعة المستوى وينسحب، مستغلًا الدعم الإعلامي. بمعرفة شخصية ترامب وغرائزه،
ورأى المركز إن الخيار الثاني أكثر ترجيحًا. فهو لا يصبر على الصراعات الطويلة والفوضوية، مفضلًا انتصارات قصيرة ودراماتيكية وجذابة.
المركز أكد إن ترامب يسير على خطى أسلافه الذين شنّوا حروبًا قصيرة و”سهلة” بثقة، ليجد أمريكا غارقة في معارك وحشية استمرت عقودًا دون طريق واضح للنصر.

قد يعجبك ايضا